التراث في اليمن ... أبرز ضحايا الحرب

الأربعاء 17 يونيو 2015 06:06 ص

اليمن، واحدة من أقدم مراكز الحضارة في العالم العربي، وفي الوقت ذاته تأتي على قائمة أفقر بلد عربي، تعرضت لقصف الغارات الجوية بقيادة جارتها الغنية المملكة العربية السعودية لمدة ثلاثة أشهر تقريبا. وبدأت تلك العملية بعد سيطرة جماعة الحوثيين المتمردة على العاصمة صنعاء، ما تسبب في فرار الرئيس «عبد ربه منصور هادي» إلى مدينة عدن، وبعد وقت قصير طلب اللجوء في العاصمة السعودية الرياض.

وخلال هذه الحملة لقي حوالي 2500 شخصا مصرعهم، وأصيب ما يزيد على 11 ألف يمني منذ بدء الحرب في 25 مارس/أذار. كما تسببت الحملة في تشريد ما يزيد على مليون شخص داخليا، وبات حوالي 21.1 مليون شخص، بمعدل 80 % من السكان، في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية، وفقا لأحدث تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. ولكن سكان البلاد لم يكونوا هم الضحية الوحيدة في هذه الحرب. فقد عانى أيضا التراث اليمني العتيق.

وفي يوم 9 مايو/ أيار، استهدفت طائرات سعودية مسجد الإمام الهادي في مدينة صعدة؛ معقل الحوثيين. ويعدّ المسجد هو أقدم ثالث مسجد بُني في اليمن، وتحديدًا قبل 1200 سنة. 

وجاء على صفحة تويتر الرسمية لموقع «يمن أبديتس»: «غارات المملكة العربية السعودية تستهدف مسجد الإمام الهادي التاريخي في صعدة». ومرفق بالتغريدة  فيديو للقصف.

كما كتب «فاتك الروديني» على صفحته على تويتر بعد أن نشر صورة للمسجد المستهدف: «صورة من مسجد الهادي في محافظة صعدة بعد تعرضه للقصف اليوم من قبل الغارات الجوية السعودية، قتل 4 أشخاص وجرح 10 آخرون».

وعلى موقع التواصل الاجتماعي شاركت «جميلة حنان»، ناشطة في المجال الإنساني، صورا للمسجد القديم والجميل في تغريدة لها: «القراءة عن مسجد الهادي الجميل الذي بني في القرن التاسع. حاول أن تفهم لماذا تم قصفه وستتعب حتى تصل لنتيجة».

وفي يوم 11 مايو / أيار، تعرضت البلدة القديمة في صنعاء، عاصمة اليمن وأحد أقدم المدن المأهولة في العالم، للقصف الشديد بين عشية وضحاها، ما تسبب في أضرار جسيمة لحقت بالعديد من المباني التاريخية. وكان من بين المناطق الأخرى التي تضررت من الغارات الجوية مدينة صعدة القديمة والمواقع الأثرية التي تعود لما قبل الإسلام مثل براقش، ما حدا بالمديرة العامة لليونسكو إلى إصدار بيان تدعو فيه جميع الأطراف إلى حماية التراث الثقافي في اليمن. وجاء في بيان السيدة «إيرينا بوكوفا»:

«أنا أشعر بالأسى وخاصة من الأخبار المتعلقة بغارات جوية على مناطق مكتظة بالسكان مثل مدينتي صنعاء وصعدة. بالإضافة إلى التسبب في معاناة إنسانية رهيبة، فهذه الهجمات تدمر التراث الثقافي الفريد في اليمن، والذي هو مستودع لهوية الشعب وتاريخه وذاكرته وشهادة استثنائية لمنجزات الحضارة الإسلامية ... أدعو جميع الأطراف إلى الامتناع عن استخدام أو استهداف مواقع التراث الثقافي والآثار، احتراما للمعاهدات الدولية وتنفيذا لها».

