لوب لوغ: سياسات ترامب تعزز نفوذ المتشدديين في إيران

الأربعاء 31 يوليو 2019 09:29 م

عززت حملة الضغط القصوى التي مارسها "دونالد ترامب" ضد إيران، بما في ذلك قراره بالانسحاب من الصفقة النووية لعام 2015، عززت موقف المتشددين في مؤسسات السياسة الخارجية والأمنية الإيرانية، وساهم عجز أوروبا عن إنقاذ الاتفاقية في مواجهة العقوبات الأمريكية أيضا في تعزيز هذا التجاه.

في مقابلة مع شبكة "إن بي آر" في 19 يوليو/تموز، قال وزير الخارجية الإيراني "جواد ظريف": "الاتفاقيات فقدت مصداقيتها في الوطن. لا يفكر الناس بالاتفاق مع الولايات المتحدة بسبب عدم وفائها بكلمتها، أو حتى مع أوروبا بسبب عجزها عن الوفاء بكلمتها. لذا، نعم، الاتفاق يفقد مصداقيته، وبالتالي، أنا أفقد مصداقيتي".

تصاعد نفوذ المتشددين

يمكن إدراك اعتراف ظريف هذا بشكل أفضل بمراقبة الإجراءات التي اتخذتها إيران في الأسابيع الأخيرة، حيث تشير تحركات إيران بإسقاط طائرة أمريكية بدون طيار، على زعم أنها كانت في المجال الجوي الإيراني، واحتجاز ناقلة نفط بريطانية، ردًا على الاحتجاز البريطاني لناقلة إيرانية في وقت سابق من هذا الشهر، إلى تزايد نفوذ القوى السياسية الداخلية المعارضة للتفاعل مع الغرب.

يتم اتخاذ القرارات المهمة المتعلقة بالأمن والسياسة الخارجية في إيران من قبل المجلس الأعلى للأمن القومي، ويضم المجلس رؤساء الفروع الثلاثة للحكومة، ورئيس أركان القوات المسلحة، ورئيس هيئة الخطة والميزانية، وممثلين اثنين عن المرشد الأعلى، ووزير الخارجية، ووزير الداخلية، ووزير الاستخبارات وقائد الحرس الثوري الإسلامي وقائد الجيش، ويجب الموافقة على القرارات التي يتخذها المجلس من قبل المرشد الأعلى.

يمكن أن نستنتج بشكل منطقي أن القرارات الإيرانية الأخيرة فيما يتعلق بامتثالها للاتفاقية أو ردها على احتجاز ناقلتها "جريس 1"، قد اتخذها المجلس ووافق عليها المرشد الأعلى. وعلى الرغم من أن المتشددين كانوا دائماً أقوياء في إيران، تشير جميع الأدلة الآن إلى هيمنة وجهات النظر المتشددة، بما في ذلك في مجلس الأمن القومي،على وجهات النظر الأكثر اعتدالا التي يمثلها "ظريف" والرئيس "حسن روحاني"، المسؤول عن السلطة التنفيذية.

إضعاف موقف المعتدلين

تولى "روحاني" منصبه في عام 2013 بعد حملة انتخابية ركزت على التفاعل مع الغرب وحل الأزمة النووية التي طال أمدها، ولكنه الآن في موقف ضعيف بعد خروج "ترامب" من الاتفاق النووي وتطبيق سياسة أقصى ضغط، ويتعرض كل من "روحاني" و"ظريف" لهجمات متزايدة من قبل خصومهم السياسيين بسبب اختيارهم طريق المفاوضات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وانتقد "رحيم صفوي"، وهو قائد سابق في الحرس الثوري الإيراني يعمل الآن كمستشار للمرشد الأعلى "آية الله علي خامنئي"، بشدة الوضع الحالي في إيران بقوله: "في بعض الأحيان يبدو أن البلاد يمكن أن تدار بشكل أفضل دون حكومة"، في إشارة إلى حكومة "روحاني".

وفي ديسمبر/كانون الأول 2018، اتهمت صحيفة كيهان المتشددة "ظريف" بخداع الشعب الإيراني من خلال التوقيع على الاتفاقية النووية وطلبت من البرلمان والقضاء توبيخه مع رجال الدولة الآخرين، ويرأس تحرير الصحيفة "حسين شريعتمداري" الذي يعد أحد الأصوات المقربة من "خامنئي" في الصحافة الإيرانية. كما بث التليفزيون الإيراني الرسمي مسلسلًا حول اعتقال جاسوس أمريكي في الآونة الأخيرة، وفيه تمت إدانة حكومة "روحاني" مرارًا وتكرارًا على نهجها في العلاقات مع الولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، أدى سقوط طائرة أمريكية بدون طيار والاستيلاء على الناقلة البريطانية إلى جلب شعور بالفخر للإيرانيين، وخاصة الشباب الإيراني، مما يعزز تأثير الفصائل المؤيدة للمقاومة، كما عزز سقوط الطائرة بدون طيار ثقة القادة العسكريين الإيرانيين، وقد تكون هذه الثقة -التي يتم أخذها إلى أقصى الحدود- ضارة إذا دفعت هؤلاء القادة العسكريين إلى المبالغة في تقدير قوة إيران.

يتوجب الآن على الزعماء الغربيين الذين ادعوا أنه لا يوجد فرق بين المعتدلين الإيرانيين -مثل ظريف وروحاني- والمتشددين، إعادة النظر في تحليلهم. ولم يضعف الوضع الحالي فقط من موقف أولئك الذين يفضلون التفاعل مع الغرب، لكنه أدى إلى تقويض مصداقيتهم داخل إيران، ويجب أن يعلم الرئيس الأمريكي أنه إذا كان يأمل في إجراء مفاوضات مع إيران يومًا ما، فيمكنه فعل ذلك فقط مع المعسكر المعتدل. ولن يقتنع المتشددون في أي وقت بإجراء محادثات مع الولايات المتحدة.

الانتخابات قادمة

وتبقى الأخبار السيئة للرئيس "ترامب" هي أن إيران ستجري انتخابات برلمانية في فبراير/شباط 2020. وإذا استمر الاتجاه الحالي، فمن المتوقع أن يتعرض المعتدلون لهزيمة كبيرة، تاركين البرلمان في أيدي المتشددين. وقد يصل هذا الاتجاه إلى ذروته في الانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2021. وكما حدث عندما قام "جورج دبليو بوش" بالرد على تعاون إيران مع المجهود الحربي الأمريكي في أفغانستان بإدراجها في "محور الشر"، مما أدى إلى انتخاب الرئيس المحافظ "محمود أحمدي نجاد" في عام 2005 بدلاً من الرئيس الإصلاحي المنتهية ولايته "محمد خاتمي"، قد تتوج سياسات "دونالد ترامب" بانتصار انتخابي للمحافظين الإيرانيين.

ولن يخدم مثل هذا المستقبل مصلحة أي من الطرفين. ويجب أن تتفاعل إيران مع الغرب لرفع العقوبات وإعادة بناء اقتصادها، ويجب أن تتفاعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع إيران من أجل الاستقرار في منطقة الخليج ولضمان تدفق صادرات النفط، ويبقى الوضع الحالي خسارة واضحة لجميع الأطراف.

المصدر | جليل بايات - لوب لوغ

  كلمات مفتاحية

نيويوركر: ترامب دعا ظريف إلى لقائه وعاقبه على رفضه