بوليتيكو: على واشنطن أن تمنع السعودية من زعزعة استقرار الشرق الأوسط

الأربعاء 25 سبتمبر 2019 11:54 ص

يوضح هجوم 14 سبتمبر/أيلول على منشآت النفط السعودية، وهو هجوم تقول الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا إن إيران هي التي نفذته، مدى اقتراب الشرق الأوسط من الحرب.

لكن التركيز على العدوان الإيراني يجب ألا يحجب دور المملكة العربية السعودية في تدهور الوضع، بما في ذلك تورطها الكارثي في ​​الحرب الأهلية في اليمن.

وسوف يتسبب التسرع في تقديم الدعم العسكري الأمريكي للمملكة الآن في إرسال إشارة خاطئة إلى الرياض، التي أضرت تصرفاتها خلال الأعوام القليلة الماضية بمكانة أمريكا العالمية وهددت أمنها.

ويدرس الكونغرس ما إذا كان سينهي الدعم الأمريكي للقتال الذي تقوده السعودية في اليمن، ويجب تعليق مبيعات الأسلحة الأمريكية وغيرها من أشكال الدعم للتحالف، ليس فقط للمساعدة في إنهاء الصراع المريع، ولكن لتوضيح أن المملكة يجب أن تتخذ خطوات لتجنب اندلاع حريق إقليمي أوسع.

وأعلم من تجربتي الشخصية تعقيدات العلاقات الأمريكية السعودية، حيث خدمت كسفير أمريكي في الرياض من عام 2001 إلى عام 2003، وحتى الآن، كانت تلك ربما أصعب فترة في علاقتنا الثنائية التي دامت 9 عقود.

وخلال فترة ولايتي، واجهت حكومة سعودية تنكر أن 15 من الخاطفين في أحداث 11 سبتمبر/أيلول كانوا مواطنين سعوديين، وغضت الطرف عن التهديد الذي يمثله التطرف الديني لكلا البلدين.

وكما هو الحال الآن، رفض القادة السعوديون آنذاك الاعتراف بالمخاطر التي رآها كل شخص آخر بوضوح، لكن الخطر القادم من السعودية اليوم لا يأتي من المواطنين المتطرفين، ولكن من القيادة السعودية نفسها.

الاعتداءات السعودية

ومن بين العديد من الأفعال الصارخة التي ارتكبتها المملكة على مدى الأعوام القليلة الماضية، ترسخ اثنان منها في أذهان المشرعين الأمريكيين والجمهور الأمريكي وهما تورطها الكارثي في ​​الحرب في اليمن، والاغتيال الشنيع لـ"جمال خاشقجي"، الكاتب الصحفي في صحيفة "واشنطن بوست"، وقد ثبت أن "محمد بن سلمان"، ولي العهد السعودي المتهور، هو من يقف وراءهما.

وفي اليمن، لم تسفر الحرب التي دامت أكثر من 4 أعوام عن إحراز أي تقدم في قتال المملكة ضد المتمردين الحوثيين، على الرغم من أن القتال أودى بحياة عشرات الآلاف من المدنيين، وهدد ملايين آخرين بالجوع والمرض.

واستخدمت السعودية العديد من الغارات الجوية، التي تتعدى الـ 20 ألف غارة، واستخدمت حليفتها الإمارات العربية المتحدة الذخائر الأمريكية، لاستهداف المدنيين بشكل متكرر وغير قانوني، على الرغم من أن الجيش السعودي تلقى أعواما من التدريب والدعم في الولايات المتحدة.

وحذر العمود الأخير لـ"خاشقجي"، المنشور قبل اغتياله بأيام، من أن المملكة لا يمكنها الفوز عسكريا في اليمن، وحث على إنهاء الحرب قبل أن تضر بسمعة السعودية، وكنت قد قابلت "خاشقجي" لأول مرة أثناء وجودي كسفير للولايات المتحدة، وهو سعودي فخور بهويته ووطنه، وكانت دعواته للإصلاحات الداخلية واحترام حقوق الإنسان نابعة من رغبته في رؤية بلاده تزدهر، لكنه تم قتله بوحشية على أيدي عملاء سعوديين لجرأته على انتقاد "بن سلمان".

وكان يتعين على إدارة "ترامب" منذ فترة طويلة إدانة الاعتداءات السعودية في كل من الحرب في اليمن واغتيال "خاشقجي"، وخفض المساعدات العسكرية الأمريكية وغيرها من الدعم للمملكة.

لكن بدلا من ذلك، وقف "ترامب" إلى جانب الزعيم السعودي المتهور، وفشل في انتقاد حتى أكثر الانتهاكات السعودية بشاعة، ووسع مبيعات الأسلحة ذاتها التي قتلت الآلاف من المدنيين اليمنيين الأبرياء.

ويستشهد الرئيس بمبيعات الأسلحة الأمريكية لتبرير دعم المملكة، وهو ما يرسل رسالة رهيبة مفادها أن القيم الأمريكية معروضة للبيع.

