لماذا لا يكفي الاقتصاد لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟

السبت 29 يونيو 2019 04:06 ص

عندما شاهدت ورشة البحرين "الازدهار من أجل السلام" الأسبوع الماضي، تذكرت اليوم الذي وصلت فيه إلى (إسرائيل) قبل 20 عاما لتولي منصبي كمدير لبرنامج مساعدة الحكومة الأمريكية للفلسطينيين. لقد كان وقتا مثيرا للأمل حيث كان كلا الاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي ينمو بسرعة، وكان الوضع الأمني ​​هادئا. وقبل عدة أشهر، كانت الولايات المتحدة قد توسطت في اتفاقية "واي ريفر"، التي تنص على المزيد من عمليات إعادة الانتشار الإسرائيلي في الضفة الغربية، ويبدو أنها مهدت الطريق للدفع النهائي لحل القضايا العالقة. وسعيا لتعزيز هذا الاتفاق، خصص الكونغرس 400 مليون دولار على مدى 3 أعوام لاستكمال برنامج المساعدات الفلسطينية السنوي البالغ حجمه 75 مليون دولار.

ومن خلال الأموال الإضافية، تم تكليف بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بتصميم سلسلة من مشاريع البنية التحتية الكبرى، ومنها طريق سريع يربط بين جنين ونابلس في شمال الضفة الغربية، ومحطة لتحلية المياه ونقلها في غزة، ومحطة لمعالجة المياه في الخليل، ومنطقة صناعية تكنولوجية في طولكرم، مع الاستمرار في بذل الجهود لبناء مؤسسات الحكم الفلسطينية. وكان الهدف هو التأكد من أن تكون فلسطين مستعدة اقتصاديا وسياسيا للمرحلة التالية من تنفيذ اتفاقيات أوسلو، وتتلخص في إقامة دولة فلسطينية مستقلة. ومع ذلك، فقد توقفت تلك الخطط. وفي أعقاب قمة فاشلة في كامب ديفيد، اندلعت الانتفاضة الثانية، وأفسدت الشعور الذي كان سائدا بالأمن النسبي.

وحتى مع اندلاع العنف في البداية، كان صناع السياسة في الولايات المتحدة يعتقدون أن الفلسطينيين لن يكونوا مستعدين للتضحية بمكاسبهم الاقتصادية وطموحاتهم التي حققوها بشق الأنفس من خلال لعب ورقة العنف. وفقط عندما استمر العنف لعدة أشهر، قبلت الولايات المتحدة فكرة أن التقدم الاقتصادي وحده لا يمكن أن يحقق الاستقرار في المنطقة دون تقدم سياسي. وفي يونيو/حزيران 2002، بعد 9 أشهر تقريبا من اندلاع العنف لأول مرة، أوضح الرئيس "بوش" التزام الولايات المتحدة بالعمل على حل الدولتين وضاعفت الولايات المتحدة جهودها للضغط من أجل الإصلاح السياسي في الأراضي الفلسطينية.

وتم تشكيل سلسلة من فرق العمل، وتم وضع معايير دقيقة لقياس التقدم. وعندما عين الفلسطينيون "سلام فياض"، وهو مسؤول محترم في صندوق النقد الدولي، وزيرا للمالية، بدأت الولايات المتحدة في تقديم مساعدة للميزانية التابعة للسلطة الفلسطينية، بدلا من الاعتماد حصريا على المقاولين والمانحين لتنفيذ برنامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. وفي النهاية، فقدت الانتفاضة قوتها، وتوفي "ياسر عرفات" السلطة، وبدأت الولايات المتحدة برنامج تدريبي للأمن الفلسطيني، ونما برنامج المساعدة مرة أخرى بشكل كبير.

ويميل النقاد، بمن فيهم كبار المسؤولين في إدارة "ترامب" إلى التقليل من تأثير المساعدات الحكومية الأمريكية مستشهدين بضعف نمو الاقتصاد الفلسطيني وبالفساد وانعدام الكفاءة السائدين في المؤسسات الفلسطينية.

وفي الواقع، لقد تم إنجاز الكثير على المستويات المحلية. ولدى المجتمع الفلسطيني مدارس وعيادات صحية ومراكز مجتمعية وقدرات تكنولوجية أفضل نتيجة للبرامج الممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وغيرها من الجهات المانحة. وينبغي على الولايات المتحدة أن تفخر بهذه الإنجازات، مع إدراكها أن الإصلاحات الاقتصادية في فلسطين، كما هو الحال في كل دولة أخرى تعمل فيها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لن تحقق التحول المنشود الذي يهدف له أساسا برنامج المساعدة.

وتصطدم هذه النجاحات المحلية بالقيود الضيقة التي تفرضها الحدود المغلقة والضوابط المفروضة على حركة الناس والبضائع داخل الضفة الغربية وبين الضفة الغربية وغزة، واعتماد المناطق الفلسطينية على (إسرائيل) للحصول على الطاقة والمياه والخدمات الأساسية الأخرى. ومع ذلك، لضمان العوائد المطلوبة من الاستثمارات الاقتصادية، سواء من الحكومات المانحة أو من القطاع الخاص، من المهم التفكير والعمل على الشق السياسي أيضا. وفي السياق الفلسطيني، يعني هذا الاعتراف منذ البداية بالأسباب السياسية الكامنة وراء النزاع، والنظر في أساليب حلها. ويعد أحد الدروس المستفادة خلال الـ25 عاما الماضية هو أن النهج الاقتصادي لن ينجح وحده المشاكل بكل بساطة.

ويدعي منظمو "ورشة البحرين" فهم الحاجة إلى عنصر "سياسي"، لكنهم أجلوا الكشف عن هذا الجانب من خطتهم إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية. ولا يعكس هذا التأخير أكثر من رغبة في دعم الطموحات السياسية لرئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو". ويجب أن يطالب الإسرائيليون "بإظهار الخطة" ليتمكنوا من اتخاذ قرار مستنير في الانتخابات القادمة بناءً على كيفية استجابة العديد من الأحزاب لمقترحات إدارة "ترامب". وبدلا من ذلك، تخشى الإدارة من أنيؤدي الكشف عن بعض التنازلات الإسرائيلية القليلة في الخطة إلى تقليل فرص "نتنياهو" الانتخابية.

وعلى الرغم من أنه من غير المرجح أن تحقق "ورشة البحرين" التوقعات المرتبطة بـ "أوسلو" منذ ربع قرن، إلا أن التمكن من اجتماع في عاصمة عربية لمناقشة الاستثمارات في الاقتصاد الفلسطيني لا يعد خطوة سيئة تماما، شريطة ألا يعتقد منظمو المؤتمر أن الأموال وحدها يمكن أن تحل صراعا طويل الأمد دون أن ترافقها خطة سياسية واضحة وعادلة.

  • المقال المنشور يعبر عن رأي كاتبه

المصدر | لاري غاربر - لوب لوغ

  كلمات مفتاحية