لوموند: مدينة السيسي سراب قيد الإنشاء وقد تنهار بعد وفاته

الأربعاء 3 يوليو 2019 09:07 ص

وصفت صحيفة "لوموند" الفرنسية مشروع إقامة عاصمة جديدة لمصر في الصحراء شرقي القاهرة، أو ما يعرف بمدينة "السيسي" بأنه سراب قيد الإنشاء، مشيرة إلى أن معظم المدن التي أنشأها الرؤساء انهارت بعد وفاتهم.

وذكرت الصحيفة أن التكلفة الباهظة (58 مليار دولار) للمشروع، الذي أطلقه الرئيس "عبدالفتاح السيسي" عام 2015 بعد عام من انتخابه أول مرة، تأتي في ظل أزمة اقتصادية ماحقة تمر بها مصر، كما أن التصميم الأمني المبالغ فيه يثير الجدل حول المشروع.

وقالت إن المشروع الذي تريد الحكومة من خلاله إدارة شؤون البلاد بدءا من منتصف 2020، لم يكتمل فيه حتى الآن سوى مسجد الفتاح العليم، وكاتدرائية ميلاد المسيح القبطية الكبرى في البلاد، الأمر الذي اضطر الحكومة لتأجيل خطة الانتقال.

وذكرت الصحيفة أنه بعد فسخ التعاقد مع شركة إماراتية، أصبح الجيش -المقاول الرئيسي لمشاريع "السيسي" الضخمة- هو الجهة القائمة على تنفيذ المشروع.

ولفتت إلى أن مسألة جمع المال لتنفيذ هذا المشروع تعد من أبرز الصعوبات التي تواجه المشروع، بجانب عزوف الجهات الدولية المانحة، بسبب وجود الجيش وعدم وجود ضمانات للتمويل، مشيرة إلى أنه بالرغم من ذلك تجري أعمال البناء بالفعل من قبل المقاولين المصريين تحت قيادة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

وقالت الصحيفة إن القصر الرئاسي -الذي لا يمكن الوصول إليه لأسباب أمنية- ينبغي أن يكون منتهيا، لكن مباني المجمع الحكومي التي تشمل البرلمان وحوالي 30 وزارة، باستثناء مباني الدفاع والداخلية التي بنيت خارج الولاية القضائية للمدينة، بدأت تتشكل ببطء.

ونوهت الصحيفة إلى تأجيل نقل الموظفين الذي كان من المقرر إجراؤه في منتصف عام 2019 رسميا حتى نهاية عام.

وأشارت إلى أن التحدي لجعل هذه العاصمة مدينة كاملة تضم 6.5 مليون نسمة محفوف بالمخاطر، إذ تم تخطيط الإسكان نظريا من أجل تخصيص 35% من المساكن للطبقات الغنية و50% للطبقة المتوسطة و15% لذوي الدخل المنخفض، لكن الأسعار المعلن عنها من قبل المطورين لا تزال بعيدة عن متناول الغالبية العظمى من المصريين، حيث يبلغ سعر الشقة الصغيرة (120 مترا مربعا) 69 ألف يورو.

ونتيجة لذلك، ترى الصحيفة أن موظفي العاصمة الجديدة لن يستطيعوا الإقامة فيها، وبالتالي سيضطرون إلى السفر مسافات طويلة بالسيارة تزيد على ستين كيلومترا من وسط القاهرة إلى أعمالهم.

وسيتم بناء خط حديدي كهربائي بواسطة شركتين صينيتين بنهاية عام 2020 للوصول إلى نهاية الخط الثالث من مترو القاهرة السلام، كما تم إطلاق دعوة لإنشاء أول خط قطار فائق السرعة يربط العين السخنة على البحر الأحمر بالعلمين الجديدة على البحر المتوسط من خلال العاصمة الجديدة.

ومع ذلك -بحسب دبلوماسي- لم يوضع أي تصور لشبكة النقل العام داخل "مدينة السيسي"، ومن دون سيارة لا يمكن التنقل.

وقالت الصحيفة إن أحد الممثلين الاقتصاديين الفرنسيين قد ذهل أثناء زيارة للعاصمة الجديدة عام 2017، حين لم يجد أي رد على اقتراحه خطة تنقل حضري مستدام لوزارة الإسكان، لأنهم ليست لديهم خطة بشأن هذا الأمر.

مشروع أمني

وقال أستاذ العلوم السياسية "حسن نافعة" إنه "لا شفافية، لا نعرف من أين تأتي الأموال، إنه لأمر مدهش أن تذهب من دون دراسة جدوى، هذا مشروع سخيف، خاصة في وقت الأزمات التي نحتاج فيها إلى كل دولار".

وأضاف رجل الأعمال "هشام عوف": "إن ضخامة الموقع على غرار مدن دول الخليج ليس مقبولا لدى الجميع"، ويتساءل: "لماذا بناء أكبر برج في أفريقيا؟ أكبر كاتدرائية؟ إن مثل هذا يصلح لإمارة أعمال كدبي صغيرة وبلا تاريخ، أما في مصر فلا معنى لذلك".

وتابع "عوف" قائلا: "يعتقد الذين ينتقدون المشروع أنه تم تصميمه لمنع سيناريو ثورة 2011 من الحدوث مرة أخرى، وذلك بوضع جميع الوزارات في مكان معزول تحت حماية الجيش، لقد صُمم هذا المشروع برؤية أمنية وليس لصالح الناس".

وعلقت الصحيفة بأن البعض يشبه العاصمة الجديدة بـ"المنطقة الخضراء" في بغداد، والتي تعد منذ الغزو الأمريكي عام 2003 موطنا للسفارات الأجنبية والمباني الحكومية، وهي بمثابة شرنقة آمنة مصممة لإبعاد المركز عن أيدي الجماهير والتهديد المسلح.

وقالت الباحثة في مركز كارنيغي للفكر الأمريكي، "ميشيل دن"، إن بناء العاصمة المصرية الجديدة نوع من إعادة بناء جدار الخوف الذي يفصل المواطنين والدولة، اهتدى إليه الرئيس "السيسي".

وفي النهاية تساءلت الصحيفة: هل سينتهي بناء هذه المدينة ذات يوم؟ خاصة أن "معظم المدن التي أنشأها الرؤساء قد انهارت عند وفاتهم"، كما يلاحظ "هشام عوف"، مضيفا أن اكتمال المدن الجديدة يستغرق وقتا طويلا.

ويقول المخطط الحضري، "ديفيد سيمز"، مؤلف كتاب "أحلام الصحراء المصرية" عام 2015، إن العشرين مدينة مصرية الجديدة التي أقيمت منذ سبعينات القرن الماضي قد فشلت، إذ لم يتجاوز عدد السكان فيها 1.6 مليون من العدد المستهدف البالغ 20.5 مليون.

المصدر | الخليج الجديد+متابعات

  كلمات مفتاحية