استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

موت الرئيس السابق محمد مرسي

الخميس 27 يونيو 2019 12:06 م

موت الرئيس السابق محمد مرسي

أثارت وفاة الرئيس مرسي كل الموضوعات وكأنه ما زال في حلبة السياسة والحكم.

الخوف من الرئيس السابق مرسي واثره ما زال يمثل قلقاً للنظام السياسي في مصر.

ارتقى الرئيس مرسي لمستوى الحدث وفاق في سلوكه وثبات موقفه كل التوقعات بما فيها توقعات قادة الجيش.

بوفاة مرسي عادت كل القضايا إلى بداياتها الأولى، وصعدت إلى الواجهة جميع المسائل التي ستحكم المرحلة القادمة.

مصر ما زالت تعيد إنتاج ما كان قائما قبل ثورة 2011 ودور الجيش في الحياة السياسية ليس مفتاح الحل لمصر.

*     *     *

سقط خبر موت الرئيس السابق محمد مرسي كالصاعقة على الكثير من الناس بمن فيهم من لم يكونوا من مدرسته السياسية. موته المفاجئ لحظة محاكمته وبعد سجن إنفرادي إستمر لست سنوات أحزن الكثير من الناس. أُزيح الرئيس مرسي المنتخب ديمقراطيا عام 2012 بالقوة وذلك من خلال تدخل الجيش في الحياة السياسية في 2013.

بموت الرئيس مرسي تطرح الكثير من الأسئلة. كيف يترك رئيس سابق بلا علاج حقيقي وهو مصاب بعدة أمراض من أهمها السكري؟ بل وكيف تصل سيارة الاسعاف بعد 20 دقيقة من سقوطه في المحكمة؟

هل هذه هي مصر الجديدة التي وعد بها من حل مكانه؟ ألا يعكس ذلك مدى الإهمال في التعامل مع السجناء السياسيين في مصر؟

اليوم في مصر هناك عشرات الألوف من السجناء بينما عدد منهم من كبار السن ممن لم يقوموا بأي عمل سوى التصريح والتعبير عن الرأي كعبد المنعم أبو الفتوح وهو قائد حزب سياسي معروف، وسامي عنان رئيس الاركان السابق، وهشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات.

غير المألوف في هذه المحاكمة، أن يكون رئيس للجمهورية متهماً بالتخابر مع دولة عربية ومع حركة سياسية تحكم قطاع غزة وترمز للقضية الفلسطينية كحماس. تلك المحاكمة والتهم بدت من عالم الخيال. فكل الرؤساء يتواصلون بكل ما له مصلحة ببرنامجهم وبكل ما يرتبط بأمن وطنهم.

ربما لو تعاون الرئيس مرسي مع الانقلاب لحظة وقوعه لعاش حياة مختلفة بلا دور سياسي، ولربما عاش في منزله في ظل إقامة جبرية، لكنه لو فعل ذلك للاقى نفس مصير الرئيس السابق محمد نجيب الذي عُزل عام 1954 ووضع قيد الاقامة الجبرية في ظروف صعبة وقاسية.

لقد تصرف الرئيس مرسي كرئيس لدولة بحجم مصر، بل بيّن لنا سلوكه أنه أراد تثبيت فكرة «الشرعية» والدستورية في الوعي المصري، وأن هذه الشرعية الانتخابية سيحين وقتها ولو بعد زمن كما عرفتها دول وحضارات أخرى.

بكل ما حصل لقد ارتقى الرئيس مرسي لمستوى الحدث وفاق في سلوكه وثبات موقفه كل التوقعات بما فيها توقعات قادة الجيش.

لقد مرّ رؤساء أخرون بما مرّ به الرئيس مرسي. ففي السجن أُعدم الرئيس التركي عدنان مندريس شنقاً عام 1960 بعد انقلاب الجيش عليه، وقد أعيد تأهيل ذكرى مندريس في السنوات القليلة الماضية بفضل الانتقال الديمقراطي الذي ميّز التجربة التركية.

وقد قام الرئيس حافظ الأسد بعد أن قام بإنقلاب عام 1970 بسجن الرئيس السوري د. نور الدين الأتاسي مدى الحياة. الرئيس الاتاسي عاش قساوة السجن وفي عزلة تامة وغرفة منفردة من العام 1970 حتى العام 1992. ولم يُخرج الأسد الرئيس الاتاسي من السجن إلا بعد إصابة الأتاسي بالسرطان القاتل وقبل شهور من موته.  

من جهة أخرى قاتل الرئيس التشيلي سلفادور ألليندي (أيِّندي) من أجل دستورية الرئاسة والانتخابات في مواجهة إنقلاب دموي عسكري، واستمر في القتال دفاعا عن القصر الجمهوري إلى أن سقط برصاص جيشه في سبتمبر/أيلول 1973.

الخوف من الرئيس السابق مرسي واثره ما زال يمثل قلقاً للنظام السياسي في مصر. بل لو لم يكن موت الرئيس يمثل قلقاً لسمح النظام بدفن مشرف، و لكان النظام أذن بأن يدفن في بلدته كما جاء في وصية مرسي.

لقد أصر النظام أن يدفن الرئيس السابق في مقابر الإخوان المسلمين ليخرجه من دائره مصر والمصريين وليجعل دفنه وموته مرتبطاً بجماعة سياسية محظورة أو طائفة دينية ليست من الشعب.

إن الشروط القاسية على الجنازة بحيث لا يتعدى عدد المشاركين بضعة أفراد من أسرته تعكس مدى خوف الدولة من مرسي ميتاً. لكن إن كان لي من رهان، سيأتي وقت يعاد تأهيل الرئيس مرسي، وتنفذ وصيته ويدفن بكل ما له من قيمة تاريخية وانسانية وسياسية.

بموت الرئيس مرسي سقط شعار عودة الشرعية التي أزيحت بانقلاب. بل كان ذلك شعاراً يصعب جمع معظم المصريين حوله. لا بد للحركة الوطنية المصرية بما فيها التيار الاسلامي من الانخراط في المسار الإصلاحي الذي أنتج ثورة كبيرة بحجم ثورة 2011.

وما زالت أهداف المرحلة في نيل الحرية والعدالة الإجتماعية والعيش الكريم مفصلية. إن السعي لبناء حريات حقيقية والتداول على السلطة وتنمية جادة للاقتصاد وتخفيف الهوة بين الفقراء والأغنياء ومواجهة الفساد تتطلب توافقاً.

وهذا كله لن يقع أبداً بلا جبهة وطنية عريضة ينضم اليها الكثير ممن أيدوا ثورة 2011 والكثير ممن أيدوا حركة 30 يونيو/حزيران.

وانتبهوا الآن أن مصر ما زالت تعيد إنتاج ما كان قائما قبل 2011. إن دور الجيش في الحياة السياسية ليس مفتاح الحل لمصر ومستقبلها، فالتطور الطبيعي سيتطلب معادلات مختلفة كتلك التي نشأت في تركيا والتي يتنافس فيها أكثر من تيار وحزب ووجهة نظر.

لقد أثارت وفاة الرئيس مرسي كل الموضوعات وكأنه ما زال في حلبة السياسة والحكم. بموته عادت كل القضايا لبداياتها الأولى، وصعدت إلى الواجهة جميع المسائل التي ستتحكم بالمرحلة القادمة.

* د. شفيق ناظم الغبرا أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

نجل مرسي يرثي والده في ذكرى ثورة 25 يناير.. ماذا قال؟