العُملاء في حرب غزة .. وانتقام الشارع

الاثنين 21 يوليو 2014 03:07 ص

أسماء الغول - المونيتور

يمشي بهدوء، ينظر إلى المنازل، يتفحص الأبواب، يمسك شيئا ما بيده، يلصقه على جدار أحد المنازل، ينظر إلى أعلى يشاهد امرأة تنظر إليه من الطابق الرابع، فيمشي بسرعة مرتبكاً ثم يتحول مشيه إلى ركض، تبدأ المرأة بالصراخ، يمسكه بعض شباب المنطقة، ويجدون معه شريحة رقم إسرائيلي "أورانج" يأخذونه ويسلمونه لأجهزة الأمن.

كان هذا كافيا لاعتبار هذا الرجل الغامض عميلا للجيش الإسرائيلي من وجهة نظر إحدى النساء التي قصف الاحتلال منزلها في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وتضيف للمونيتور وهي تقف أمام منزلها المهدم "رأيته يفعل ذلك قبل قصف منزلنا بساعات قليلة، كل شيء يؤكد بأنه عميل لإسرائيل، فهو يتحرك وحده بوقت الشوارع فيه فارغة، ويضع علامات على المنازل".

شاب من عائلة قصف الاحتلال منزلها بحي الزيتون في غزة خلال اليوم الأول للحرب يقول للمونيتور "خرجت من المنزل في منتصف الليل فرأيت ضوء أحمر يعطي إشارة ما، معلق بجانب منزلنا، أردت التوجه لكسره، ولكن أشقائي حذروني بأنه قد ينفجر".

ويتابع " لم تمر سوى ساعة من الزمن حتى جاء اتصال إلى أقارب لنا في المنطقة من رقم إسرائيلي وبصوت لهجته غزية يخبرهم بأنه يجب مغادرة منزلنا قبل قصفه، وبالفعل تم قصفه بعد خمس دقائق".

وكانت المقاومة في قطاع غزة قد أعلنت خلال الأسبوع الأول من الحرب التي بدأت يوم الثلاثاء الماضي في 8-7-2014 أنها ألقت القبض على عدد من العملاء، وانتشرت في الشارع الغزي أخبار عن إعدام عميلين، أحدهما في منطقة النصر بمدينة غزة، والآخر في مدينة رفح جنوب القطاع.

وحاول المونيتور التأكد من مؤسسات حقوق الإنسان ولكن مسؤولين فيها أكدوا أن حالة الحرب جعلت هناك صعوبة في الوصول إلى أسماء وعناوين من تم إعدامهم، لافتين إلى وجود حالة إطلاق نار حديث على أحد المشتبه بهم، ويرقد حالياً بمستشفى في وسط القطاع.

رجل أمن في مستشفى الشفاء بمدينة غزة أخبر مراسلة المونيتور مفضلا عدم ذكر اسمه "اليوم أمسكت عميلاً بالمستشفى، كان يسأل عن الشهداء والجرحى، ما أثار لدينا الشك، خاصة أننا حين أخذناه للتحقيق وجدنا معه مبلغ مالي كبير على الرغم من إغلاق البنوك"، نافياً وجود حالة هوس أمني قد تثير الفوضى بين المواطنين، وموضحاً أنه لا يتم التحقيق إلا مع من كانت سلوكياته تثير الشبهات.

وأضاف "شككنا في خمسة مواطنين منذ بدء الحرب، وحققنا معهم وأطلقنا سراح من ثبتت براءته، أما البقية تحفظنا عليهم في أماكن احتجاز بديلة عن الأماكن المعتادة كي لا تتعرض حياتهم للخطر بسبب القصف".

ويتبادل أهالي القطاع بهمس قصص العملاء، ويزداد الشك بينهم بأي غريب قد يسأل سؤالا خاطئاً أو في وقت خاطئ يتعلق بالمقاومين وعائلاتهم.

أما عن تعامل المقاومة مع المشتبه بكونهم عملاء، يقول المتحدث باسم الجهاد الإسلامي يوسف الحساينة في مقابلة مع المونيتور أن هذه الحالات تحدث في وقت الحروب بأي بلد في العالم، متابعا " نحن في حركة الجهاد نراقب المشبوهين ولا نتخذ أي تدابير عقابية بحقهم بل نسلمهم إلى السلطات المختصة، ونفتح باب التوبة والندم".

