«قرقيعان».. طقوس وأهازيج متجذرة بذاكرة أجيال الخليج

الأربعاء 1 يوليو 2015 02:07 ص

ليس الصغار فقط من ينتظرون أيام منتصف رمضان لممارسة طقوسهم القديمة المتوارثة بـ"القرقيعان"، الكبار أيضا ينتظرون الوقت ذاته، فللمناسبة ذكرى في نفوس أهل الخليج، تعود بهم إلى أيام الطفولة، وتحكي تراثا قديما دأبوا على الحفاظ عليه كما هو دأبهم للحفاظ على الموروثات.

الجميع هنا في بلدان الخليج العربي يشاركون الأطفال "قرقيعانهم"، بل حتى المؤسسات الرسمية والجهات الشعبية والمناطق السياحية تعد برامج لهذه المناسبة، إنه طقس خليجي مرتبط بذاكرة الأرض والأجداد وتاريخ الوطن، هكذا يرونه، ولأجله يبتكرون طرقا مختلفة للاحتفال به.

تختلف تسميات المناسبة من بلد خليجي لآخر، ففي الكويت والسعودية اشتهرت بـتسمية "قرقيعان"، و"قرقاعون" في البحرين، و"قرنقعوه" في قطر، أما في سلطنة عُمان فعرف بـ"القرنقشوه".

وتخصص ليالي الـ"13 و14 و15″ من شهر رمضان لإحياء المناسبة، وفيه يطوف الأطفال في الشوارع بين الدور السكنية وهم يرددون الأهازيج الخاصة المتعارف عليها، حاملين أواني يضربون عليها بمواد صلبة لأجل إصدار صوت معروف يتوافق مع نغم أهازيجهم.

الغاية من تلك الأهازيج والضرب على الأواني أن يجمعوا الحلوى من الناس، يعبئونها في حقائب من القماش ثم يتقاسمون ما جمعوه من الحلوى بعد الانتهاء، ويشارك في هذه المناسبة الأطفال الذكور والإناث، وفيما يردد الذكور أهازيجهم، فللبنات أهازيجهن الخاصة أيضا، والغاية واحدة.

أهازيج القرقيعان تختلف من بلد لآخر، ففي المملكة العربية السعودية، يقول الأطفال:

قرقع قرقع قرقيعان، أم قصير ورمضان، عطونا الله يعطيكم، بيت مكه يوديكم، يوديكم لأهاليكم، ويلحفكم بالجاعد، عن المطر والراع.

وفي قطر يهزج الأطفال بفرح مرددين:

قرنقعوه قرقاعوه، عطونا الله يعطيكم، بيت مكه يوديكم، يوديكم لأهليكم، يا مكه يالمعموره، يا أم السلاسل والذهب يانوره، عطونا دحبة ميزان يسلم لكم عزيزان، عطونا دحبة ليفه يسلم لكم خليفه.

وفي الإمارات يهزج الأطفال بالقول:

أعطونا الله يعطيكم، بيت مكة يوديكم، جدام بيتكم وادي، والخير كله ينادي، أعطونا من حق الله، والله والله الرازق

وفي الكويت ينشد الأطفال:

قرقيعان وقرقيعان بين اقصير ورمضان، عادت عليكم صيام كل سنة وكل عام، يالله تخلي ولدهم يالله خلي لأمه يالله، عسى البقعة ما تخمه ولا توازي على أمه.

أما أهازيج القرقيعان في البحرين:

سلم ولدهم يا الله، وخله لأمه يا الله، اييب المكده يا الله، ويحطها في جم امه، يا شفيع لأمه.

وفي سلطنة عمان ينادي الأطفال بهذه الأهزوجة:

مرنقشوه يوناس، عطونا شوية حلواي، دوس دوس في المندوس، حاره حاره في السحاره.

تلك المناسبة كانت فرحة للكبار يخرجون ليشاهدوا الصغار، ويشاركونهم فرحتهم بإعطائهم الحلوى، كما أن الصغار من الذكور والإناث يرتدون ملابس تراثية خاصة، وينطلقون لأداء طقوس القرقيعان بعد صلاة المغرب.

تفيد المعلومات التي أرشفها المختصون بأن تسمية «قرقيعان» لها معنيان، الأول مصطلح يعرف بأنه من «القرقعة» وهي الأصوات التي يصدرها الصغار من جراء الطَّرْق على الأواني والطَّرْق على الأبواب في سبيل الحصول على الحلوى، والثاني لغوي من «قرة العين» ويقصد به سرور الإنسان وفرحه بالأطفال، ومنه قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين﴾، وهو يرجع إلى مولد سبط رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحسن بن علي، حيث ولد في ليلة النصف من شهر رمضان المبارك، ولأجله فرح النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) فرحا كبيرا.

على الكورنيش، وفي المناطق التجارية والعامة في بلدان الخليج، هناك اليوم تخصص في ليالي القرقيعان أماكن يتجمع فيها الصغار والكبار، ذلك الطقس الرمضاني المحبب إلى النفوس، طقس يأخذ الكبار إلى عالم الطفولة، فالجميع كانوا في يوم ما يحملون الأواني ويقرعونها معلنين قدوم «قرة العين».

ذاك هو التراث، متجدد وقائم يقاوم الحداثة في صورة زاهية، تؤكد انصهار الماضي بالحاضر، في بلدان أبت إلا أن تحافظ بحبٍّ على تراثها.

  كلمات مفتاحية

قرقيعان الخليج تراث أهازيج طقوس