”الوهم“ صناعة وتجارة وسياسة .. من جرائم الاحتيال إلى العلاقات الدولية

الثلاثاء 30 يونيو 2015 03:06 ص

تجسيد الوهم وإقناع الآخرين به وتسويقه يبدو أنه يتحول بالفعل إلى صناعة، يلجأ إليها كثيرون من أجل تحقيق مكسب اقتصادي أو مغنم سياسي أو فوز بالشهرة والمجد. ويبدو أن الجميع يمارس هذه الصناعة وإن اختلفت أدواتها بحسب وضع ممارسها والهدف الذي يسعى إليه، حتى على مستوى العلاقات الدولية بين القوى العظمى والدول التي تسير في فلكها.

 ففي قضية شغلت الرأي العام السعودي اشتهرت باسم «فتاة الوهم»، ويمكن تصنيفها ضمن قضايا توظيف الأموال واستثمارها، أحالت الشرطة ملف شابة متهمة بالاحتيال والنصب إلى هيئة التحقيق والادعاء العام بمحافظة جدة ممثلة في دائرة الجرائم الاقتصادية.

وأكدت مصادر أن هيئة التحقيق والادعاء العام شرعت في إجراءات استكمال التحقيق بعد أن أخضعت الفتاة خلال الفترة الماضية للتحقيق والاستجواب بعد القبض عليها بتهمة النصب والاحتيال، بحسب ما جاء في صحيفة «الحياة» في 24 يونيو /حزيران الجاري.

وتمكنت الشابة السعودية البالغة من العمر 25 عاما من جمع ونهب قرابة 500 مليون ريال من أكثر من 600 مواطن سعودي ومقيم بالنصب والاحتيال، وأضافت المصادر أن العديد من المتضررين ذكروا بمحررات شكاوى للشرطة أنهم تورطوا في مساهمة وهمية وحصلوا على شيكات بدون رصيد، وبعضها بتوقيعات مختلفة وغير مطابقة لتوقيع مالكة المساهمة التي حصلت على ترخيصين لمؤسستين عقارية وأخرى لاستيراد أدوات كهربائية.

الوهم الديمقراطي يتجلى بالكويت

صورة أخرى من الوهم، كشف عنها مؤخرا اعتقال النائب الكويتي السابق «مسلم البراك»، حيث اعتبر «حاكم المطيري» الأمين العام لمؤتمر الأمة ورئيس حزب الأمة الكويتي اعتقال البراك نهاية متوقعة لما أسماها «حقبة الوهم الديمقراطي» الذي عاشته الكويت عقودا طويلة، لافتا إلى أن اعتقال «البراك» يجعل من عودة الحراك الشعبي أولوية لكل القوى السياسية.

وقال «المطيري» في تغريدات له عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» في 14 يونيو/ حزيران الجاري أن «اعتقال مسلم البراك في قضية سياسية عبر فيها عن توجه الشعب الذي شارك كله في مسيرة وطن رفضا للاستبداد سينتهي به من السجن إلى الحكومة المنتخبة».

وأضاف أن «اعتقال مسلم البراك نهاية متوقعة لحقبة (الوهم الديمقراطي) الذي عاشته الكويت عقودا طويلة في ظل دستور يرسخ لكل صور الفساد والاستبداد باسم الشعب».

وكان جهاز أمن الدولة الكويتي، قد ألقى فجر يوم 14 يونيو/ حزيران الجاري ، القبض على زعيم المعارضة والنائب السابق «مسلم البراك»، في منطقة كبد، وقاده إلى السجن لتنفيذ الحكم الصادر فيه من محكمة التمييز بالسجن لمدة عامين مع الشغل والنفاذ، بتهمة الإساءة إلى أمير البلاد.

وكان «البراك» قد ألقى خطابا قبل إلقاء القبض عليه بيومين رد فيه على وزير الداخلية «محمد خالد الصباح»، والذي قال عنه أمام مجلس الأمة إنه «هارب»، إذ تحدى «البراك» حينها رجال الأمن أن ينفذوا أمر إلقاء القبض عليه في ديوانه، وفق ما يطلبه بتسليم ما أسماه أوراق أصلية لتنفيذ الحكم القضائي.

