هكذا تآمرت «الجهات الأجنبية» على نظام السيسي!

الخميس 26 سبتمبر 2019 11:23 ص

هكذا تآمرت «الجهات الأجنبية» على نظام السيسي!

فجأة تضعضعت سيطرة الأمن والجيش التامة وسيطر على أصحاب عبد الفتاح السيسي الهلع والفزع.

«اعترافات» بسرعة البرق وإظهار المعترفين في برامج تجمع بين محاسن الإعلاميين وصفاقة ضباط الأمن.

لا بد أن ذاكرة أحداث 25 يناير دارت في أذهان ضباط الأمن الكبار والجنرالات الغاطسين في الفساد وأتباعهم في كافة قطاعات المجتمع.

الدولة المصرية بجبروتها المخيف خائفة فعلا وتعتقد أن يوم الحساب اقترب وأن الدائرة ستدور على الفاسدين والمتجبرين والمجرمين.

*     *     *

 امتدت سيطرة الأمن والجيش على كافة مجالات الحياة في مصر، ولم تعد تكتفي بالحكومة والبرلمان والقضاء والإعلام، وبتعزيز سطوتها على الاقتصاد والشركات الخاصة بل إنها امتدّت حتى إلى شركات الإنتاج السينمائي والتلفزيوني وصار التحكّم بالمسلسلات التلفزيونية وأجور الممثلين والحبكات القصصية التي يجري فيها تلميع ضباط الأمن والاستهزاء بالخصوم السياسيين جزءا من أعمالها.

في هذا السياق من «السيطرة التامّة»، ظهر شاب يدعى محمد علي، الذي كان مثل حكام مصر الحاليين، يعمل ضمن كواليس الجيش والأمن، ويجمع بدوره بين مهنتي المقاول والممثل!

خرج فجأة مثل جنّي القمقم واستطاع بتقنيات ضعيفة وبأفلام فيديو على طريقة الهواة وبسرد بسيط ومعلومات يعرف أغلب المصريين أشياء منها، فتضعضعت تلك «السيطرة التامة»، وسيطر على أصحاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الهلع والفزع فيضربون أخماسا بأسداس ويبدأون باعتقال البشر بشبهة السياسة والمعارضة والاختلاف البسيط في الرأي.

سواء من عناصر وقيادات أحزاب كـ«الدستور» و«الاستقلال»، وأساتذة الجامعة، كالدكتور حسن نافعة، وحازم حسني، الأستاذ في كلية الاقتصاد، ونقابيين كمحمد صلاح عجاج، وضباط تجرأوا وفتحوا أشرطة فيديو محمد علي على الانترنت، وانتهاء بمراهقين أو أشخاص تواجدوا قرب أماكن التظاهر.

لا يفيد هذا الاستنفار الشديد، وأشكال اللطم والصياح والهلع والفزع التي يقوم بها أنصار السيسي سوى في إعطاء انطباع كبير بأن الدولة المصرية، بكل جبروتها المخيف، خائفة فعلا، وأنها تعتقد أن يوم الحساب قد يقترب، وأن الدائرة يمكن أن تدور على الفاسدين والمتجبرين والمجرمين.

ولا بد أن ذاكرة أحداث 25 يناير دارت في أذهان ضباط الأمن الكبار والجنرالات الغاطسين في الفساد وأتباعهم في كافة قطاعات المجتمع.

ضمن هذه الدراما الهائلة الجارية يتنطّح قادة الأمن والإعلام إلى استعادة تراث أفلام المقاولات وابتكار الحبكات المعتادة، وعلى رأسها بالطبع، اكتشاف الشبكات «المتآمرة»، والحصول على «اعترافات» بسرعة البرق، وإظهار المعترفين في برامج لشخصيات تجمع بدورها بين محاسن الإعلاميين وصفاقة ضباط المخابرات.

من ذلك ظهور الإعلامي عمرو أديب عبر برنامجه «الحكاية» ليعلن نبأ إلقاء أجهزة الأمن المصرية القبض على «خلية مكونة من عناصر استخباراتية، من حركة حماس، وجماعة الإخوان، والمخابرات التركية، وأجهزة استخبارات أوروبية، بهدف تنفيذ مخطط إسقاط الدولة المصرية»!

من طرائف هذه الشبكة المنسوجة على عجل، أن الأول فيها، وهو أشرف طافش، فلسطيني الجنسية، دخل في 18 سبتمبر/أيلول 2019، وأنه من «تنظيم الجهاد الإسلامي التابع لحركة حماس»، وهذا يعني أن مؤلف الحبكة البوليسية لا يعلم أن «الجهاد الإسلامي» هي تنظيم مستقل وليس تابعا لحركة «حماس».

ضمن الشبكة أيضا أردنيان، دخلا مصر في 4 و5 أيلول/سبتمبر يصفهما الإعلام الرسمي المصري، بأنهما من «العناصر المناهضة للحكومة الأردنية» وأنهما «دائما الانتقاد للدولة المصرية»!

وتركي دخل مصر يوم 22 أيلول/سبتمبر (أي بعد المظاهرات على خلاف الشاب الفلسطيني والأردنيين)، وقبض عليه «بسبب تصوير أشخاص في ارتكازات أمنية»!

وهولندي دخل في 14 أيلول/سبتمبر وقبض عليه «لقيامه برصد وتصوير منطقة ميدان التحرير لنقل التظاهرات لصالح إحدى الجهات الأجنبية»،!

وهناك شخص لم تعلن جنسيته وجريمته أيضا هي أنه «عثر في هاتفه على صور لبعض الشباب المتواجدين بالتحرير وقت قيامهم بالتجمع»!

يتعلق الأمر في كل هذه التوصيفات لـ«العمليات الإجرامية للجهات الأجنبية» بمجرد التواجد في ساحة التحرير أو تصوير حدث يجري في الشارع، والواضح أن الدافع لاعتقال هؤلاء هو أنهم يناسبون «الحبكة» المطلوبة من المخرج/ضابط الأمن، أما الباقي فيتعلق بجنسيتهم المناسبة للاعتقال.

جدير بالذكر طبعا أن «الجهات الأجنبية» التي قامت بتصوير الأحداث تضم قنوات من كافة أنحاء العالم بما فيها قنوات أوروبية وأمريكية، وبما أن هؤلاء يصعب التعامل مع حكوماتهم، كما هو الأمر مع قناة «الحرة» الأمريكية و«بي بي سي» البريطانية، فاكتفى المخرج/ ضابط الأمن بإقفال مواقعهم أو منعهم من البث.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

حملة الاعتقالات في مصر تتسع بعد الدعوة لاحتجاجات جديدة