مخطط سوداني لتصفية الجيش من الإسلاميين تنفيذا لأجندة إقليمية

الجمعة 2 أغسطس 2019 11:37 ص

رغم مضي أكثر من أسبوع على الإعلان عن إحباط محاولة انقلابية في السودان، إلا أن الجدل لم يتوقف حولها.

وهذا ما دعا رئيس المجلس العسكري، "عبد الفتاح البرهان"، إلى الحديث مطولاً عنها في حواره مع التلفزيون الرسمي، الثلاثاء، مؤكداً أنها محاولة "حقيقية وصحيحة".

ونفى أن يكون المجلس العسكري استدعاها من الأرشيف، على حد قول البرهان، عقب تشكيك في صحة المحاولة الانقلابية، كون أن المجلس العسكري، منذ 11 أبريل/ نيسان الماضي، أعلن عن إحباط ثلاث محاولات انقلابية.

والأربعاء قبل الماضي، أعلن الجيش السوداني إحباط محاولة انقلابية ترأسها رئيس الأركان، "هاشم عبد المطلب"، وعدد من الضباط أصحاب الرتب الرفيعة في الجيش والأمن، وأعضاء في الحركة الإسلامية، وحزب المؤتمر الوطني(حزب عمر البشير).

ويتولى المجلس العسكري الحكم منذ أن عزلت قيادة الجيش، في 11 أبريل/ نيسان الماضي، البشير من الرئاسة (1989- 2019)، تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية.

ومنذ الإعلان عن المحاولة الانقلابية، تواترت الأنباء عن اعتقال ضباط كبار في الجيش وجهاز المخابرات العامة (الأمن والمخابرات سابقاً)، بالإضافة إلى قادة في حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية أبرزهم أمينها العام، الزبير أحمد حسن.

أجندة مصرية إماراتية

وجاءت الاعتقالات لضباط الجيش من ذوي الرتب العليا، ورتب أخرى أقل، بوصفهم إسلاميين، ما اعتبره البعض محاولة لتصفية مؤسسة الجيش من الإسلاميين تنفيذاً لأجندة إقليمية، عقب اتهامات للمجلس العسكري بأنه ينفذ أجندة المحور "الإماراتي السعودي المصري".

هذا المحور، بحسب المراقبين، يدفع "العسكري" إلى التخلص من الإسلاميين أنصار الرئيس المخلوع البشير، باعتبارهم لا يميلون إلى المحور الإماراتي، وأقرب للمحور القطري.

وقال مصدر مطلع إن الاعتقالات امتدت، بالإضافة إلى القيادات الكبيرة، إلى عدد مقدر من الضباط من رتب العمداء واللواء، من دون ذكر رقم محدد.

لكن وسائل إعلام محلية تشير إلى أن عددهم وصل إلى أكثر من 60 ضابطاً.

وأشار المصدر المقرب من الجيش، مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن استهداف الكوادر الإسلامية في الجيش، لن يكون بشكل كبير في الوقت الراهن لأن الأوضاع غير مستقرة ولا تتحمل تغييرات كبيرة.

رسالة طمأنة

فيما يرى بعض المحللين أن ذلك ربما يكون رسالة طمأنة للشركاء القادمين في قوى "إعلان الحرية والتغيير"، وكذلك المحيط الإقليمي الداعم للمجلس العسكري في جدية حربه على رموز النظام السابق من الإسلاميين.

وكان رئيس العسكري، "عبد الفتاح البرهان"، أكد أن لديهم دلائل وشواهد على مشاركة الحركة الإسلامية في الانقلاب.

وشدد "البرهان" على أن "الجيش ليس فيه ولاءات حزبية، وتطهير المحزبين في الجيش لا يحتاج إلى سبب".

وأردف: "الإسلاميون لديهم علاقة بالانقلاب، ولدينا دلائل وشواهد".

ونفت الحركة الإسلامية، التي ينتمي إليها "البشير"، صحة اتهام المجلس العسكري لبعض قياداتها بالضلوع في محاولة انقلاب.

وقالت الحركة، في بيان لها، إنها "تضع دائما أمن واستقرار الوطن في المقدمة.. وتركت المجال للمجلس العسكري للعبور بالبلاد إلى بر الأمان".

وفي وقت سابق، أكد مصدر إعلامي مقرب من المجلس العسكري أن الاعتقالات طالت، إلى جانب رئيس الأركان "هشام عبد المطلب"، كلا من قائد المنطقة المركزية اللواء "محيي الدين أحمد الهادي"، وقائد سلاح المدرعات اللواء "نصر الدين"، وقائد قوة المهام الخاصة اللواء "محمد حسان"، وقائد قوات الدفاع الشعبي اللواء "عبد العظيم علي الأمين" (قوات أنشأها البشير بعد أشهر من توليه السلطة).

لكن اللافت أن تحركات المجلس العسكري نحو أنصار "البشير" جاءت واضحة في استهداف العناصر المحسوبة على الإسلاميين في الجيش، ولم تذهب نحو المواقع الأخرى في السلطة التي لا يزال يشغلها مسؤولو النظام السابق.

ويرى مراقبون أن الغرض من الخطوة ضرب أكبر مراكز قوة النظام السابق ثم يتبعها المؤسسات والوزارات الأخرى.

تسريب رئيس الأركان

كان اللافت تسريب تسجيل يظهر فيه رئيس الأركان "هاشم عبد المطلب"، متحدثاً لأشخاص أمامه فيما بدا أنه تحقيق، وهو يقسم (يحلف بالله) أنه "حركة إسلامية" منذ كان ملازماً في الجيش السوداني، وأنه تلقى اتصالات من قيادات إسلامية منها "الزبير أحمد حسن، وعوض الجاز، وعلي كرتي"، يطلبون منه عدم القيام بمحاولة، حفاظاً على الدماء، (من دون توضيح ما هي المحاولة).

لكن رئيس المجلس العسكري نفي أن يكون هذا التسجيل جزءاً من التحقيق مع عبد المطلب، قائلاً إنها جلسة مع هاشم لمعرفة التفاصيل.

إقرار رئيس الأركان بأنه "حركة إسلامية"، لم يكن مستغرباً لدى السودانيين، بحسب المراقبين، باعتبار أن نظام البشير عمل على جعل الجيش من مؤسسات حزب المؤتمر الوطني، والتعيين فيه يتم بالولاء للحركة الإسلامية.

لكن ذلك لا يعني قدرة المجلس العسكري على إبعادهم؛ لأن ذلك يجعلهم خصما له في المرحلة القادمة، ويجعله في مواجهة قوى الحرية والتغيير من دون أي سند سياسي أو حاضنة شعبية تدعمه كذلك.

والمجلس العسكري في أشد الحاجة حالياً لحلفاء يعبر بهم المرحلة الدقيقة التي تعيشها البلاد، وذلك ممكن مع الإسلاميين باعتبارهم كانوا قبل أشهر يعملون معاً.

يضاف إلى ذلك أن الكثيرين يرون في المجلس العسكري بمثابة امتداد لنظام البشير وإن تغيرت الأوجه.

بينما يرى آخرون أن هذه هي بداية لمعركة قد تطول بين اللجنة الأمنية لنظام البشير (المجلس العسكري حالياً)، حسب وصف المعارضة للمجلس العسكري، ورفاقهم في الماضي، وقد يزيد من اشتعال هذه المعركة رغبة الحلفاء الخليجيين الداعمين للمجلس العسكري.
 

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

عبدالفتاح البرهان الجيش السوداني الإسلاميين