كيف تحولت العولمة إلى نقمة على الاقتصاد الأميركي؟

الاثنين 26 أغسطس 2019 12:15 م

كيف تحولت العولمة إلى نقمة على الاقتصاد الأميركي؟

لا يستبعد خبراء اقتصاد أن تؤدي العولمة إلى تخلف أميركا صناعياً مقابل تقدم الصين.

يرى نصف الأميركيين أن العولمة فتحت الحدود للسلع والخدمات وأضرت باقتصاد أميركا.

نعمة انقلبت إلى نقمة بعد هجرة كثيفة لرأس المال والتقنية والصناعة الأميركية إلى آسيا وتحديداً الصين.

العولمة دمرت الاقتصاد الأميركي وأفادت الصين التي استفادت من التقنية الأميركية عبر هجرات مكثفة للشركات الأميركية إليها.

استراتيجية ترامب الاقتصادية قضاء على العولمة و"حماية الصناعة والمنتج المحلي" ينفذها بالرسوم الجمركية والتفاوض التجاري وتفكيك المؤسسات الدولية.

*     *     *

بقلم | موسى مهدي

ربما تكون العولمة نعمةً ساهمت في النمو السريع الذي حدث في أسواق المال وثراء حملة الأسهم  في أميركا، حتى أزمة 2008 المالية العالمية، لكن هذه النعمة انقلبت إلى نقمة بعد هجرة كثيفة لرأس المال والتقنية والصناعة الأميركية إلى آسيا وتحديداً الصين.

وحسب نتائج مسح أجرته صحيفة "لوس أنجليس تايمز" مع وكالة "بلومبيرغ"، فإن 50% من الأميركيين الذين شملهم المسح يرون أن العولمة التي فتحت الحدود للسلع والخدمات أضرت بالاقتصاد الأميركي، فيما قال 26% فقط إنها كانت مفيدة.

ولا يستبعد خبراء اقتصاد أن تكون إحدى نتائج العولمة هي تخلف أميركا صناعياً مقابل تقدم الصين. ويرى الخبراء أنفسهم أن هجرة التقنية المالية والصناعية من أميركا إلى الصين هي السبب الرئيسي في الحرب التجارية الطاحنة التي تخوضها أميركا ضد الصين على عدة جبهات، وربما تنتهي بكساد للاقتصادين الأميركي والعالمي.

في هذا الصدد، يرى الاقتصادي الأميركي بول كريغ روبرتس، في تحليل بمعهد دراسات الاقتصاد السياسي الأميركي، أن العولمة دمرت الاقتصاد الأميركي وأفادت دول العالم، خاصة الصين التي استفادت كثيرا من التقنية والخبرات الأميركية، وذلك عبر الهجرات المكثفة لكبرى الشركات الأميركية إليها.

ويقول كريج في تحليله، الذي نشره قبل 3 أيام على موقع المعهد، إن مشكلة الاقتصاد الأميركي أن العولمة فككت ركائزه الصناعية، حيث هاجرت الشركات الأميركية للتصنيع خارج البلاد.

وقال إن هذه الهجرة أدت إلى هجرة الوظائف والخبرات الأميركية، كما خفضت من القدرات الأميركية في الصناعة والاختراع والبحث العلمي.

وأضاف أن النمو الذي تشهده أرباح الشركات حالياً، يعود إلى النمو القوي في القوة الشرائية الأميركية وخفض الضرائب، لكنه نمو قصير المدى وعلى حساب النمو الاقتصادي طويل المدى.

وأشار إلى أن هذه الهجرة حولت الاقتصاد الأميركي من اقتصاد ينتمي إلى العالم الأول إلى اقتصاد ينتمي إلى اقتصادات العالم الثالث، إذ تم إهمال الصناعة التي كانت قوة دفع الاقتصاد الأميركي طوال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. 

ورأى أن مسألة رفع الرسوم على البضائع الصينية التي يطبقها الرئيس دونالد ترامب لا تحل مشكلة الاقتصاد الأميركي. وأضاف أن إدارة ترامب تقول إن أعباء الرسوم تقع على عاتق الصين، لكن في الواقع تقع على الولايات المتحدة!

فهذه الرسوم تدفع بواسطة الشركات الأميركية التي تصنع في الصين مثل آبل ونايك وليفي والعديد من الشركات الأخرى التي تتخذ من الصين موقعاً لتصنيع بضائعها.

يذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنى استراتيجيته الاقتصادية على القضاء على العولمة والعودة إلى "حماية الصناعة والمنتج المحلي"، التي ينفذها عبر الرسوم الجمركية وإعادة التفاوض التجاري مع الدول على انفراد، ومحاولة تفكيك المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية وعلى رأسها منظمة التجارة العالمية.

لكن العديد من خبراء الاقتصاد يرون أن ترامب لن يتمكن من دفع دفة الاقتصاد الأميركي إلى العهد الصناعي، في وقت يجد فيه أصحاب الثروة في أميركا فرصة الحصول على أرباح هائلة من التمويلات المتوفرة لهم بنسب فائدة منخفضة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" وإقراضها بنسبب فائدة مرتفعة في دول آسيا والصين.

* موسى مهدي كاتب صحفي اقتصادي

المصدر | العربي الجديد

 

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية