هآرتس: القاهرة لم تكن أبعد عن غزة منها اليوم

الأربعاء 23 يوليو 2014 11:07 ص

تسفي برئيل، هآرتس، 22 يوليو/تموز 2014

ملخص: تجري المفاوضات في مسارين، واحد يتعلق بمصالح مصر حيال حماس والاخر يأتي لارضاء الطرف الإسرائيلي.

"أرفع قبعتي أمام اسرائيل... وأقول للجيش، للشعب وللقيادة الاسرائيلية – أنتم رجال".  هكذا تحمس توفيق عكاشة، المحرر الرئيس لصاحب محطة التلفزيون المصري "الفراعين". وصحيح انه يوجد لعكاشة حساب شخصي طويل مع الاخوان المسلمين الذين اغلقوا محطته في عهد حكمهم، ولكن مثل هذه الاقوال لم تصدر علنا في مصر منذ أجيال.

لا شك أن الخطاب الرسمي والعام في مصر اقرب لاسرائيل منه حماس، والقاهرة أقرب الى القمر مما هي الى حي الشجاعية في غزة، ولكن من السابق لاوانه الفرح على تغيير الخطاب الذي يملى من فوق. مثل هذا الخطاب يمكنه أن ينقلب رأسا على عقب في لحظة واحدة.

مصر غارقة منذ يوم أمس في حداد وطني يشغل بالها اكثر بكثير من تقتيل اكثر من 400 فلسطيني في غزة. فمقتل 22 جندي مصري قرب الحدود الغربية على ايدي عصابات ارهابية لم تتضح هويتها بعد دحرت النقاش العام في موضوع غزة. ولكن مصر تواصل التمسك بموقفها في انها هي فقط، وليس تركيا او قطر أو كلتاهما، تدير المفاوضات الدبلوماسية لوقف النار. وليست تركيا وقطر وحدهما وضعتا على بؤرة الاستهداف السياسي للرئيس السيسي. فواشنطن هي الاخرى تلقت منه سهما مباشرا عندما أوضح السيسي عشية وصول كيري الى القاهرة بانه لا يعتزم الوصول الى القمة الامريكية – الافريقية التي دعي اليها كي يلتقي الرئيس اوباما.

الى هذه القمة، التي ستنعقد في 5 آب سيبعث السيسي برئيس الوزراء ابراهيم محلب ووزير الخارجية سامح شكري. وقد نشبت الضغينة بين القاهرة وواشنطن منذ زيارة وزير الخارجية جون كيري الى القاهرة في 22 حزيران، بعد أن ترددت الولايات المتحدة طويلا في منح السيسي الشرعية قبل الانتخابات. وقد تعاظمت عندما نشر السيسي اقتراحه لوقف النار دون أن يستشير الولايات المتحدة على الاطلاق، وأكثر من ذلك عندما تبين له بان الادارة الامريكية تؤيد المبادرة القطرية التركية.

الحساب العسير للسيسي مع واشنطن، قطر وتركيا وان كان لا يجمد المساعي الدبلوماسية التي تتواصل بلا انقطاع. ولكنه يدفع بحماس الى زاوية غير معروفة تحرم فيها قيادة المنظمة من كل دعم عربي أو ايراني. وهو لا يدير اتصالات مباشرة مع الحكم المصري، ومتعلق الان بقدرة الاحداث القاسية في غزة على تحقيق انعطافة في الرأي العام العربي والدولي – الذي لا يسارع الى الحماسة.

ان الحذاء الذي تضعه مصر على رقبة حماس يبدو ملموسا ايضا في النفي الجارف من جانب الناطقين الرسميين في مصر للنبأ الذي يقول ان مصر دعت قيادة حماس الى التفاوض وان حماس رفضت الدعوة. خالد مشعل، الذي يتواجد في قطر كان يفترض ان يلتقي امس بمحمود عباس، سيدعى الى مصر فقط اذا ما وافق على صيغة الاقتراح المصري أو على صيغة اخرى توافق عليها مصر.

بالاساس، على مشعل أن يوافق على الرقابة المصرية الحصرية على تطبيق وقف النار، والتخلي عن مطلبه برقابة دولية وبالاساس أمريكية على فتح معبر رفح. وفي مصر يوضحون بان فتح معبر رفح، الذي فتح في هذه اللحظة امام عبور الجرحى فقط، سيتم بشكل يضمن الا يبدأ الاف الفلسطينيين باغراق مصر.

باقي الشروط، مثل رفع الحصار، تحرير السجناء، السماح بدفع الرواتب لموظفي حماس عبر البنوك الفلسطينية، الاذن بالصيد والاذن لاقامة ميناء، هي شروط تتعلق باسرائيل – وليس لمصر في هذه اللحظة نية للحديث باسمها او لاقناعها للموافقة. وبالذات محمود عباس كفيل بان يطرح حلولا جزئية، هناك من يعتقد بانه سيوافق على تحرير رجال حماس المحبوسين في السجون الفلسطينية واقناع اسرائيل بالسماح له بدفع الرواتب.

بالتالي، اضطرت المفاوضات الدبلوماسية الى ان تدار في مسارين متوازيين: واحد هو بين مصر وحماس في المواضيع المتعلقة بمصالح مصر، اما الثاني فيأتي لارضاء اسرائيل. ونقطة الاتصال بينهما توجد في مسألة معبر رفح والتي تنسق فيها حاليا اسرائيل ومصر، بينما تعتبر حماس كمن يفترض أن تقبل ما يتفق عليه بين الدولتين.

لقد أثبتت حماس في الماضي، سواء حيال اسرائيل في اتفاق التهدئة من العام 2012 أم في اتفاق المصالحة مع مصر، بانها عند الضائقة تعرف ايضا كيف تقدم التنازلات الضرورية كي تحافظ على بقائها. والسؤال هو كم من الوقت سينتظر خالد مشعل الى أن يقترح صيغة معدلة للاقتراح المصري، صيغة يمكنها أن تقبل من اسرائيل ومصر وتعرض حماس كمن صاغت "الاقتراح المظفر".

 

  كلمات مفتاحية