وفي يوم 24 مايو/أيار استهدفت غارتان جويتان للطيران السعودي قلعة الشريف القديمة في مدينة باجل بمحافظة الحديدة. 

وكتب «فاتك الروديني» في تغريدة: «التراث اليمني تحت ضربات القصف السعودي» و «صورة لقلعة الشريف القديمة بمدينة باجل الحديدة. لقد تعرضت لـ 3 ضربات سعودية».

وفي 4 يونيو/حزيران، استهدف الطيران السعودي أيضا دار الحجر (روك بالاس)، القابعة فوق صخرة في وادي ذر بمنطقة شمال صنعاء، والتي بناها الإمام المنصور في عام 1786.

وغرّد «الروديني»: «قصفت الطائرات الحربية السعودية اليوم دار الحجر». و «تراث اليمن وتاريخه تحت وابل من النيران السعودية».

ويوم 25 مايو/أيار تم تدمير متحف ذمار الإقليمي، الذي يحوي آلاف القطع الأثرية من الحضارة الحميرية، تدميرا كاملا؛ نتيجة لتعرضه لغارات جوية مكثفة من الطيران السعودي.

وغرّد «غُمدان» على تويتر قارنا تغريدته بعدد من الصور: «الصواريخ السعودية دمرت متحف ذمار الذي يضم الكثير من المصنوعات اليدوية التي تعود للحضارة ويوجد بالقرب من ظفر».

ونشر «رياض باكرموم» صورا لمتحف ذمار قبل وبعد القصف السعودي مغردا : «انظروا إلى متحف ذمار قبل وبعد القصف السعودية ... لقد دُمّر».

وفي يوم 1 يونيو/حزيران لحق ضرر بالغ بسد مأرب القديم العظيم، والذي يوصف بأنه «أحد أروع عجائب الهندسة في العالم القديم»، وأحد المواقع الأثرية الأكثر أهمية في اليمن، والتي تعود إلى ملكة سبأ القديمة بلقيس. وتم بناء السد الأصلي لأول مرة في القرن الثامن قبل الميلاد في مدينة مأرب التي كانت يوما ما عاصمة لمملكة سبأ.

ونشرت صفحة «ناشونال جيوجرافيك» صورا لسد مأرب قائلة «لقد تضررت (الأعجوبة الهندسي) لمدينة ملكة سبأ في غارة جوية» و«سد مأرب العظيم القديم من بين العيد من الضحايا الثقافية للصراع في اليمن». 

وقامت صحيفة «يمن بوست» اليمن بنشر صورة للسد العظيم قبل وبعد معلقة: «صورة قبل وبعد قصف الطيران السعودي لسد مأرب ... لقد تضرر».

وفي يوم 5 يونيو/ حزيران، تم تدمير قلعة القاهرة الجميلة التي تطل على مدينة تعز من قبل الغارات الجوية السعودية. وقد أفادت تقارير بأن الحوثي وقوات الرئيس المخلوع «علي عبد الله صالح» كانوا يستخدمونها كموقع عسكري لقصف خصومهم في المدينة.

وغردت صحيفة «يمن بوست» مع مشاركة صور للقلعة تبين كيف كان شكلها قبل القصف ثم ما الذي أصابها بعد القصف السعودي؛ «أحد أهم المواقع التاريخية التي لم يسلم منها القصف السعودي»، وذيل التغريدة بعمل هاشتاج لمنظمة اليونسكو. وتغريدة أخرى: «الفارق بين الصورتين قبل وبعد أن تراث يعود لــ 800 عام قضى عليه صاروخين سعوديين».

يبدو أن تدمير جميع المواقع التراثية من قبل هذه الغارات الجوية السعودية عبر اليمن مر مرور الكرام حتى صباح يوم 12 يونيو/ حزيران، عندما أصاب صاروخ سعودي حي القاسمي في صنعاء القديمة، المدرج ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو، ويضم تسعة آلاف منزلا من الطين، بعض منها بني قبل القرن الــ11.

