أمريكا وإيران تبادلان سرا رسائل حول السلام بأفغانستان

السبت 17 أغسطس 2019 09:14 ص

رغم التصعيد العسكري والقطيعة السياسية المعلنة، تبادلت كل من واشنطن وطهران سرا رسائل عبر وسطاء غربيين حاولوا جمع البلدين في حوار بينهما للتعاون في تعزيز الأمن في أفغانستان وما يتعلق بوضع حركة "طالبان".

وكشفت "رويترز"، نقلا عن 3 مصادر مطلعة، أن الوسطاء الغربيين نقلوا سرا منذ شهور رسائل بين واشنطن وطهران، رغم تزايد التوتر بينهما، في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" إلى إخراج واشنطن من أطول حرب تخوضها.

وتعد أفغانستان إحدى المناطق التي توجد فيها أرضية مشتركة بين البلدين.

ونفت طهران رسميا وجود أي قنوات اتصال مع واشنطن، بينما رفض البيت الأبيض التعليق على الخبر، ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية على طلبات للحصول على تعقيب.

وقال مصدر مطلع على هذه المراسلات إن إحدى الرسائل إلى واشنطن أوضحت مخاوف طهران من مفاوضات تجريها إدارة "ترامب" مع حركة طالبان الأفغانية بشأن انسحاب القوات الأمريكية ومحادثات أفغانية أفغانية حول تسوية سياسية.

ومن خلال الرسالة، اعتبر مسؤول إيراني كبير أن الدبلوماسي الأمريكي المخضرم المولود في أفغانستان "زلماي خليل زاد" أخطأ حينما دفعه "الحماس المفرط إلى انتهاج مسارات مختصرة والتحدث مباشرة مع طالبان".

ورأى المسؤول أن هذا الحوار منح "تفوقا سياسيا" لحركة "طالبان" في الوقت الذي تحقق فيه مكاسب عسكرية.

وكشفت الرسالة أن قادة "طالبان" أخبروا محاوريهم الإيرانيين أنهم "لن يقبلوا أي شيء أقل من حكومة يهيمنون عليها".

وينتاب إيران الشيعية القلق من حركة "طالبان" السنية، كما أنها كادت أن تخوض حربا أثناء حكم "طالبان" عندما قتل مسلحون 8 دبلوماسيين إيرانيين على الأقل وصحفيا إيرانيا عام 1998.

ويجمع الولايات المتحدة وإيران الاهتمام بضمان ألا يؤدي خروج القوات الأجنبية التي تقودها الولايات المتحدة وقوامها أكثر من 20 ألف جندي إلى انزلاق أفغانستان إلى حرب أهلية تعيد حكم "طالبان".

كما لا يرغب البلدان في أن يسمح الانسحاب الأمريكي بتمدد تنظيم "القاعدة" أو غيره من الجماعات المسلحة هناك.

وتهتم إيران على نحو بالغ بتجنب فرار الأفغان إليها إذا حدث تصاعد في إراقة الدماء كما حدث على مدى عقود من الحرب الدائرة في الدولة الواقعة في آسيا الوسطى.

ولدى "ترامب" وطهران مصلحة مشتركة أخرى؛ إذ يريد كلاهما خروج القوات الأمريكية من أفغانستان.

ورغم وجود تلك القنوات والرسائل السرية، فإنه لا يوجد أي مؤشر على أن طهران أو واشنطن على استعداد لتنحية الخلافات بشأن البرنامج النووي الإيراني والتحالفات الأمريكية والإيرانية في الشرق الأوسط جانبا من أجل التعاون في أفغانستان.

ووفقا لما ذكره مصدران على دراية بالموقفين الأمريكي والإيراني فإنه رغم استعداد إيران للمحادثات فهي تريد على الأقل تعليق العقوبات الأمريكية التي تستهدف وقف صادراتها النفطية وهي المصدر الرئيسي لإيرادات طهران.

ويعتقد المسؤولون الإيرانيون أنه يجب وضع عملية سلام جديدة تلعب فيها الحكومة الأفغانية، المستبعدة من المحادثات بين الولايات المتحدة وحركة "طالبان" في قطر، دورا "مهيمنا"، حسب تلك الرسائل التي كشفت عنها "رويترز".

وأشار "علي جلالي"، الذي شغل منصب أول وزير داخلية لأفغانستان بعد الإطاحة بـ"طالبان"، إلى أنه منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2001 للإطاحة بحكومة "طالبان" أقامت إيران علاقات مع الأخيرة يمكن أن تستخدمها للمساعدة في التوصل إلى تسوية سلمية وانسحاب القوات الأمريكية.

وتحافظ طهران على اتصالات رفيعة المستوى مع "طالبان"، وشكلت ملاذا لعائلات بعض المسلحين. وزودت بعضهم بكميات محدودة من الأسلحة للضغط على القوات الأمريكية بالقرب من حدودها حسبما يقول مسؤولون غربيون.

وسبق أن اتهم وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" إيران بأنها "متواطئة" مع "طالبان"، لكن بعض الخبراء الإقليميين يعتقدون أن طهران تلتزم جانب الحذر تحسبا لعودة المسلحين إلى السلطة، كما أنها ترى "طالبان" كقوة مضادة لذراع تنظيم "الدولة الإسلامية" في أفغانستان.

كما تتمتع طهران بنفوذ في كابول؛ حيث دعمت الحكومات الأفغانية على مدى ما يقرب من عقدين، إضافة إلى احتفاظها بعلاقات وثيقة مع أقلية الهزارة الشيعية، ثالث أكبر مجموعة عرقية في أفغانستان، وزعماء أقليات عرقية أخرى.

ويقول خبراء إقليميون إن واشنطن وطهران تشتركان أيضا في هدف الحيلولة دون أن تتحول أفغانستان إلى قاعدة للجماعات الإسلامية السنية المتطرفة، لا سيما إحدى الجماعات التابعة لتنظيم الدولة، والتي تناصب الولايات المتحدة وإيران العداء.

وقال سفير الولايات المتحدة السابق في كابول "رايان كروكر" إنه لا أحد يعرف الإجابة على سؤال ما إذا كان بإمكان إيران أن تلعب دورا مفيدا في أي مساع لتحقيق السلام أو إن كانت واشنطن ستسمح لها بذلك.

وأضاف: "أشك تماما في أنهم (الوسطاء) سيحصلون على أي نتيجة بسبب السياسة التي تتبعها هذه الإدارة بشأن إيران. أخشى أن السفينة قد أبحرت".

 

المصدر | رويترز + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

طالبان أفغانستان محادثات أمريكا وطالبان

كابول تطلق سراح عسكريين إيرانيين متهمين بنقل أسلحة لطالبان

فورين أفيرز: لماذا تسعى إيران لتحسين علاقاتها مع طالبان؟

ظريف يبحث مع وفد من طالبان مستجدات الساحة الأفغانية