كارنيغي: لا جدوى اقتصادية من مشاريع السيسي العقيمة

الخميس 8 أغسطس 2019 07:05 م

اعتبر مركز كارنيغي أن المشروعات الكبرى التي نفذها نظام الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" خلال الأعوام الأخيرة "عقيمة" و"لا فائدة اقتصادية منها".

وسلط المركز الضوء على تلك المشاريع،  في تقرير للباحث "ماجد مندور"، ذكر فيه أن البنى التحتية للمشاريع التي يجري تنفيذها تفاقم أزمة الديون المستفحلة بالاقتصاد المصري، ورغم ذلك ظلت تشكل أولوية لدى حكومات "السيسي" المتعاقبة.

وتفاقمت هذه الأزمة مع بلوغ الديون 101% من إجمالي  الناتج المحلي المصري بحلول أواخر عام 2018، وكلفة خدمة الدين 31% من موازنة 2016-2017، ما دفع الحكومة المصرية إلى خطة لإعادة هيكلة الديون، بالاعتماد على القروض طويلة المدى وإصدار السندات وأذون الخزانة؛ الأمر الذي زاد من الضغط على الميزانية، بحسب التقرير.

ولفت التقرير إلى أن مشاريع البنى التحتية بطبيعتها تزيد من الأعباء على الموازنة العامة المصرية، ورغم ذلك تتواصل الاندفاعة لتنفيذها لأنها تؤدي وظيفتين مهمتين لدعم نظام "السيسي" حسب تقديره.

 

قبضة اقتصادية

 

وتتمثل الوظيفة الأولى، في توفيّر فرص إضافية للجيش المصرية لزيادة تدخّله في جوانب مختلفة من الاقتصاد،  وهو التدخل الذي أنكره "السيسي" في مايو/أيار الماضي، واصفا دور الجيش الاقتصادي بأنه "إشرافي"، بيد أن التقارير تحدّثت مؤخرًا عن نمو الشركات المملوكة من القوات المسلحة في عهده من خلال مشاركتها في مشاريع ضخمة للبنية التحتية.

وفي هذا الإطار، ضرب التقرير المثل بشركة العريش للإسمنت، التي شيّدت مؤخرًا مصنع الإسمنت الأكبر في مصر بقيمة مليار دولار أمريكي، وبلغت قدرة المصنع الإنتاجية 79 مليون طن في عام 2018، رغم أن قدرة السوق المصرية الحالية على الاستيعاب تُقدَّر بـ52 مليون طن فقط، وهو ما برره الجيش بأن أعمال البناء والمشاريع الجديدة ستؤدّي إلى زيادة حجم السوق.

وإزاء توسُّع الامتداد الاقتصادي للجيش المصري، حذر صندوق النقد الدولي في سبتمبر/أيلول 2017 من أن تدخّل الشركات التابعة لوزارة الدفاع قد يتسبب بتعطيل استحداث الوظائف وتطوير القطاع الخاص.

 وكان "السيسي" نفسه أشاد في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 بقدرة القوات المسلحة على تنفيذ مشاريع البنى التحتية الضخمة بوتيرة أسرع بثلاث إلى أربع مرات من القطاع الخاص، في إشارة إلى نيّته التعويل على الجيش لتنفيذ هذه المشاريع.

 

دعاية سياسية

 

أما الوظيفة الثانية لتلك المشروعات فهي استخدامها كأداة لفرض السلطة وترسيخ الدعم في صفوف مؤيدي نظام "السيسي"، مشيرا إلى أن توسعة قناة السويس تعد المثال الأبرز في هذا المجال.

فنظام "السيسي" صور المشروع على أنه ضروري للتخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية، وفي عام 2014، توقع رئيس هيئة قناة السويس "مهاب مميش" أن تصل الإيرادات إلى 100 مليار دولار في السنة، لكن الأرقام تُظهر أن الحجم الإجمالي للاقتصاد المصري بلغ 249 مليار دولار في أواخر عام 2018، وأن مجموع عائدات قناة السويس في السنة نفسها لم يتجاوز 5.7 مليارات دولار، ما يعني أن التوسعة، التي تكلفت 8 مليارات دولار تقريبا، لم تكن ذات جدوى اقتصادية.