وغضب العالم نتيجة لخبر تدمير هذا التراث الذي يبلغ من العمر ثلاثة آلاف عام بسب الغارات الجوية السعودية، ولكن معظم اليمنيين قد أصابهم الدمار والتشريد.

وعلقت المصورة «أليكس بوتر»: «اليمن - من تراب إلى تراب». وقامت بعمل مداخلة مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية متحدثة عن حجم الدمار الذي تعرضت له المواقع الأثرية والتاريخية في اليمن جراء القصف السعودي. ونشرت مداخلتها في تغريدة لها على تويتر. 

وأدانت المديرة العام لليونسكو مرة أخرى الهجوم على صنعاء القديمة مستنكرة ما يحدث. وفي بيان لها قالت: «أكرر دعوتي إلى جميع الأطراف باحترام وحماية التراث الثقافي في اليمن. هذا التراث يحمل روح الشعب اليمني، بل هو رمز لتاريخ ألفي للمعرفة وينتمي للبشرية جمعاء وليس لبلد بعينه».

وشارك «أحمد السيجي» صورا لحي القاسمي في صنعاء القديمة قبل وبعد الهجوم الصاروخي، يظهر العديد من المنازل وقد تدمرت بسبب قصف الطيران الحربي. وقال في تغريدة له «انظروا للمنازل قبل وبعد القصف الجوي».

أما «أبو بكر السماحي» فقد حاول ترجمة ما يجيش في صدور اليمنيين تجاه ما يحدث في مقالته في صحيفة العربي الجديد: «لقد تعودنا على رؤية اليمن مدمرًا. تسير في الشوارع لتبصر كل شيء وقد دمره القصف الجوي؛ الشوارع والمباني والقصور والآثار والتاريخ والحضارة. وقبل تدمير كل هذا دمرت حياة آلاف الأشخاص. أشعر أنا وكثير من اليمنيين الآخرين بشعور ألم وأسى عميق ونحن نشاهد تدمير تراثنا، تلك الأماكن التي نريد مشاركتها مع باقي العالم».

وتابع: «لقد أخذ ذلك كله من أسلافنا مئات، إن لم يكن آلاف، السنيين لبناء تلك المدن في الرمال، وتلك القصور في الجبال. لكن من دمروا كل تلك المباني والحضارة لم يستغرق الوقت معهم سوى دقائق لتكون النتيجة هي الدمار».

وعقد «علي المرتضى» مقارنة لشرح الشعور بالألم اليمني؛ حيث كتب في تغريدة له: «إذا وجدت صعوبة في فهم ما يحدث لصنعاء القديمة، تخيل الأهرامات في مصر وهي تُهدم وتفكك».

ربما يعد اليمن بلدا فقيرا اقتصاديا، ولكنه غني جدا من الناحية الثقافية، غني بتراثه وتاريخه، وهو مصدر فخر لليمنيين، ومن الخسارة المؤلمة أن يشاهدوه بعيونهم وهو يُدمر. يبدو أن عملية «إعادة الأمل» التي أطلقتها المملكة العربية السعودية تحولت إلى «عملية تدمير للتاريخ». ويبكي اليمنيون اليوم على الإنسان والحجر والحياة والتاريخ، الذين دمرتهم الحروب، وشارك في تدميرهم جميع الأطراف؛ من الرئيس المخلوع «علي عبدالله صالح» والمتمردين الحوثيين وقوات التحالف التي وقفت تساند المملكة العربية السعودية في حملتها الجوية في اليمن.

  كلمات مفتاحية

اليمن التراث اليمني إعادة الأمل عاصفة الحزم سد مأرب صنعاء القديمة

«الجارديان»: الجهاديون هم المستفيدون من الحرب العبثية الدائرة في اليمن

الحرب المنسية فــي اليـمــن

نذر الكارثة فى صنعاء