مخاطر متزايدة

لكن الوضع الراهن يفرض مخاطر متزايدة على كل من السعودية والولايات المتحدة، وقد عززت الحرب في اليمن علاقات إيران مع الحوثيين، حيث وفرت لطهران حليفا مستعد لضرب المصالح السعودية والأمريكية في المنطقة، كما يتضح من مزاعم الحوثيين الزائفة بالمسؤولية عن هجمات الأسبوع الماضي على منشآت أرامكو.

علاوة على ذلك، استفاد كل من تنظيم "القاعدة" وتنظيم "الدولة الإسلامية" من الحرب لتعزيز وجودهما داخل اليمن، وربما التخطيط لهجمات مستقبلية ضد أمريكا ومصالحها. وتهدد الحرب في اليمن حتى الشراكة بين السعودية والإمارات؛ حيث بدأ حلفاء كلتا الدولتين، الذين تجمعوا معا في السابق لمحاربة الحوثيين، القتال ضد بعضهم البعض مؤخرا.

وفي مواجهة هجمات 14 سبتمبر/أيلول الدراماتيكية، وأعواما من سوء التصرف السعودي، يجب على الكونغرس أن يقاوم الضغوط للتضامن مع الرياض، ويجب أن يتقدم، لا أن يتوقف، في تحركاته الأخيرة لكبح الدعم العسكري الأمريكي للمملكة العربية السعودية.

ويناقش الكونغرس عدة مواد في مشروع قانون الدفاع السنوي من شأنها تعليق الدعم الأمريكي للحرب في اليمن، وتوفير مساءلة متواضعة عن مقتل "خاشقجي"، بما في ذلك الوقف المؤقت لمبيعات القنابل الأمريكية إلى المملكة والإمارات.

وسوف يثبت تفعيل هذه الإجراءات أن قيم أمريكا ليست معروضة للبيع لمن يدفع أكثر، وسيساعد على تخفيف حدة التوترات في المنطقة بدلا من سكب الوقود على النار المتصاعدة بالفعل. وعلى الرغم من الدعم من الحزبين في كل من مجلسي النواب والشيوخ لهذه الإجراءات، فإن كبار الجمهوريين في مجلس الشيوخ الذين يخشون مواجهة الرئيس قاوموا هذه التدابير، ولكن حان الوقت لكي ينضموا لجهود كبح جماح سوء السلوك من قبل السعودية، قبل أن تشن الرياض حربا مع إيران ستكون أكثر دموية من التدخل الكارثي في ​​اليمن.

وقد يساعد تعليق مبيعات الأسلحة الأمريكية في هذا المنعطف أيضا في الحصول على منفذ لإنهاء الحرب في اليمن، من خلال إخبار المملكة بأنها لا يمكن أن تتفوق عسكريا في نزاعها مع الحوثيين. وفي العام الماضي، ساعد قيام واشنطن بوضع حد لتزويد الطائرات السعودية بالوقود في إقناع الرياض بدعم وقف إطلاق نار محدود حول الحديدة، ميناء اليمن الرئيسي والحيوي للمساعدات الإنسانية. وقد يحفز تعليق مبيعات القنابل من قبل الكونغرس الآن السعوديين بالمثل على العودة إلى المفاوضات، قبل أن يصبح السلام بعيد المنال.

وفي تعاملنا مع المملكة العربية السعودية، لم يكن الخيار أبدا بين القبول السلس للسياسة السعودية أو قطع العلاقات، لقد وجد الرؤساء من "روزفلت" إلى "رونالد ريغان" طرقا للحفاظ على القيم الأمريكية في الوقت الذي يتعاونون فيه بشكل انتقائي عندما يكون ذلك في مصلحة الولايات المتحدة.

ومن الناحية المثالية، من المفترض أن يعمل الكونغرس والرئيس سويا على السياسة الخارجية، لكن عدم رغبة الرئيس في كبح سوء السلوك السعودي يعني أن الكونغرس الآن يتحمل مسؤولية التصرف وحده؛ حيث لا يمكن لليمن انتظار تصحيح المسار من قبل إدارة مستقبلية.

وينبغي للكونغرس ألا يرضخ لدعوات التعاطف مع المملكة بعد هجمات هذا الشهر، وإذا فشل الكونغرس في التحرك، فسوف تقتل الأسلحة الأمريكية المزيد من المدنيين الأبرياء في اليمن، مع تضاؤل ​​فرصة السلام، وسوف يشجع الإفلات من العقاب في مقتل "خاشقجي" الطغاة في جميع أنحاء العالم، وستواصل الحرب في اليمن تمكين الإرهابيين وزعزعة الاستقرار في منطقة محفوفة بالمخاطر بالفعل.

المصدر | روبرت جوردان - بوليتيكو

  كلمات مفتاحية

أوراسيا ريفيو: هجمات أرامكو أبرزت ضعف السعودية اقتصاديا وعسكريا