الإيرانيون يشعرون بتفاقم الضغوط الاقتصادية للعقوبات ويأملون بتجاوز المحنة

الخميس 27 يونيو 2019 12:06 م

ترك "مهدي بختيار" (26 عامًا) مدينته تبريز الواقعة في شمال غربي إيران، وانتقل للعيش منذ بداية العام الماضي في العاصمة طهران، وذلك لإتمام دراسته في كلية الهندسة.

وبدأ "بختيار" العمل بدوام جزئي في شركة استشارات، لتأمين تكاليف دراسته ومصاريف الحياة الباهظة.

كان هذا قبل أن ينسحب الرئيس الأمريكي، "دونالد ترامب"، في مايو/أيار 2018، من الاتفاق النووي، الذي أبرمته إيران مع ست دول عام 2015، ويعيد فرض عقوبات اقتصادية هي الأقسى على طهران.

لم يكن ترك تبريز والانتقال إلى مدينة كبيرة بالأمر السهل على "بختيار"، لكن الوضع زاد سوءا، إذ فُرضت العقوبات الاقتصادية بعد شهرين من استئجاره شقة في طهران وبدء الدراسة، وفي ظل عمله بدوام جزئي.

فبعد إعادة فرض العقوبات دخل الاقتصاد الإيراني في حالة ركود، وفقدت العملة المحلية قيمتها بشكل حاد، وانخفضت الأجور، وزاد التضخم. ولم يكن "بختيار" مستعدًا لكل هذا، إذ بدأت مصاريفه بالزيادة وأجره بالنقصان.

ووصف الشاب الإيراني وضعه في مقابلة قال فيها "كانت الأمور غير متوقعة تمامًا. لم أعلم كيف أتعامل مع الوضع، ولم أكن أريد أن أطلب مساعدة مادية من والدي".

 وأضاف "كان هدفي من القدوم إلى طهران هو أن أحقق استقلالي الذاتي، لكن الواقع صدمني".

ومع مرور عام على انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، واستمرار العقوبات الأمريكية، خفضت طهران في مايو/أيار الماضي بعض التزاماتها بموجب الاتفاق، الذي فرض قيودًا على برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الغربية.

وفيما يخص تاريخ إيران مع العقوبات، قال "مهدي محمد"، وهو أستاذ جامعي ومؤرخ، إن إيران خضعت لعقوبات اقتصادية منذ الثورة الإسلامية، عام 1979، لكن "هذه المرة، الأمريكان يستخدمون أقصى درجات الضغط، وهو ما يعني احتمال نشوب حرب".

ومع تصاعد التوتر في منطقة الشرق الأوسط بين الولايات المتحدة وحلفاء خليجيين لها، وخاصة السعودية والإمارات، من جهة، وبين إيران من جهة أخرى، أعلنت واشنطن عن إرسال مزيد من القوات والسفن الحربية إلى المنطقة.

وأقر الرئيس الإيراني "حسن روحاني" الشهر الماضي بأن إيران تواجه ضغوطًا "غير مسبوقة" بسبب العقوبات التي أدت إلى "أوضاع اقتصادية أسوأ من تلك التي عاشتها إيران خلال الحرب مع العراق بين 1980 و1988".

وإضافة إلى العقوبات الاقتصادية التي تستنزف الاقتصاد الإيراني، ألغت واشنطن إعفاءات أقرتها لعدد من الدول سمحت لها بشراء النفط الإيراني دون أن تواجه هي الأخرى عقوبات، ما قطع عن طهران مصدر التمويل الأساسي.

هذه المرة، بدأت جميع فئات الشعب الإيراني تشعر بنار العقوبات وتداعياتها على أوضاعهم المعيشية.

وقال "حسين علي زاده"، أحد تجار طهران "انخفضت قيمة الريال أربعة أضعاف عما كانت عليه قبل عام، وارتفعت الأسعار بشكل جنوني".

وتابع "حتى السلع الرئيسية والأدوية التي تعتمد عليها حياة البشر أصبحت باهظة الثمن، ما يثبت أن الحرب الاقتصادية ليست موجهة ضد النظام، وإنما ضد الشعب".

وقال أيضا إن تجارته تأثرت بالعقوبات بشكل كبير، خلال السنة الماضية، وخسر الملايين.

واستطرد "الشعب الإيراني لا يريد حربًا مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك وقعت حكومتنا الاتفاق النووي والتزمت به رغم انسحاب ترامب منه من طرف واحد".

وشاطر العديد من الإيرانيين "علي زاده" رأيه هذا، ويعربون عن رغبتهم في انتهاء "العقوبات القاسية"، لكنهم في الوقت نفسه يؤكدون تحديهم لها.

وتأمل واشنطن أن تجبر إيران على إعادة التفاوض بشأن برنامجها النووي، إضافة إلى برنامجها الصاروخي، وهو ما ترفضه طهران حتى الآن.

وأطلقت مجموعة من الشباب الإيرانيين حملة على شبكة الإنترنت تدعو الأمين العام للأمم المتحدة، "أنطونيو غوتيريش" إلى التدخل لمعالجة الوضع الراهن.

وتسعى الحملة إلى زيادة الوعي بآثار العقوبات على حياة "الإيرانيين البسطاء"، عبر استخدام منصات التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ #أوقفوا-العقوبات-الاقتصادية.

وقال الناشط "توراج صبري واند"، مُطلق الحملة في مقابلة "هذه العقوبات تمس حياة الإيرانيين البسطاء أكثر من أي فئة أخرى، مما يعرض أمن المنطقة للخطر، ويزيد الفقر، وعدم الأمان، والهجرة، والحرب".

لكن رغم العقوبات الشديدة، لم يفقد الإيرانيون الأمل. فقد قال "محمد حنيفي"، وهو طالب وباحث في جامعة طهران "أقول لنفسي باستمرار إن هذه المحنة ستمر، والضربة التي لا تقتلك تقويك".

وأضاف "فرص ترامب بالنجاح في الانتخابات المقبلة (2020) ضئيلة، نأمل أن تكون سياسة الإدارة الجديدة أكثر عقلانية، بدلًا عن سياسة التهديد والوعيد".

أما المحلل السياسي "ابن الحسان" فإنه يرى أنه "بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وفشل دول أوروبا بالإيفاء بتعهداتها، لم يعد أمام إيران خيارات كثيرة".

ويضيف "بعد تصريحات علي خامنئي بأنه لن تكون هناك حرب، وأن إيران لن تقدم تنازلات، ازدادت عزيمة الشعب صلابة وسنتجاوز هذه المحنة".

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

ما مصير خطط الربط الحديدي بين إيران والعراق وسوريا؟