ويضيف أنه مع القبض على هؤلاء لإجراء محاكمات عادلة، لافتاً بقوله "أحيانا تحدث حالات القتل على أرض المعركة ليكون العميل عبرة للآخرين فيخافون ولا يوقعون مزيد من الضحايا".

والحديث عن العملاء يعيد إلى الأذهان ما حدث في حرب 2012 حين انتشرت صورا لمجموعة من هؤلاء العملاء وقد تم قتلهم وسحلهم بالشوارع، نشرتها الصحافة الإسرائيلية ولأجنبية وغطت على ما تفعله إسرائيل على الأرض من قتل للمدنيين.

يقول النائب في المجلس التشريعي مشير المصري عن حركة حماس في لقاء مع المونيتور أن تجارب الحروب الماضية علمتهم الإصرار أن يعرض هؤلاء المتهمين على محاكمات عادلة.

وحول انتشار أخبار قتل اثنين منهم، يضيف " ما يحدث على الأرض هي تصرفات فردية ليس لها علاقة بالأجهزة الأمنية، ونعتبرها ردات فعل سريعة وغير مقبولة"، لافتاً إلى أنهم في التشريعي يؤمنون بقوة القانون وعدالته.

من جهته يقول محامي في إحدى المؤسسات الحقوقية والذي فضل عدم ذكر اسمه لحساسية القضية أنه على الجهات المسؤولة الحفاظ على سلامة المواطنين وحمايتهم من القتل مهما كان السبب، وإتباع الإجراءات القانونية المناسبة والعادلة، موضحا " من لديه أي اشتباه في أحد يجب عليه تقديم بلاغ للسلطات المختصة التي من واجبها ضمان تحقيق عادل ومحاكمة منصفة لأي متهم".

وأكد وجود حالتي قتل على الأقل من المشتبه بهم خلال الحرب الحالية ولكن لم يتم التعرف على اسم أي منهم بعد، ومتابعا "انتقام الشارع من المشبوهين يعتبر جريمة تشوه المجتمع وتسيء إلى مواقفه ونضالاته خلال فترة الحرب لذلك لا يجوز لأي شخص الانتقام بيده".

وأكد الحقوقي أن شريحة الرقم الإسرائيلي لا تعتبر من الأدلة الكافية ولا يجوز إلحاق الضرر بمواطنين قد يكونوا مظلومين وتشويه أفراد عائلته".
كما التقت مراسلة المونيتور بالمتحدث باسم وزارة الداخلية إياد البزم في مدينة غزة والذي أكد انه لا يوجد لديهم حتى الآن أية معلومات عن حالات قتل عمد لعملاء على الأرض.

وقال "لدينا خطة طوارئ من اجل ضبط الجبهة الداخلية وحماية المقاومة والمواطنين عبر متابعة جهاز الأمن الداخلي لهذه الحالات من المشبوهين الذين يضرون بالصالح العام"

وأضاف " يتم اعتقال هؤلاء المشبوهين وعرضهم على النيابة والقضاء ولكن هذين الجهازين متوقفين عن العمل حاليا، لذلك حين يتم ضبط المشتبه بهم نتحفظ عليهم إلى أن تنتهي الحرب ليتم استكمال جميع الإجراءات القانونية بعدها".

ويؤكد أن ما يحدث على الأرض من استهداف مئات المدنيين وضرب المؤسسات المدنية يشي بأن شبكة العملاء مع الاحتلال صغيرة، ويدل على الفشل الأمني للعملية العسكرية الإسرائيلية.

وشدد بقوله " نرفض عمليات القتل خارج القانون، حتى لو كانوا عميلا فيجب التحقق من تهمته، واستكمال كافة الإجراءات القانونية ".

في ظرف الحرب وحالة الغضب العامة، يصبح كل مواطن متهم حتى تثبت براءته كما حدث مع الفتى (س) الذي لا يتجاوز الثامنة عشر، فقد شك به رجال الأمن لأنه يراقبهم طوال يومين في أحد المرافق العامة، ما جعلهم يأخذونه للتحقيق، وهناك اكتشفوا أنه ليس مشتبها به بل مطرود من البيت بعد شجار مع والده ويعيش على عطف الناس-وهذه الحادثة أوردها رجل الأمن الذي قام بالتحقيق مع الفتى.

  كلمات مفتاحية

«الشاباك» يرصد 20 ألف دولار لكل صورة حديثة لـ«محمد الضيف»

أسرة الجندي الإسرائيلي المختطف «شاؤول آرون» تعقد مؤتمرا صحفيا مساء الأحد