«أوباما».. وبيع الوهم للخليجيين

الكاتب السعودي «مساعد العصيمي» ينقلنا في مقال له في 13 مايو/ آيار الماضي بصحيفة الوطن السعودية إلى صورة أخرى من صور «صناعة الوهم» الذي تسوقه القوة العظمى في العالم وهي الولايات المتحدة الأميركية ، وكان المقال الذي جاء تحت عنوان «أوباما.. هل يبيع الوهم للخليج؟» قد نشر قبل لقاء الرئيس الأميركي بقادة دول الخليج ، حيث تساءل الكاتب : هل أنصف أوباما الخليج والعرب؟ يبدو أن السؤال يحتوي على بعض الاستجداء العاطفي، لكن لا بأس ما دام أنه الرئيس الأهم في العالم، ومضى يقول: وعبر التاريخ لم ينتصر رئيس أميركي لأعداء العرب ضد العرب كما فعل اثنان منهما، نيكسون في قلب موازين الحرب بين العرب وإسرائيل في عام 1973 عبر واحد من أكبر الجسور الجوية لنصرة تل أبيب.. وبعده لم يفعل أحد مثله كما يفعل اليوم أوباما وهو ينتصر لإيران وفق تحدٍّ سافر ليس للعرب، بل لدول أوروبية مهمة ترى في إيران الخطر والتهديد المستمرين.

وتابع الكاتب السعودي مدللا على مظاهر الوهم الذي يغلف السياسة الأميركية في الشرق الأوسط ، والتي تمثلت في السلبية الشديدة تجاه الأزمة السورية ، وقال: «فسورية يتم قتل أهلها وهو ما زال على الحياد، بل إنه عبر تصريحاته يدرك السبب والأسباب، لكنه يكتفي بالخطابات ولا يسهم بردع المعتدي، الأمر لم يقتصر على ذلك، بل بالتجاهل المريب عن أفعال إيران في العراق وسورية ولبنان واليمن والخليج، وكأنه لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم، لتكون الطامة الكبرى الموقف الأميركي من المفاعل النووي الإيراني الذي بدأ متسامحا لينا مستعجلا على فك رهن الأموال الإيرانية المحتجزة، وإطلاق يد هذه الدولة المصدرة للقلاقل لتعبث بكل من حولها، ولولا أن قيض الله للكونجرس الأميركي أن يكون حازما لرأينا ما هو أشد وأفظع لمصلحة إيران».

وأكدالكاتب أن سياسة «أوباما» التي تقوم على السلبية وتتناقض مع الخطاب الأميركي المعلن قد أصابت الجميع بالإحباط، وأن أوباما ومنذ قدومه لم يستطع أن يقدم للمنطقة سوى الوهم وفي أحيان الصمت والتجاهل.

الغطاء الأمريكي وهم يضر

«وضاح خنفر»، المدير العام السابق لشبكة قنوات الجزيرة، وفي مقال له بموقع (عربي 21) تحت عنوان: «الغطاء الاستراتيجي الأمريكي لدول الخليج: وهم يضر ولا ينفع»، في11 مايو / آيار الماضي ، قال «إن زعماء مجلس التعاون الخليجي عندما يلتقون بالرئيس أوباما في كامب ديفيد للبحث في العلاقات الأمريكية الخليجية في أعقاب التوصل إلى اتفاق إطاري بين الدول الغربية وإيران، ومن المفترض أن تقدم الولايات المتحدة ضمانات استراتيجية أمنية لدول الخليج، ومع أن طبيعة هذه الضمانات لم تتضح بعد، إلا أن الولايات المتحدة ليس لديها ما تقدمه غير الوهم، بل إن اتفاقا كهذا سيضر ولن ينفع، ومن شأنه أن يوقف أية مبادرة لمحور إقليمي يعيد للمنطقة توازنها الاستراتيجي».

أوهام «السيسي» لكسب التعاطف

ولم يكن الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر منذ 3 يوليو/تموز 2013 بعيدا عن صناعة الوهم وتسويقه، بالإعلان عن مشروعات وهمية في محاولات مستميتة لكسب تعاطف وتأييد الشعب المصري لقائد الانقلاب «عبد الفتاح السيسي»، وجاء ملخص السخرية من قبل المصريين من هذه المشروعات الزائفة على مواقع التواصل الاجتماعي بقول أحدهم: «للى بيسأل عن العاصمة الجديدة يروح لها ازاي؟ انت تركب عربيات الخضار اللى توزعت على الشباب، من موقف المليون وحدة سكنية، وتنزل عند مستشفى الكفتة، هتنزل أول يمين عند يافطة الفرخة أم 75 قرش، واركب أى قطار سريع من هناك ستجد العاصمة أمامك».

 

  كلمات مفتاحية

السيسي الخليج أوباما الكويت مسلم البراك كامب ديفيد