ستراتفور: هذه عواقب طرد تركيا من برنامج المقاتلة إف - 35

الأحد 18 أغسطس 2019 12:16 ص

أعلنت إدارة الرئيس "دونالد ترامب" في منتصف يوليو/ تموز أنها ستخرج تركيا من برنامجها لطائرات "إف - 35" الشبحية، بعد أن تلقت الأخيرة أول شحنة من نظام الدفاع الجوي الروسي الصنع من طراز "إس - 400".

وسيمنع قرار الولايات المتحدة تركيا من تسليم أيٍ من طائرات "إف - 35" التي يزيد عددها عن 100 طائرة والتي خططت أنقرة لشرائها.

كما أن قرار البيت الأبيض لا يقتصر على منع حصول تركيا على الطائرات، بل يزيل المقاولين الأتراك من سلاسل إنتاج الطائرة "إف - 35".

وكان من المقرر أيضًا أن تستضيف تركيا قاعدة للصيانة، حيث يمكن لدول الشرق الأوسط التي لديها أساطيل من طراز "إف - 35" الحصول على خدمات لطائراتها.

وقد تم الغاء هذه الخطة التي كان من المقدر أن تكلف الولايات المتحدة 500 مليون دولار.

أما بالنسبة لتركيا، فقد دفعت بالفعل أكثر من مليار دولار لشراء طائرات من طراز "إف - 35"، وهو مبلغ قد لا تسترده.

من خلال استلام منظومة "إس - 400" يبدو أن تركيا لم تعطل سلسلة الإمداد والتصنيع الخاصة بالطائرة "إف - 35" فحسب، بل إنها فقدت أيضًا قدرتها على إضافة الجيل التالي من الطائرات المقاتلة إلى سلاحها الجوي.

وفي المقابل، اختارت تركيا شراء سلاح تكتيكي روسي قد يوفر قدراً ضئيلاً من الأمن في ظل مجموعة محدودة من الظروف، وضحت بالمقاتلة "إف - 35" التي كان من المقرر أن تمنح أنقرة تفوقا جويا إقليميا.

في هذه المرحلة، يظل من غير الواضح ما هي البدائل التي ستلجأ إليها أنقرة لتعزيز قواتها الجوية، وأصبحت مقاتلات "إف - 16" المستخدمة في سلاح الجو التركي قديمة كما أن أسطولها من القاذفات المقاتلة من طراز "إف - 4" و"إف - 5" عفا عليه الزمن، خاصة مع تحطم العديد من الوحدات في السنوات القليلة الماضية. 

وبمجرد أن تسلمت تركيا الشحنة الأولى من "إس - 400" منتصف يوليو/تموز، أبدت روسيا استعدادها للدخول في محادثات مع تركيا حول بيع طائرات روسية متطورة من طراز "سوخوي - 35".

رؤى متباينة

وعلى الرغم من أن شحن "إس - 400" إلى تركيا بدأ بالفعل، صرح الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" للصحفيين بأن عملية تسليم المكونات والصواريخ بالكامل لن تكتمل حتى أبريل/ نيسان 2020.

ومن المحتمل أن نظام "إس - 400" لن يدخل خيز العمل قبل أن تنتهي لعبة الوقت التي تلعبها تركيا.

وقد أشار الكونغرس الأمريكي إلى أن تركيا ستواجه عقوبات كبيرة بموجب قانون "مواجهة خصوم أمريكا من خلال العقوبات" إذا قامت بنشر "إس - 400"، ويبقى السؤال هنا: ماذا لو تأخرت تركيا عن تشغيل الأنظمة أو حتى قامت ببيعها لطرف ثالث؟ ولهذه الأسباب، طلب "ترامب" مساحة للتفاوض مع تركيا قبل تنفيذ العقوبات.

على الجانب الأمريكي، هناك رغبة حقيقية في تجنب تعطيل دورة إنتاج طائرة "إف - 35" وهو ما سيحدث إذا تمت إزالة تركيا فعليًا من البرنامج.

وهناك قلق آخر يركز على ما قد تفعله تركيا إذا تم فرض العقوبات عليها، حيث صرح "أردوغان" بوضوح أنه إذا اتخذت الولايات المتحدة مثل هذه التدابير، فسترد تركيا بالمثل، بدءًا بالطرد المحتمل للقوات الأمريكية من قاعدة إنجرليك الجوية، وهو إجراء يمكن أن يعطل العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة.

وعلى الجاتب التركي، قد يكون الضرر حقيقيًا للغاية، فمجرد إزالة تركيا من دورة إنتاج المقاتلة الشبحية يعني أن المتعاقدين الدفاعيين الأتراك سيخسرون ما يقرب من 10 مليارات دولار من العائدات، وهو مبلغ قد يكون له تأثير كارثي على صناعة الدفاع الناشئة في تركيا.

علاوة على ذلك، يمكن أن يجد الجيش التركي نفسه يتعامل مع حظر أسلحة مماثل للحظر الذي واجهه في منتصف سبعينيات القرن الماضي عندما حظر الكونغرس بيع الأسلحة الأمريكية إلى تركيا بعد غزوها لقبرص.

ومن المحتمل أن يشل هذا تركيا عسكريا إذا وجدت نفسها غير قادرة على تحديث مخزوناتها الحالية من الأسلحة.

توقيت سيء

تلوح هذه المتغيرات في الأفق في لحظة غير مناسبة، فمن ناحية، دفع قرار تركيا البدء في البحث عن الطاقة قبالة ساحل قبرص المقسمة عرقيا الاتحاد الأوروبي إلى معاقبة أنقرة، نظرا لأن الاتحاد الأوروبي يعترف فقط بدولة قبرص اليونانية (الجنوبية) في حين تعترف تركيا بالإدارة القبرصية التركية في الجزء الشمالي من قبرص وتحتج بأن موارد هيدروكربونية موجودة في المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلاد تخص جميع القبارصة.

وهنا يظهر سؤال آخر حول موقف الولايات المتحدة حال نشوب وجود صراع بين تركيا وأي قوة أوروبية أخرى.

وفي السنوات السابقة، توسطت الولايات المتحدة في القضايا المثيرة للجدل وساهمت في حلها، لكن سياسة الولايات المتحدة في ظل إدارة "ترامب" تنزع إلى فك الارتباط مع القضايا الإقليمية.

ومع تفاقم الأزمة الثنائية بين الولايات المتحدة وتركيا، من الواضح أيضًا أن تركيا لن تثق في الولايات المتحدة للتوسط في حالة نشوب صراع غير متوقع.

ما هو خارج الحسابات بالتأكيد حتى الآن، هو خيار طرد تركيا من الناتو.

ومع ذلك، من المحتمل أن تؤدي قضية "إف - 35" إلى إزالة تركيا من البرامج والبعثات والمنصات الاستخباراتية الرئيسية لحلف الناتو، لأن نشر نظام "إٍس - 400" يشكل تهديدًا مباشرًا لأمن الناتو التشغيلي.

وبخلاف تركيا، تهتم دول مثل الصين ومصر وبعض دول الخليج بشراء "إس - 400".

وإذا لم يتم اتخاذ إجراء حازم مع تركيا، تخشى الولايات المتحدة أن ذلك قد يفتح الباب على مصراعيه أمام حلفائها الآخرين لشراء أسلحة لا تصنعها الولايات المتحدة.

ومن غير المرجح أن يتسامح الكونغرس مع هذا أو يقبله.

في التحليل النهائي، تبدو الصورة الأوسع واضحة: هناك حالة حقيقية من فقدان الثقة بين الولايات المتحدة وتركيا، وسيكون من الصعب إعادة تأسيس هذه الثقة قريبًا بشكل جوهري.

ومع ذلك، فإن مسألة ما إذا كانت منظومة "إس - 400" ستعمل فعليًا في تركيا لا تزال مطروحة.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات التركية الأمريكية توتر العلاقات التركية الأمريكية منظومة صواريخ إس 400 مقاتلات إف 35

أكبر عقد للبنتاغون مع لوكهيد مارتن لشراء 478 مقاتلة إف-35