ماذا وراء هجمات (إسرائيل) الأخيرة في لبنان؟

الثلاثاء 27 أغسطس 2019 10:49 م

تشن (إسرائيل) ضربات على أهداف مرتبطة بإيران في سوريا منذ سنوات، والآن يتوسع نشاطها ضد إيران في المنطقة. وقد تسببت حوادث الطائرات بدون طيار الغامضة في بيروت في إثارة مسألة ما إذا كانت (إسرائيل) تقوم بتوسيع أهدافها لتشمل "حزب الله" في لبنان؛ مما يزيد من خطر نشوب صراع أوسع في هذه العملية.

  • ماذا حدث؟

تحطمت طائرتان بدون طيار في ظروف غير واضحة في الضاحية الجنوبية لبيروت في 24 أغسطس/آب. ويقول "حزب الله" إن الطائرات المحطمة كانت إسرائيلية من نفس النوع الذي استخدمته (تل أبيب) من قبل. وليس من الواضح بعد إذا كانت الطائرات قد تعطلت أو أنها تم إرسالها بغرض التفجير عن قصد. ولم تتبن (إسرائيل) حادثة الطائرات بدون طيار، لكنها عادةً ما ترفض الاعتراف بالعمليات في الخارج.

وفي خطاب ألقاه في 25 أغسطس/آب، هدد زعيم "حزب الله"، "حسن نصرالله"، بالانتقام من (إسرائيل)؛ بسبب الحادثة التي وصفها بأنها أول هجوم إسرائيلي على لبنان منذ حرب عام 2006. وأضاف "نصرالله" أن "حزب الله" سيسقط أي طائرة إسرائيلية أخرى تحلق فوق لبنان في المستقبل. وعلى نفس النغمة، صرح الرئيس اللبناني "ميشال عون" قائلا إن الحادث يمثل "عملا من أعمال الحرب". في غضون ذلك، أبلغت وسائل الإعلام التابعة لـ"حزب الله" عن هجوم إسرائيلي على القيادة العامة لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" بالقرب من وادي البقاع شرقي لبنان، وهي منطقة لم يكن من المعروف عن الجماعة الفلسطينية المسلحة أنها تعمل بها من قبل.

تبرز هذه الأنشطة في لبنان نهج (إسرائيل) الأخير تجاه جارتها الشمالية. وفي حين انخرطت (إسرائيل) و"حزب الله" في مناوشات متعددة على الحدود منذ عام 2006، فإن هذا هو أول حادث يشتبه في أنه يرتبط بـ(تل أبيب) في بيروت. وتجنبت (إسرائيل) ضرب "حزب الله" مباشرة في لبنان إلى حد كبير؛ بسبب المخاوف من تصعيد المواجهة، لكن يمكن أن يفترض "حزب الله" أن أي ضربات إسرائيلية هي مجرد موجة أولى من هجوم مفاجئ ضخم قد يستهدف البنية التحتية للحزب.

وبغض النظر عما إذا كانت الطائرات بدون طيار التي انفجرت مؤخرا إسرائيلية، تشير اتهامات "نصرالله" إلى أن الجماعة المسلحة قد تكون أكثر استعدادا لمهاجمة (إسرائيل) مما كانت عليه في الآونة الأخيرة. وطالما حرص "حزب الله" في السنوات الأخيرة على ألا يكون عدوانيا جدا ضد (إسرائيل) بدافع مخاوفه من إثارة صراع شامل. لكن في الوقت نفسه، يريد ردع (إسرائيل) عن أي توغلات متكررة ويريد تلبية رغبة مؤيديه في الانتقام من (إسرائيل).

  • السياق

تهدد التوترات بين "حزب الله" و(إسرائيل) بخطر اندلاع صراع مفتوح، لكنها تأتي الآن مقترنة بزيادة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران والتوترات الإسرائيلية الإيرانية؛ ما يزيد من فرص الصراع الإقليمي. وجاءت حوادث الطائرات بدون طيار في بيروت وسط عدد من الهجمات الأخرى المنسوبة إلى (إسرائيل) ضد الجماعات المرتبطة بإيران. ونفذت (إسرائيل) غارات جوية على أهداف تابعة لإيران في بلدة عقربة السورية في 24 أغسطس/آب، وزعمت أنها أحبطت بذلك هجوما بطائرة إيرانية على (إسرائيل). وفي اليوم التالي، قصفت (إسرائيل) قافلة لقوات "الحشد الشعبي" المرتبطة بإيران في العراق، بالقرب من الحدود العراقية السورية.

تمثل الحوادث الثلاثة ضربات استباقية على أهداف مرتبطة بإيران، وتشير ربما أن (إسرائيل) اكتشفت تهديدات خطيرة وشيكة قد تهدد أمنها. كما تشير إلى أن (إسرائيل) تعتقد أنها تستطيع التوسع بأمان في حملتها الحالية ضد المصالح الإيرانية في سوريا دون التعرض لخطر إثارة رد فعل عكسي كبير. ومن المحتمل أيضا أن (إسرائيل) تشعر بالجرأة لتوسيع أنشطتها العدوانية؛ بسبب الدعم القوي الذي تتمتع به من إدارة الرئيس "دونالد ترامب"، وهو دعم يمكن أن يمتد ليشمل الدعم العسكري إذا هاجمت إيران (إسرائيل).

وبلا شك، تلعب الانتخابات البرلمانية الوشيكة في (إسرائيل) دورا في هذه التطورات. تجعل مثل هذه الضربات رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" يبدو وكأنه مدافع قوي عن الأمن القومي في الوقت الذي يواجه فيه فضائح فساد كبيرة ويتلقى انتقادات لعدم تحركه بحزم بما فيه الكفاية ضد حركة "حماس" الفلسطينية.

ويبقى خطر قيام "حزب الله" بضربات انتقامية ضد أهداف إسرائيلية كبيرا، لا سيما بالنظر إلى البيان القوي الصادر عن "عون" الذي يدين الحادث. وعندما هاجمت (إسرائيل) في السابق هدفًا بارزا لـ"حزب الله" في لبنان، ردت الجماعة المسلحة بضرب أهداف للجيش الإسرائيلي في شمال الأرض المحتلة تسببت في مقتل العديد من العسكريين في عام 2015 على سبيل المثال.

لكن "حزب الله" قد يرد هذه المرة من سوريا؛ حيث تعد قواعد الاشتباك بين (إسرائيل) وإيران وحلفائها راسخة نسبيا؛ وهذا يمكن أن يبقي لبنان خارج اللعبة في أي دورة لاحقة من الضربات الإسرائيلية المضادة. وقد يفضل "حزب الله" هذا الخيار في ضوء الاقتصاد الضعيف في لبنان ومشكلة نقص التمويل لدى الحزب. ومن شأن أي صراع واسع النطاق مع (إسرائيل) في لبنان من شأنه أن يدمر لبنان، وستكون إيران أقل قدرة بكثير على المساعدة في إعادة بنائه أو إعادة تزويد "حزب الله" كما فعلت بعد حرب 2006.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

دولة الاحتلال الإسرائيلي حزب الله اللبناني

تمديد مهمة اليونيفيل جنوبي لبنان لمدة عام