إنسايد أرابيا: ورشة البحرين شهادة وفاة مبكرة لصفقة القرن

الأربعاء 31 يوليو 2019 09:07 م

استضافت البحرين الشهر الماضي ورشة عمل "الازدهار لأجل السلام" بقيادة "جاريد كوشنر"، صهر الرئيس "ترامب"، والمستشار الأول في البيت الأبيض. وقد واجه فريق "كوشنر" وقتا عصيبا في محاولة ضمان مشاركة العرب في ورشة العمل.

وأرسلت مصر والأردن والمغرب وقطر مندوبين دون المستوى الوزاري. وأرسلت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وفودا برئاسة وزيري المالية. وقاطعت الكويت والعراق الاجتماع بالكامل.

والأهم من ذلك، قاطعت السلطة الفلسطينية ورشة العمل، ووافق 79% من الفلسطينيين، الذين شملهم استطلاع من قبل المركز الفلسطيني للسياسات، على رفض قيادتهم لـ"ورشة المنامة".

خطة معيبة وخادعة

وكانت المشرعة الفلسطينية "حنان عشراوي" قد فسرت رفض المشاركة الفلسطينية الرسمية بالقول إن "إن خطة سلام كوشنر المزعومة معيبة؛ فهي خادعة للغاية. وقد اتخذت إدارة ترامب خطوات ملموسة غير قانونية على الأرض، ما يمنع أي نوع من خطط السلام القابلة للاستمرار، سواء فيما يتعلق بقضية القدس أو اللاجئين، أو ضم إسرائيل هضبة الجولان، أو الإلغاء التام للمساعدات"، كما قالت لشبكة "سي إن إن": "يرفض الفلسطينيون إلغاء حل الدولتين وشرعنة المستوطنات الإسرائيلية".

ويقول الدكتور "داود عبدالله"، مدير موقع "ميدل إيست مونيتور"، إنه لم يفاجأ بنتيجة الورشة.

وقال: "فشلت الورشة لأن الفلسطينيين قاطعوا هذه المهزلة، وكانوا على حق تماما، لأن الولايات المتحدة أعلنت من جانب واحد أن القدس عاصمة لـ(إسرائيل)، وقطعت كل المساعدات إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي تعمل على تثقيف وإطعام ملايين الفلسطينيين المشردين. كما أنها أغلقت مكتبا يمثل المصالح الفلسطينية في واشنطن".

وقارن "عبدالله" الوعد الاقتصادي في ورشة المنامة بالوعد القديم بالازدهار والرخاء الذي تم تقديمه إلى الرئيس الفلسطيني الراحل "ياسر عرفات" عام 1994، لجعل غزة سنغافورة الشرق الأوسط.

وأضاف: "انظر إلى غزة اليوم، عبارة عن قطاع محاصر مع مليوني شخص يعيشون في فقر مدقع".

وبالنسبة لـ"خليل جهشان"، المدير التنفيذي للمركز العربي في واشنطن العاصمة، فيرى أنه لم يكن لدى السلطة الفلسطينية خيار سوى مقاطعة ورشة المنامة.

وقال: "لقد كان قرارا لا مفر منه، لأنه بعد كل شيء، كانت الورشة تهدف إلى إطلاق خطة سلام لحل النزاع، لكن الأجندة لم تسميه حتى على أنه صراع له طرفان، وافترضت أن حفنة من المساعدات الاقتصادية هي الحل".

وقال "جهشان" إن الفلسطينيين ينظرون إليه على أنه عرض مالي مرهون بالتنازل عن المزيد من حقوقهم المشروعة.

مزيد من التعقيد

ويقول "جهشان" إنه لا يمكن بأي حال اعتبار ورشة المنامة ناجحة.

وقال: "لم يتحقق أي من الأهداف المعلنة المتمثلة في منح كان من المفترض أن تبلغ 50 مليار دولار، فضلا عن القروض المضمونة واستثمارات القطاع الخاص لمساعدة الاقتصاد الفلسطيني. ولم يقترح المشاركون أي تعهدات لتمويل هذه الخطة".

ومع ذلك، كما يقول "جهشان"، فإنه بينما يبدو "كوشنر" هادئا وواثقا، تعد أفكاره أكثر خطورة، ولن تسهم إلا في تعقيد الوضع.

وأضاف: "يتحدى كوشنر الحكمة التقليدية التي كانت قائمة منذ عقود حول كيفية حل النزاع، بعد أن تبنى سياسات اليمينيين الإسرائيليين؛ هربا من أي مناقشة للتطلعات السياسية للفلسطينيين، وحقهم المشروع في تقرير المصير، أو إنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي المستمر منذ 52 عاما للأراضي الفلسطينية".

