سباق الصواريخ والقذائف الباليستية يشتعل في الشرق الأوسط

الاثنين 29 يوليو 2019 08:27 م

ليست السياسة الأمريكية وحدها التي تغذي سباق التسلح النووي وسباق الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط.

ويتسارع هذا السباق أيضا بسبب عدم رغبة القوى الكبرى الأخرى، أوروبا وروسيا والصين، أو عجزها عن مواجهة العقوبات الأمريكية المشددة ضد إيران، وهو ما يقلص اهتمام طهران بالالتزام بالاتفاقية الدولية لعام 2015، التي تحد من البرنامج النووي الإيراني.

وفي الوقت الذي يتأرجح فيه الشرق الأوسط على حافة المواجهة العسكرية، تعهدت إيران بالبدء في خرق الاتفاق إذا فشل المجتمع الدولي، خاصة أوروبا، في حمايتها من العقوبات الأمريكية.

وأكد نائب المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، "أولي هاينونين"، المعروف بتشدده فيما يتعلق بإيران، خلال زيارة إلى (إسرائيل) مؤخرا، أن إيران ستحتاج إلى 6 إلى 8 أشهر لتخصيب اليورانيوم بكمية ونوعية مطلوبة لإنتاج قنبلة نووية.

ويزيد استعداد الولايات المتحدة والصين لتخفيض الضمانات في تعاملاتهم النووية مع المملكة العربية السعودية من إثارة الشكوك الإيرانية حول قيمة الاتفاق النووي، ويحتمل أن يفتح ذلك الباب أمام سباق التسلح النووي في المنطقة.

وقد زار "مايك بومبيو"، وزير الخارجية الأمريكي، السعودية والإمارات العربية المتحدة قبل انضمامه إلى الرئيس "ترامب" في زيارة إلى الهند وكوريا الجنوبية والمحادثات اللاحقة مع زعماء العالم في قمة مجموعة العشرين في اليابان.

وعن هذه الرحلة قال "بومبيو": "سنتحدث معهم حول كيفية التأكد من أننا جميعا متحالفون استراتيجيا، وكيف يمكننا بناء تحالف عالمي، لا يضم فقط دول الخليج، ولكن دولا في آسيا وأوروبا" لمواجهة ما قال "بومبيو" إنها "أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم".

وقام "ترامب" بتوجيه رسالة مفصلة إلى الشرق الأوسط في مقابلة واسعة النطاق مع قناة "إن بي سي نيوز"، إلا أنه تجاهل الدعوات لإجراء تحقيق من مكتب التحقيقات الفيدرالي في مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في قنصلية المملكة في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول الماضي على يد عملاء سعوديين.

وفي حديثه قال "ترامب": "لقد قتلت إيران الكثير والكثير من الناس في دول أخرى في الشرق الأوسط، وإذا كنت ستنظر إلى السعودية، انظر إلى إيران، وانظر إلى بلدان أخرى"، وكأنه يشير إلى أن الجرائم التي ترتكبها دولة ما توفر ترخيصا للدول الأخرى لارتكاب الجرائم أيضا.

وردا على سؤال حول ما إذا كان بيع الأسلحة للسعودية هو السبب في محاولة إخراج السعودية من مأزق "خاشقجي" أجاب "ترامب": "لا، لكنني لا أحب أن يقول أحمق ما لا يجب أن نتعامل سياسيا مع السعودية. وبالمناسبة، إذا لم يتعاملوا معنا، فأنت تعرف ماذا سيفعلون؟ سوف يتعاملون مع الروس أو الصينيين".

وأكد "ترامب"، وغيره من كبار المسؤولين الأمريكيين، في الأيام الأخيرة أنه لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي.

وسعت أوروبا حتى الآن دون جدوى إلى وضع آلية فعالة تسمح للشركات الأوروبية، وربما غير الأوروبية، التي تتعامل مع إيران بالالتفاف على العقوبات الأمريكية دون ضرر.

وفيما تستعد الولايات المتحدة للإعلان عن عقوبات جديدة، قالت روسيا إنها ستساعد إيران في تصدير النفط، وستدعم قطاعها المصرفي إذا فشلت الآلية الأوروبية، لكنها لم تقدم أي تفاصيل.

شكوك إيران

وفي حين تعد مواجهة العقوبات أولوية إيران العاجلة، فمن المرجح أن قيام السعودية بوضع اللبنات الأساسية لصناعة نووية وباليستية، بمساعدة إدارة "ترامب" وكذلك الصين، تزيد من الشكوك الإيرانية بشأن قيمة الاتفاق النووي.

ولا تخلو حجة "ترامب" بأن روسيا والصين سيملآن مكان أمريكا إذا توقفت عن بيع الأسلحة والتكنولوجيا إلى المملكة العربية السعودية من الوجاهة، حتى لو فشلت في تبرير عدم وجود ضمانات في توفير التكنولوجيا النووية للمملكة.

