ناشيونال إنترست: لماذا لا ينبغي على ترامب قصف إيران؟

الثلاثاء 23 يوليو 2019 03:35 م

بعد أن قرر الرئيس "دونالد ترامب" عدم "قصف إيران" ردا على إسقاط طائرة بدون طيار تابعة للبحرية الأمريكية قيل إنها كانت قريبة جدا من المجال الجوي الإيراني، اتهمه العديد من منتقديه المحافظين بالتصرف مثل الرئيس "باراك أوباما" وليس الرئيس "رونالد ريغان".

ووفقا لنقاد مثل السيناتور "توم كوتون"، والنائبة "ليز تشيني"، والنائب "آدم كينزينجر"، فإن قرار الرئيس "دونالد ترامب" بإلغاء الضربة الجوية، التي كان يبدو أنه قد وافق عليها في البداية، يعد تكرارا لرفض "أوباما" قصف سوريا بعد أن عبر الرئيس السوري "بشار الأسد" خط "أوباما" الأحمر باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المعارضين الذين كانوا يحاولون حمله على ترك منصبه.

ويلاحظ نفس هؤلاء النقاد أن "ريغان" هاجم إيران في 18 أبريل/نيسان 1988، بعد يومين من تسبب لغم زرعه الإيرانيون في إصابة 10 بحارة وتدمير مدمرة أمريكية، وهي "يو إس إس روبرتس"، التي كانت واحدة من السفن التي كانت ترافق ناقلات النفط الكويتية عبر مضيق هرمز.

ويعطي كلا القياسين التاريخيين انطباعا مضللا عن كيفية تعامل "أوباما" و"ريغان" مع هذه القضايا، ففي الواقع، يجب على "ترامب" أن يأخذ بعض الدروس في التعامل مع الأزمة الحالية مع إيران، التي هي إلى حد كبير من صنعه الخاص، من خلال فهم كيفية استجابة سلفيه في الحالات المماثلة.

نموذج "أوباما" ومقاربة "ريغان"

وقبل مهاجمة سوريا عام 2013، بعد استخدام "الأسد" للأسلحة الكيميائية، طلب "أوباما" من الكونغرس إصدار قرار يأذن له بالقيام بعمل عسكري، لأن أي هجوم قد يقود أمريكا إلى مستنقع آخر في الشرق الأوسط، وعندما رفض "الكونغرس" النظر في مثل هذه الخطوة، عمل "أوباما" مع الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" لحمل "الأسد" على الاعتراف بحيازة أسلحة كيميائية ثم التعهد بالتخلي عنها.

وفي حين أن المبادرة الروسية الأمريكية، التي وافق عليها مجلس الأمن الدولي وتم تنفيذها دوليا، لم تزِل جميع أسلحة "الأسد" الكيماوية، لكن هذا الجهد أدى إلى تخلي سوريا عن الغالبية العظمى من مخزونها، الذي شمل نحو ألف وثلاثمائة طن، وهو أكثر بكثير مما كان يمكن تدميره بواسطة غارة جوية واحدة مثل تلك التي شنها "ترامب" ضد سوريا بعد فترة وجيزة من توليه منصبه.

وقد أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، الذي لم يكن من محبي "أوباما" بطبيعة الحال، على هذا الجهد أنه "بصيص الضوء في منطقة مظلمة جدا".

أما عن الهجوم الذي شنه "ريغان" في 18 أبريل/نيسان 1988، فإنه لم يلحق الضرر بالأراضي الإيرانية أو سكانها المدنيين، وبدلا من ذلك، أغرقت الولايات المتحدة 5 سفن إيرانية، عبارة عن 3 زوارق سريعة وفرقاطة واحدة وزورق سريع الهجوم، وألحقت أضرارا بفرقاطة أخرى، ودمرت منصتين للحفر.

علاوة على ذلك، فإن الاعتماد في المقارنة فقط على رد فعل "ريغان" في أبريل/نيسان 1988 يتجاهل 3 حوادث أخرى كان عليه التعامل معها في تلك المنطقة في الثمانينات.

فبعد مرور 3 أشهر تقريبا على هجوم أبريل/نيسان، أسقطت سفينة حربية أمريكية بطريق الخطأ طائرة "إيران إير 655"، وهي طائرة ركاب إيرانية، ما تسبب في قتل 290 شخصا كانوا على متنها، حيث ظنت السفينة الأمريكية طائرة الركاب الإيرانية طائرة مقاتلة من طراز "إف-14".

وقد وصف "ريغان" الحادث بأنه مأساة، وقال إنه يأسف لخسارة الأرواح، لكنه دافع أيضا عن موقف قائد السفينة "يو إس إس فينسنس"، ولم يرد الإيرانيون، الذين أضعفتهم حربهم ضد العراق، عسكريا، ولكنهم ظلوا يفترضون أن الهجوم كان مقصودا.

وقبل نحو عام من تدمير السفينة الأمريكية "روبرتس" بسبب لغم إيراني، ما أدى إلى إصابة عدد من البحارة ولكن دون قتلى، هاجمت طائرة عراقية السفينة الأمريكية "ستارك"، وأسفر الهجوم عن مقتل 37 بحارا وإصابة 21 بحارا آخرين، واعتذر العراقيون، ولم تتخذ إدارة "ريغان" أي إجراء ضد حكومة "صدام حسين"، التي كانت تدعمها في حربها ضد إيران، رغم أنها كانت تستخدم أسلحة كيميائية.

والأهم من ذلك، أنه قبل 5 أعوام من تدمير السفينة "يو إس إس روبرتس"، وقع هجوم قاتل على السفارة الأمريكية في بيروت، في 23 أكتوبر/تشرين الأول 1983، وفي ذلك اليوم، قاد مهاجم انتحاري شاحنة تحمل ألفي طن من المتفجرات إلى السفارة، وقتل 220 من مشاة البحرية، و18 بحارا، و3 جنود.

وكان هذا هو أكبر عدد من جنود المارينز الذين يتم قتلهم في يوم واحد منذ معركة "إيوا جيما" في الحرب العالمية الثانية، والهجوم الأكثر دموية على القوات المسلحة الأمريكية منذ 1968 في فيتنام.

وقد أراد العديد من مستشاري "ريغان" الأكثر تشددا منه الانتقام من إيران، التي اعتقد البعض أنها تقف وراء الهجوم، ولكن بعد تلقي رد من وزير الدفاع "كاسبر واينبرجر"، الذي عارض نشر القوات في لبنان، إضافة إلى مخاوفه بشأن الإصابات في صفوف المدنيين، قام "ريغان" بإعادة انتشار استراتيجي للقوات الأمريكية على السفن قبالة الساحل في فبراير/شباط 1984.

القرار الصحيح

وفي حين أن العديد من الناس قد شككوا في قرار "ترامب" بعدم مهاجمة أراضي إيران، وبدلا من ذلك شن هجمات إلكترونية، فمن الواضح أنه اتخذ القرار الصحيح، حتى لو تم تنفيذه بشكل عشوائي، فقد قدم بعض الأشخاص الذين انتقدوا "ترامب" صورة مشوهة لكيفية تعامل "أوباما" و"ريغان" مع الموقف.

وربما فعل "ترامب" خيرا إذا ما اطلع على ما حدث حقا في هذه الحالات، ففي الواقع، قد يفكر في العمل مع "بوتين" لبدء محادثات سرية لإعادة إيران إلى طاولة المفاوضات، مع إعادة الانتشار الاستراتيجي لمعظم القوات في المنطقة لتجنب وقوع حادث مأساوي آخر.

المصدر | ناشيونال إنترست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية