بعد الخلاف السعودي الإماراتي.. آن الأوان لإنهاء حرب اليمن

الاثنين 16 سبتمبر 2019 09:26 م

منذ بدء التدخل العسكري السعودي - الإماراتي المشترك في اليمن، لعبت الولايات المتحدة دورا مهما في دعم التحالف، وقد تسببت هذه الحرب في خسائر فادحة للشعب اليمني.

ووفقا لأحد التقديرات، تم قتل أكثر من 91 ألفا و600 شخص في أعمال العنف منذ عام 2015، وقد توفي ما لا يقل عن 85 ألف طفل دون سن الخمس سنوات بسبب الجوع والأمراض التي يمكن الوقاية منها.

واستمرت الولايات المتحدة، في عهد "أوباما" و"ترامب"، في توفير الأسلحة وغيرها من أشكال الدعم العسكري للتحالف.

وفي الأسابيع الأخيرة، اتخذت الحرب المدمرة بالفعل في اليمن منعطفا أطلق العنان لمزيد من الصراع في البلد الذي مزقته الحرب، وعلى الرغم من أن المراقبين الأجانب وصفوها بأنها حرب "بالوكالة" بين القوى الإقليمية، تبرز الأحداث الأخيرة في جنوب اليمن الطرق التي لا تزال بها الانقسامات التاريخية تشكل السياسة الحالية، وأن هذه الانقاسامات ستلعب بلا شك دورا في تشكيل مستقبل اليمن.

ويعمل هذا الصراع، الذي استولت فيه القوات الانفصالية المدعومة من الإمارات العربية المتحدة على عدن من حكومة "هادي" المدعومة من المملكة العربية السعودية، أيضا على نزع الشرعية عن مشاركة الولايات المتحدة في التدخل السعودي الإماراتي، الذي يقترب الآن من 4 أعوام ونصف العام.

وطوال الحرب، أكد التحالف الذي تقوده السعودية التزامه بإعادة الرئيس اليمني "عبد ربه منصور هادي" إلى السلطة، ومع ذلك، تظهر الأحداث الأخيرة أن أعضاء التحالف المدعومين استخباراتيا وعسكريا من الولايات المتحدة لا يمكنهم حتى الاتفاق على أهداف تدخلهم في اليمن.

ولا يؤدي استمرار مشاركة الولايات المتحدة إلا إلى إطالة هذا التدخل الذي فقد أهدافه بشكل متزايد، ووفقا لتقرير حديث للأمم المتحدة، قد يورط هذا التدخل الولايات المتحدة في جرائم حرب، وفي ضوء هذه التطورات، يجب أن تكون الصورة الأخلاقية للحرب في اليمن في مقدمة النقاشات السياسية في العاصمة الأمريكية.

ولفهم أهمية هذا الصراع، وتأثيره المحتمل على التدخل الأمريكي - السعودي، من المهم دراسة تاريخ اليمن الحديث.

لمحة تاريخية

قبل وحدة اليمن عام 1990، حكم مستعمرون مختلفون أجزاء من البلاد؛ حيث حكم العثمانيون شمال اليمن حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، في حين احتلت الإمبراطورية البريطانية عدن وجنوب اليمن من عام 1839 حتى عام 1967.

وفي أعقاب انهيار الإمبراطورية العثمانية في شمال اليمن، حكمت المملكة "المتوكلية" الشمال حتى الانقلاب المدعوم من "جمال عبدالناصر" رئيس مصر عام 1962، والذي تشكلت بموجبه الجمهورية العربية اليمنية، أو جمهورية شمال اليمن، وفي الوقت نفسه، غادر البريطانيون الجنوب عام 1967، وبعد ذلك، وُلدت "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، أو جمهورية جنوب اليمن، التي تحولت بعد ذلك بوقت قصير إلى جمهورية اشتراكية ماركسية.

وعلى الرغم من وحدة البلدين فيما بعد تحت علم واحد، فقد ترك المستعمرون بصمة لا تُمحى على ثقافة كل بلد، وشمل ذلك النظرة إلى الدين، ففي حين لعبت الطائفتان الشيعية والسنية دورا بارزا في شمال اليمن، فقد عمل الزعماء الجنوبيون، خاصة في عدن، على التقليل من أهمية الدين في الحياة اليومية.

