استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الشعب الطاهر والنخب الفاسدة

السبت 24 أغسطس 2019 10:50 ص

الشعب الطاهر والنخب الفاسدة

السلطة بيد فئة قليلة من الناس طورت مصالح عميقة في إدامة نمط حكم الأقلية.

تلاشت الإصلاحات من التفكير الغربي وانحاز مرة أخرى إلى الأنظمة المستبدة.

لا قدرة عادة لمجتمعات حكم الأقلية على الدفاع عن دولها عند الخطر ولا يمكن استنهاضها!

النخب الفاسدة متضامنة فلا طموح سياسي لديها خارج النظام القائم، ويحاربون التغيير بذرائع عديدة.

الغرب المهيمن على النظام الدولي يعادي تطلعات الشعوب للتحرر من نير الاستبداد ويقدم الاستقرار على التغيير الديمقراطي.

*     *     *

ينقسم المجتمع في الدول غير الديمقراطية إلى فئتين: الشعب الطاهر مقابل النخب الفاسدة. وقد تجذرت فكرة فساد النخب في مجتمعات العالم الثالث وساهم في ذلك الانطباع السائد بأن طبيعة الحكم الأوليغاركي تبقي السلطة بيد فئة قليلة من الناس طورت مصالح عميقة في ادامة هذا النمط من حكم الأقلية.

ولم تفلح الإصلاحات الديمقراطية التي جاءت مع الموجة الثالثة للديمقراطية من تغيير الحال، فهذه الإصلاحات كانت ضربات استباقية لشراء الوقت ولتضليل الشعب بأنه سيحكم نفسه في نهاية المطاف. بمعنى أن النخب المستفيدة من الوضع القائم احتالت على الشعوب.

وما زاد الطين بلة ذلك الدور الذي لعبه العامل الخارجي الذي استلزمت مصالحه أن يتحالف مع أنظمة الحكم الأوليغاركي الفاسد، فالدول الغربية المهيمنة على النظام الدولي لقرون طويلة عادت تطلعات الشعوب في التحرر من نير الاستبداد، وتبنت مقاربة قصيرة الأمد تقدم الاستقرار على التغيير الديمقراطي.

والتفكير الغربي الذي ساد في مطلع الألفية الثالثة والذي نادى بالإصلاحات الديمقراطية ما لبث أن تلاشى وتبخر أمام واقع الريلبوليتيكي real politics الذي انحاز مرة أخرى إلى الأنظمة المستبدة.

ومارست هذه الأنظمة ضغطا كبيرا على الدول الغربية وصل إلى حد التهديد بأن بديلهم لن يكون أنظمة ديمقراطية سلمية وانما إسلام سياسي منفلت من العقال لا يؤمن بقيم الديمقراطية والتعددية وسيستهدف المصالح الغربية عاجلا أم آجلا.

ربما أهم حدث في الألفية الجديدة ليس اندلاع الربيع العربي بل فشل ثورات الربيع العربي في تغيير المعادلة الناجزة والمتحكمة في هذه المجتمعات، فما تزال هناك فئة عريضة تمتلك نسبة قليلة من الناتج المحلي مقابل وجود فئة قليلة العدد تسيطر على النسبة الأكبر من الناتج المحلي.

ولم يتغير الأمر كثيرا في نمط الحكم، فالأنظمة أثبتت عدم قدرتها على التعلم من تجارب التاريخ، فما يزال الاستبداد بشتى أنواعه مسيطرا، وسمحت هذه الأنظمة عن وعيّ بانتشار الفساد وخلق جيل من الطامحين المدافعين عن اسيادهم المتنفذين.

بمعنى أن الفئة الفاسدة تمكنت من اغواء العديد من أبناء الفئة الاعرض لتخون مصالحها، وهذا ما نلمسه الآن بشكل جلي عندما يتنطح من لا يملك قوت يومه بالدفاع عن هذا الفاسد أو ذاك.

ورغم التنافس الشديد بين أعضاء فئة النخب الفاسدة إلا أنهم متضامنون، فلا يوجد لديهم أي طموح سياسي خارج النظام القائم، ويحاربون التغيير بذرائع لها أول ولا آخر لها.

هذا الداء انتقل إلى المؤسسات أيضا، فمثلا تجد في إحدى المؤسسات فئة صغيرة تتقاسم كل شيء على حساب الآخرين، وجلهم وصل إلى موقعه لأسباب لا علاقة لها بالكفاءة وانما لاعتبارات أخرى.

وعلى العكس من ذلك يتم استهداف صاحب الكفاءة وابعاده أو النيل منه عن طريق الإشاعة. ويجري هذا كله تحت أنف النظام الذي لا يقوى على التدخل لأنه يستند إلى هذه المؤسسات لخلق وهم الدولة.

لذلك يلمس المراقب جرأة غير عادية في المخالفات التي تجري في مؤسسات هذه الدول التي تتحول بقدرة قادر وسيلة للإثراء والتأثير أيضا. هذه المجتمعات في العادة لا تكون قادرة على الدفاع عن دولها عندما تدق الساعة ولا يمكن استنهاضها وكما يقال بالعامية "العليق وقت الغارة لا ينفع".

وكأن أحدا لم يتعلم درس العراق العام 2003. واللافت أن ما يجري في هذه المجتمعات يجري في المؤسسات والنتيجة الاحباط واليأس وهنا مكمن الخطورة، فلا يمكن معالجة الاحباط إذا رافقه اليأس عندئذ لا يعرف أحد أي مولود سيأتي به الطلق.

* د. حسن البراري أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأردنية

المصدر | الغد الأردنية

  كلمات مفتاحية