بل إن عائدات القناة شهدت تراجعاً في السنوات الأولى بعد مشروع التوسعة، بواقع 5.5 مليارات دولار عام 2014، و 5.1 مليارات دولار عام 2015، و5 مليارات دولار عام 2016.

وجرى تمويل مشروع توسعة قناة السويس بصورة أساسية من خلال إصدار سندات محلية في سبتمبر/أيلول 2014، بمعدّل فائدة بلغ 12%، وترافق ذلك مع حملة ترويجية وصفت المشاركة في التمويل بأنها واجب وطني، وعلى الرغم من ذلك لم يتمكّن المشروع من توليد إيرادات كافية لتسديد الأقساط؛ ما أرغم وزارة المالية المصرية على تسديد 600 مليون دولار؛ لأن هيئة قناة السويس لم تكن تملك الاحتياطي الضروري لذلك.

وإزاء وضوح الأرقام على انعدام الجدوى الاقتصادية من المشروع، صرّح "السيسي" في مقابلة تليفزيونية (يونيو/حزيران 2016) بأن الهدف من التوسعة كان "رفع معنويات الشعب المصري لا تحقيق منافع اقتصادية ملموسة".

واعتبر تقرير كارنيغي أن جسر روض الفرج، الذي افتتحه "السيسي" في 15 مايو/أيار الماضي، أحد نماذج المشاريع العقيمة أيضا، والتي تم الترويج لها لأهداف سياسية.

ولفت التقرير إلى أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية تولت مشروع الجسر، بالاشتراك مع شركة المقاولون العرب المحلية للإنشاءات، وأن حملة الترويج له وصفته بأنه الجسر المعلّق الأكبر في العالم، وصوّرته بالإنجاز الذي تحوّل إلى "حديث العالم بأسره"، وهو ما تكرر في مشاريع أخرى كالعاصمة الإدارية الجديدة التي دشّنها "السيسي" في يناير/كانون الثاني 2018.

 وشملت المدينة بناء أكبر مسجد في مصر، أُطلِق عليه اسم "الفتاح العليم"، في إشارة واضحة إلى اسم الرئيس المصري.

 

السكة الحديد

 

ولا ينكر التقرير، أن لهذه المشاريع بعض المنافع المحتملة، لكنه أكد أن مصر تواجه ظرفا اقتصاديا لا يسمح بهكذا إنفاق دون عائد اقتصادي واضح، كما أن أولى أولويات مجال البنية التحتية نفسه، وهو ترميم مرفق السكك الحديدية، الذي لم يتحصل على الإنفاق المطلوب من جانب الحكومة.

فالمرفق الذي ينقل 1.4 مليون مصري يوميا بات قديما ومتهالكا، ولم تخصص الحكومة سوى 300 مليون جنيه مصري (18 مليون دولار) له، رغم أن الحاجة ملحة لاستثمار سنوي قدره 10 مليارات جنيه (602 مليون دولار) به.

وأشار تقرير كارنيغي، في هذا الصدد، إلى أن السكك الحديد المصرية شهدت، في عام 2017 وحده، 1657 حادثًا.

وخلص التقرير إلى أن مشاريع البنى التحتية التي يهتم بها "السيسي" تُنفَّذ على حساب مشاريع من شأنها إحداث تحسينات اقتصادية ملموسة تسهم في رفع المستوى المعيشي للمصريين الذين يرزحون تحت وطأة مشقات اقتصادية متزايدة، لافتا إلى ارتفاع معدلات الفقر من 27.8% عام 2017 إلى 30.2% عام 2018، بحسب التقديرات الرسمية، فيما تتحدث تقديرات غير رسمية عن نسبة فقر تخطت الـ 50%.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

عبدالفتاح السيسي قناة السويس العاصمة الإدارية مركز كارنيغي

مصر تبني مدينة أبو قير الجديدة.. قلق من السيطرة الإماراتية وتخوفات من تأثيرها على البيئة