وكانت الاختلافات الأخرى واضحة أيضا، فعلى سبيل المثال، على الرغم من أن معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة كانت منخفضة في كلا البلدين، لكنها كانت أعلى في جنوب اليمن بحلول عام 1985.

وفي الوقت الذي كانت فيه النساء الملتحقات بجامعة صنعاء في الفترة من 1989 إلى 1990 يمثلن 14% فقط من الطلاب، كانت نسبة 41% من الطلاب المسجلين في الجامعة في عدن من النساء، وعلى الرغم من هذه الاختلافات وغيرها من الاختلافات السياسية والدينية والاجتماعية، وكذلك العداء الذي أدى إلى حرب أهلية بين الشمال والجنوب في عام 1972، واغتيال رئيس اليمن الشمالي "أحمد حسين الغشمي" عام 1978، نجح الطرفان في التوصل إلى اتفاق لتوحيد شطري اليمن مطلع التسعينات.

وحدة هشة

أدت الظروف الاقتصادية المتدهورة في جنوب اليمن، التي نجمت جزئيا عن خسارة المساعدات الاقتصادية القادمة من الاتحاد السوفييتي المنهار إلى دفع جنوب اليمن نحو محادثات الوحدة عام 1988، وتم تشكيل الجمهورية اليمنية في مايو/أيار 1990، مع وجود "علي عبدالله صالح" من شمال اليمن رئيسا، و"علي سالم البيض" من جنوب اليمن نائبا للرئيس.

لكن الوحدة لم تدم طويلا، وعلى الرغم من أن جنوب اليمن كان أكبر جغرافيا من الشمال، إلا أن سكانه لم يمثلوا سوى 20% من سكان البلاد، وهو الخلل السكاني الذي لا يزال قائما حتى اليوم، ومع فتح الحدود الآن، بدأ العديد من اليمنيين في الشمال بالانتقال إلى الجنوب، ما عزز المخاوف الجنوبية من أن يفوق الشماليون عددهم، وعندما فاز الحزب اليمني الاشتراكي التابع لـ"البيض" بـ56 مقعدا من أصل 301 مقعدا في البرلمان عام 1993، أي بنسبة 18%، بدأت الوحدة الهشة في الانهيار.

حرب أهلية

وفي 21 مايو/أيار 1994، أي في الذكرى الرابعة للوحدة، أعلن زعماء الجنوب الانفصال عن الشمال، وجاء رد "صالح"، وهو من قدامى المحاربين في الجيش قبل أن يصبح رئيسا لشمال اليمن عام 1978 ورئيسا لليمن الموحد عام 1990، بتحريك قواته للحرب.

وبعد الاستيلاء على قاعدة عسكرية جنوبية سمحت له بالوصول إلى حقول النفط في البلاد، نجحت القوات الشمالية بقيادة الرئيس اليمني الحالي "عبدربه منصور هادي" آنذاك في هزيمة تمرد الجنوب.

وبحلول شهر يوليو/تموز، كان "علي عبدالله صالح" يسيطر بشكل كامل على اليمن، بينما تم نفي "علي سالم البيض"، إلى جانب الكثيرين من حزبه الاشتراكي، وفي وقت لاحق من عام 1994، كمكافأة على خدماته، قام صالح بتعيين "هادي"، المولود في الجنوب، في منصب نائب الرئيس، واستمر "هادي" في شغل منصب نائب رئيس "صالح" إلى أن نقل "صالح" السلطة إليه في أواخر عام 2011، بعد أن نجا من محاولة اغتيال في يونيو/حزيران من ذلك العام.

إحياء النزعة الانفصالية

وبحلول عام 2007، أدى الاستياء من مختلف أشكال التهميش، فضلا عن سوء استغلال الموارد الجنوبية من قبل النخب الشمالية، إلى إنشاء الحركة الجنوبية "حراك"، التي تحدت "صالح"، وجددت دعوات الانفصال عن الشمال.