ويلاحظ "جهشان" أن ما يجعل أجندة "كوشنر" أكثر ضررا هو أن الرئيس "ترامب" قد أعطاه الضوء الأخضر للمضي قدما في أفكاره.

تعزيز التطبيع

ويخلص العديد من المحللين إلى أن ورشة العمل كانت تهدف بالأساس إلى تعزيز المواءمة المتزايدة بين (إسرائيل) ودول الخليج العربية الرئيسية على أساس خصومتها المشتركة تجاه إيران، بدلا من كونها موجهة فعليا لصالح الازدهار الفلسطيني.

وفي مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي، صرح وزير الخارجية البحريني "خالد بن أحمد آل خليفة" بوضوح إن (إسرائيل) جزء من تراث المنطقة. ولم ينطق بكلمة واحدة عن احتلال (إسرائيل) للأراضي الفلسطينية أو حصار غزة. وبدلا من ذلك، ألقى باللوم على إيران في تفاقم الصراع، من خلال تزويد الميليشيات بالمال والسلاح. ولاحقا رفعت البحرين، مضيف ورشة المنامة، حظر السفر إلى (إسرائيل).

وفي الأسبوع الذي تلا الورشة، استقبلت الإمارات وزير خارجية (إسرائيل) في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في أبوظبي.

وأقر ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، في مقابلة مع "ذا أتلانتيك"، بأن للإسرائيليين الحق في أن يكون لهم وطنهم.

ويشرح "داود عبدالله" استخدام "المنامة" كنقطة انطلاق للتطبيع قائلا: "تعرضت السعودية والإمارات لانتقادات شديدة من قبل المجتمع الدولي بسبب الحرب المدمرة التي لا معنى لها في اليمن". وأضاف: "تصور كلا البلدين أن التحرك السريع نحو التطبيع مع (إسرائيل) سيكون وسيلة لتعزيز صورتهما أمام المجتمع الدولي".

ويعتقد "عبدالله" أن ولي العهد السعودي وراء تلك الخطوة لاستعادة الشرعية، بعد حادثة قتل الصحفي السعودي البارز "جمال خاشقجي".

الخطوة التالية

وأصبجت الخطة الأمريكية، التي وصفها الرئيس "ترامب" بأنها "صفقة القرن"، في ورطة، وفقا لعدد من المسؤولين وخبراء عملية السلام.

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني "محمد اشتية"، لشبكة "سي إن إن": "لا يرغب الفلسطينيون في العيش في فنادق 5 نجوم بينما يستمر الاحتلال".

وعلى موقع "ذا أتلانتيك كاونسيل"، كتب السفير الأمريكي السابق "ريتشارد ليبارون": "لا تعد ورشة المنامة جزءا من عملية سلام جادة. إنها عنصر ثانوي في جهد متضافر من جانب إدارة ترامب لدعم سياسات (إسرائيل) اليمينية بكل إخلاص".

ويبدو هذا التحليل دقيقا، وخاصة بعد أن ألقى المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط "غيسون غرينبلات" بعض الضوء على العنصر السياسي القادم لخطة السلام الأمريكية في مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية حيث قال: "لن تتعامل الخطة مع مفهوم حل الدولتين؛ بل سوف ترفض الحلول السابقة لقضايا مثل المستوطنات واللاجئين والقدس. وسوف تصف الخطة المستوطنات بأنها ضواحي أو مدن، لأن وصفها كمستوطنات أمر مهين ومتحيز".

ويخلص "خليل جهشان" إلى أنه إذا كان هذا هو فحوى الشق السياسي، فلن يكون هناك اتفاق بكل تأكيد.

وأضاف: "استمر الرئيس الأمريكي في وصف نفسه بأنه أفضل مفاوض وصانع صفقات، إلا أنه هو وفريقه تبنوا بعض المطالب الأساسية لـ (إسرائيل)، واستخدموا في المقابل جميع التدابير الممكنة لمعاقبة الجانب الفلسطيني. وبحكم التعريف، لا يعد هذا النهج صناعة ناجحة لصفقة".

ونتيجة لذلك، لم يعد من الممكن أخذ "صفقة القرن" على محمل الجد. ولهذا السبب، قدمت مجموعة من الحزبين في "الكونغرس" قرارا يدعم حل الدولتين. وكانت تلك إشارة واضحة لإدارة "ترامب" إلى أن أعضاء الكونغرس ليسوا واثقين في خطة "كوشنر"، خاصة بالنظر إلى أنه ليس لديه خبرة سياسية.

المصدر | إنسايد أرابيا

  كلمات مفتاحية

غرينبلات: لن نعلن صفقة القرن إلا بعد انتخابات إسرائيل