وفي عام 2017، مع رفض الولايات المتحدة مشاركة تكنولوجيا الطائرات بدون طيار الأكثر تقدما مع المملكة، فتحت الصين أول منشأة للصناعات الدفاعية خارج حدودها في السعودية.

وتقوم شركة علوم وتكنولوجيا الطيران الصينية المملوكة للدولة بتصنيع الطائرات بدون طيار من طراز "سي إتش-4"، و"رينبو"، وكذلك المعدات المرتبطة بها، في المملكة. وتشبه "سي إتش-4" الطائرة المسلحة الأمريكية بدون طيار "إم كيو-9" المشتهرة باسم "الحصادة".

وتظهر صور الأقمار الصناعية الصادرة عن معهد "ميدلبري" للدراسات الدولية، التي أكدتها الاستخبارات الأمريكية، أن المملكة طورت برنامجا للصواريخ الباليستية بمساعدة الصين.

ويتعارض برنامج الصواريخ السعودية مع السياسة الأمريكية، التي سعت لعقود لضمان امتلاك المملكة تفوقا جويا في المنطقة، حتى لا تسعى إلى تجاوز الولايات المتحدة لتحديث قدراتها الصاروخية.

ويشير البرنامج، الذي بدأ في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، إلى أن المملكة قد بدأت مبكرا في التحوط لمواجهة أي فجوة محتملة في علاقاتها مع الولايات المتحدة، وجرت أول عملية شراء سرية للسعودية من الصين خلال تلك الفترة.

ويضعف تطوير السعودية لقدراتها الصاروخية الباليستية بشكل كبير أي احتمال لموافقة إيران على الحد من برنامجها الصاروخي، وهو مطلب رئيسي طرحته إدارة "ترامب".

وفي عام 2017، وقعت السعودية اتفاقية تعاون في مجال الطاقة النووية مع الصين، تضمنت دراسة جدوى لبناء "محطات طاقة نووية عالية الحرارة مبردة بالغاز" في المملكة، فضلا عن التعاون في مجال الملكية الفكرية، وتطوير مشروع محلي لبناء سلسلة من محطات الطاقة النووية الصينية في السعودية.

وتعد اتفاقية "محطات الطاقة النووية عالية الحرارة المبردة بالغاز" مبنية على اتفاق تم توقيعه عام 2012 يضمن صيانة وتطوير محطات الطاقة النووية ومفاعلات الأبحاث، وكذلك توفير الوقود النووي الصيني.

وحذر معهد العلوم والأمن الدولي، ومقره واشنطن، في ذلك الوقت من أن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 "لم يقضِ على رغبة المملكة في امتلاك أسلحة نووية".

ووافقت إدارة "ترامب"، التي تتوق إلى إبرام صفقة لتوريد التكنولوجيا النووية للمملكة، على عقد قد تبلغ قيمته 80 مليار دولار لنقل التكنولوجيا الحساسة، كما منحت تراخيص لـ6 شركات أمريكية لبيع تكنولوجيا الطاقة الذرية إلى المملكة.

وتوشك السعودية على الانتهاء من أول مفاعل نووي في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالقرب من الرياض.

وتجاهلت السعودية، وهي إحدى الدول الموقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، دعوات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتطبيق ضمانات مناسبة ونظام تفتيش يضمن عدم تحرك المملكة نحو تطوير قدرة عسكرية نووية.

وقالت "كيلسي دافنبورت"، مدير سياسة عدم الانتشار في رابطة الحد من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط: "تخضع المملكة حاليا لمراقبة أقل تدخلا من قبل المفتشين الدوليين، لأن الرياض كانت متوافقة مع ما يعرف باسم بروتوكول الكميات الصغيرة في الوكالة".

وقد تم تصميم بروتوكول الكميات الصغيرة لتبسيط الإجراءات الوقائية في الدول التي لديها مواد نووية ضئيلة أو معدومة، لكنه لم يعد ملائما للبرنامج النووي السعودي الموسع.

وحذرت دافنبورت" من أنه "بالنظر إلى هذه العوامل، هناك أسباب مشروعة للقلق من أن السعودية تسعى لتطوير قدرات تقنية تسمح لها بمتابعة مسارها لصنع أسلحة نووية بسرعة، إذا تم اتخاذ القرار السياسي للقيام بذلك.

المصدر | جيمس دورسي - مركز بيغن السادات للدراسات

  كلمات مفتاحية

الصواريخ الباليستية منطقة الشرق الأوسط مفاعل نووي سعودي

إسرائيل تتهم حماس بإطلاق صواريخ تجريبية تجاه البحر

%4 ارتفاع بالنفقات العسكرية عالميا.. السعودية والعراق تتصدران عربيا