مؤسسة جيمس تاون: لماذا تفشل القاهرة في احتواء التمرد الجهادي في سيناء؟

الاثنين 30 سبتمبر 2019 11:23 م

في 18 يوليو/تموز، أعدم المتشددون 4 أفراد في بلدة "بئر العبد"، شمال سيناء، بتهمة التعاون مع أجهزة الأمن المصرية، وبعد يوم واحد، لقي شخصان على الأقل مصرعهما، أحدهما مدني، والآخر عضو في أحد الأجهزة الأمنية، في هجوم على نقطة تفتيش أمنية في "الشيخ زويد"، بالقرب من حدود قطاع غزة مع مصر.

وأعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" "داعش" مسؤوليته عن الهجومين اللذين نفذهما فرعه المحلي، "ولاية سيناء"، المعروف سابقا باسم "أنصار بيت المقدس".

سبقت هذه الحوادث موجة مماثلة من العنف قبل شهر واحد، وفي 4 يونيو/حزيران، قتل مسلحون 8 من رجال الأمن المصريين في هجوم على نقطة تفتيش أمنية غرب العريش، عاصمة محافظة شمال سيناء، في توقيت تزامن مع عطلة العيد، التي تأتي مع حلول نهاية شهر رمضان.

وأعلن تنظيم "الدولة" بعد ذلك مسؤوليته عن هذا الاعتداء، وذكرت تقارير محلية في الأسبوع التالي أن المتشددين خطفوا ما لا يقل عن 14 مدنيا على الطريق السريع المؤدي إلى العريش، وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، قتل مسلحون أيضا 7 من ضباط الشرطة بالقرب من المدينة نفسها.

وكان التتابع السريع للهجمات في هذه الفترة على الأرجح استجابة لدعوة زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" "أبوبكر البغدادي" في أبريل/نيسان إلى تكثيف العمليات، ويمتلك الفرع التابع لتنظيم الدولة في بر مصر الرئيسي قدرات أضعف من تلك التي تمتلكها "ولاية سيناء"، وبالتالي من المنطقي أن تركز المجموعة أنشطتها في الوقت الراهن على شبه جزيرة سيناء.

زيادة التمرد

وازداد التمرد في شمال سيناء زيادة كبيرة منذ عام 2013، حيث يسعى المسلحون إلى استغلال عدم الاستقرار الذي أعقب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس الراحل "محمد مرسي"، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2017، قتل مسلحون نحو 300 شخص في هجوم على مسجد صوفي في "بئر العبد"، بشمال سيناء، وهو الهجوم الأكثر دموية على الإطلاق في مصر.

ولم يعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عن هذا الهجوم، على الرغم من أن فرعه المحلي هو من قام به. وأشارت تقارير محلية إلى أن المجموعة حذرت المدنيين قبل الهجوم من عدم الحضور إلى المسجد، الذي يتردد عليه أفراد من أجهزة الأمن، كما ورد أن المسلحين كانوا يلوحون بعلم التنظيم الأسود خلال الهجوم وفق الصحافة المصرية الرسمية.

وردا على هذا الهجوم، أطلقت القاهرة "العملية الشاملة" في سيناء في فبراير/شباط 2018، قبل وقت قصير من الانتخابات الرئاسية المصرية، التي جرت في مارس/آذار، ونفذت "ولاية سيناء" عددا من الهجمات الانتقامية، بما في ذلك هجوم على كمين بالقرب من مطار العريش في فبراير/شباط أسفر عن مقتل وإصابة 15 جنديا مصريا، لإظهار أن العملية العسكرية الكبرى لم تلحق الضرر بقدراتها، وللحفاظ على مصداقيتها.

وفي الوقت نفسه، عززت تكتيكات الجيش العدوانية لمكافحة التمرد من الاستياء المحلي تجاه القاهرة، وتضمنت عملية سيناء، على سبيل المثال، تشريد آلاف المدنيين الذين يعيشون في المنطقة، وساهمت في توترات طويلة الأمد بين القبائل المحلية وأجهزة الأمن، وقد تمكنت "ولاية سيناء" بدورها من الاستفادة من هذه التوترات لزيادة الدعم المحلي لتمردها.

تحدي رئاسة "السيسي"

وتهدف أنشطة ولاية سيناء إلى تقويض الثقة في الأجهزة الأمنية، وبالتالي إحراج وزعزعة استقرار الحكومة المركزية، وتأمل المجموعة أيضا في إلحاق الضرر بصناعة السياحة، وهي المصدر الرئيسي للإيرادات الأجنبية لمصر، من خلال مواصلة حملة العنف، وقد بانت فعالية هذه الاستراتيجية عندما أسقط المسلحون طائرة ركاب روسية كانت تغادر شرم الشيخ، في أكتوبر/تشرين الثاني 2015، ما أسفر عن مقتل 224 شخصا، وقد ساهم الحادث في انخفاض كبير في أعداد السياح، وبالتالي نقص واردات النقد الأجنبي.

وهناك أدلة تشير إلى أن الحكومة تتخذ خطوات للحد من عدم الاستقرار في المنطقة، بالإضافة إلى حملتها الأمنية المستمرة ضد المتشددين، فقد أطلقت القاهرة، على سبيل المثال، عددا من مبادرات التطوير في شبه جزيرة سيناء، في الوقت الذي تم فيه وضع خطط لإنشاء مناطق للتجارة الحرة في العريش ورفح ونويبع، حيث تأمل أن تحفز من خلالها خلق فرص العمل.

وفي الشهر الماضي، أعلنت وزارة التخطيط عن تمويل للبنية التحتية والتطوير بقيمة 3.16 مليار دولار، أو 52.3 مليار جنيه مصري، في سيناء، خلال السنة المالية 2019-2020، أي بزيادة قدرها 75% في حجم التمويل مقارنة بالعام المالي الماضي.

وسوف يساعد ذلك في توفير الفرص للسكان المحليين، مما يجعل من الصعب على "ولاية سيناء" استغلال المظالم الاجتماعية والاقتصادية بين سكان سيناء، لكن الأمر سيستغرق عدة أعوام حتى يشعر سكان سيناء بفوائد هذا التمويل، كما أن القتال المستمر بين الجيش المصري والمتمردين سيؤخر بناء وتنفيذ المشروعات المخطط لها.

وبالتالي، سيظل احتواء التشدد في شمال سيناء تحديا كبيرا على المدى الطويل للرئيس "عبدالفتاح السيسي"، مع التغييرات الأخيرة في الدستور المصري التي من المقرر أن يظل بموجبها في السلطة حتى عام 2034، ومن شأن أي عجز من جانب "السيسي" في منع وقوع هجمات كبيرة في سيناء أن يلحق الضرر بأوراق اعتماده الأمنية، ويزيد من خطر ظهور منافسين لتحدي موقفه، لا سيما من داخل المؤسسة العسكرية.

وسوف تطمح "ولاية سيناء" إلى مهاجمة أهداف رفيعة المستوى، مثل أماكن العبادة والمطارات والبنية التحتية، بما في ذلك خط الأنابيب الجديد للغاز بين (إسرائيل) ومصر، الذي من المتوقع تشغيله بالكامل في نوفمبر/تشرين الثاني.

ومع ذلك، تبقى القدرات المحدودة للمتشددين، والعمليات الأمنية المستمرة، عقبة أمام نجاح غالبية المؤامرات المؤثرة. وعلى هذا النحو، ستبقى الأهداف الرئيسية للهجمات هي أفراد الأمن والمصالح الحكومية الأخرى.

المصدر | جميما هودسون - جيمس تاون فاونديشن

  كلمات مفتاحية