واكتسبت "حراك"، إلى جانب الجماعات السياسية الأخرى مثل الحوثيين، زخما عندما قام اليمنيون بانتفاضة سلمية ضد "صالح" وحكومته في أوائل عام 2011، وقبل وقت قصير من بدء التدخل بقيادة السعودية في اليمن في عام 2015، فر "هادي" أولا إلى عدن، ثم إلى السعودية في وقت لاحق، وبدعم من الإمارات العربية المتحدة، قام فصيل من "حراك" بتنظيم نفسه في مجموعة سياسية انفصالية تسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" في عام 2017.

وبحلول ذلك الوقت، كان التحالف السعودي الإماراتي يحاول السيطرة على شمال اليمن من قبضة "صالح" والحوثيين لمدة عامين، بعد نجاجه في الاستيلاء على اليمن الجنوبي سابقا بعد أشهر من التدخل، ورغم اشتباكها من حين لآخر مع قوات "هادي"، إلا أن قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لم تقم بأي تحرك عسكري كبير حتى بدأت الإمارات في التلميح إلى دور متغير لها في اليمن.

حرب داخل التحالف

وفي يوليو/تموز، وبعد إعلان الإمارات الانسحاب من الحرب في اليمن، شن مقاتلو المجلس الانتقالي هجوما على قوات حكومة "هادي" في عدن، واستولوا على المدينة، وعلى الرغم من أن حكومة "هادي"، المدعومة من قبل السعودية، كانت متسامحة في السابق مع تحركات الجنوبيين، لكنها ردت بشدة على الاستيلاء الأخير ووصفته بأنه "انقلاب"، ورفضت الانخراط في المحادثات حتى يتراجع المجلس الانتقالي.

لكن الرأي القائل إن هذه حرب بالوكالة بين السعودية والإمارات يفشل في الاعتراف بمصالح اليمنيين الخاصة، وفصلها عن مصالح الذين يدعمونهم. وتزيد الأحداث الأخيرة من تعقيد المشاركة غير الدستورية للولايات المتحدة في الحرب.

وظاهريا، تدعم الولايات المتحدة محاولة التحالف السعودي الإماراتي، التي استمرت 4 أعوام ونصف العام حتى الآن لإعادة "هادي" إلى السلطة، ومع وجود عضو واحد في الائتلاف يدعم الآن بشكل علني الانفصاليين الذين يخضون الآن تمردا نشطا ضد حكومة "هادي"، لا يبقى لقرار "ترامب" بالبقاء في التحالف سوى القليل من المبررات مع شرعية متناقصة.

احترام السيادة

وفي نهاية المطاف، فإن السبيل الوحيد لتحقيق اليمنيين لأهدافهم، وليس أهداف محتليهم، هو رفض التدخل الأجنبي تماما، والعودة إلى طاولة المفاوضات، وعلى الرغم من أن الجروح عميقة، وقد لا يتحقق الوعد بالوحدة، يجب أن يتم اتخاذ هذا القرار من قبل الشعب اليمني وحده. وفي حين تتصرف الدول الأعضاء في تحالف قصف اليمن وتجويع أهله بعدائية شديدة تجاه أي انتهاك مزعوم لسيادتها، كما ظهر في رد فعل السعودية العنيف على الانتقادات الكندية، فإن هذه الدول تدوس سيادة اليمن عبر تدخل عسكري حول البلاد إلى موطن لأسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وقد فشلت الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها في اليمن، وخرقت قوانينها الخاصة في السعي لتحقيق المصالح الإمبريالية لحلفائها في الخليج العربي.

وباسم قتال المتمردين الحوثيين، كانت السعودية والإمارات تستهدفان المدنيين عمدا، مستخدمتين الجوع كسلاح حرب، فضلا عن تعاونهما مع "القاعدة"، بالإضافة إلى ذلك، تعمل الإمارات عبر سجون سرية، وتقوم الآن بتخريب اليمن بدعم المتمردين الانفصاليين، وبالتالي تطلق المزيد من الفوضى في اليمن الذي مزقته الحرب، لذا فقد حان الوقت للولايات المتحدة لإنهاء حربها غير الشرعية في اليمن.

المصدر | شيرين العضيمي - إن زيس تايمز

  كلمات مفتاحية

مقتل قائد التحالف العربي بمنطقة وادي صحراء بحضرموت شرقي اليمن