استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

نحن والدولة!

الخميس 3 أكتوبر 2019 10:14 ص

نحن والدولة!

كلما كانت كلمة المجتمع «الواعية» مسموعة من الدولة تستقر البلدان وتنصرف نحو التنمية لا النزاعات.

حين تضعف الدولة أو تنهار وتعجز عن إدارة الأمور ستؤول الأمور إلى كيانات تقليدية قامت الدولة أساساً لتجاوزها.

«الحدّ من سلطة الدولة» ليس نفيًا لدورها بل إعطاء مساحة أوسع للمجتمع من نقابات وهيئات وأحزاب كشريك ورقيب على أدائها.

وظائف الدولة: تحقيق الأمن، سلامة الوطن، تطبيق القوانين بإشراف القضاء، التعليم، وتوازن الطبقات الاجتماعية، وضبط الاقتصاد إنتاجا وتداولا واستهلاكا.

*     *     *

ليس القصد من فكرة «الحدّ من سلطة الدولة» نفي دورها، وإنما إعطاء مساحة أوسع للمجتمع ممثلاً في هيئاته من نقابات وهيئات ثقافية ومجتمعية وأحزاب، لتكون شريكاً ورقيباً على أداء أجهزة الدولة المنوط بها، بناء على تفويض يمنحه المجتمع لها كي تسيّر أموره.

لم تفقد هذه الفكرة صحتها ولا الوهج الذي هي أهل له، فالتجربة الماثلة في كل مكان، بما في ذلك في عالمنا العربي، تؤكد أنه كلما كانت الكلمة «الواعية» للمجتمع، وليس الغوغاء والعدمية، مسموعة من الدولة، تصبح أحوال البلدان أكثر استقراراً وانصرافاً نحو التنمية، لا النزاعات.

لكن صحة هذه الفكرة لن تثنينا عن التأكيد على الأهمية القصوى لدور الدولة في بلداننا العربية في هذا المفصل الزمني الحاسم. وتتجلى هذه الأهمية في أكثر من صعيد.

الحالمون الذين تخيّلوا عالماً بلا دولة كانوا يتوقعون أنه ستحين لحظة يتدبر فيها المجتمع أموره بنفسه بكل تآخٍ وعدالة، فالثروات تكفي الجميع، وهي تتوزع بشكل عادل، ولا مكان في هذه «المدينة الفاضلة» للنزاعات والحروب وأسلحة الموت.

لسنا متأكدين من أن أجيال المستقبل، البعيد جداً، ستبلغ هذه المدينة المفترضة، ولكننا رأينا بأم العين ما الذي يحدث حين تضعف الدولة أو تنهار وتعجز عن إدارة الأمور. ستؤول الأمور إلى الكيانات التقليدية التي قامت الدولة أساساً لتجاوزها.

سيحكمنا أمراء الطوائف والمذاهب والعشائر المتصارعون فيما بينهم، ولن يجد المرء دولة تدفع له راتبه الشهري أو معاشه التقاعدي، وتدير مدارس يتعلم فيها أطفاله، ولن يجد مستشفيات تقدم له الضروري من الرعاية الصحية، ولا عمالاً ينظفون الشوارع ويجمعون القمامة من أمام البيوت.

أكثر من ذلك ستستباح الحدود من القوى الخارجية، فما من دولة وجيش قادرين على صدّها، وستؤسس ميليشيات مؤتمرة بأمرها، وتتلقى منها العون والدعم الضروري لخدمة مصالحها، لا مصالح الوطن الذي إليه تنتمي.

في مقالٍ بعنوان «وظائف الدولة» نشره الناقد المعروف محمد مندور عام 1943 يستهجن رأياً يقلل من دور الدولة ويراه سبباً في انحطاط الأمم. رأى مندور في مقاله أن هناك ثلاث وظائف لا ينازع أحد في وجوب نهوض الدولة بها، أولاها تحقيق الأمن عبر الخفراء، سلامة الوطن عبر الجيش، تطبيق القوانين بإشراف القضاء.

قال أيضاً ليست هذه وحدها وظائف الدولة. هناك التعليم، وإقامة التوازن بين الطبقات الاجتماعية، وضبط الحياة الاقتصادية من إنتاج وتداول واستهلاك.

لم ينف الرجل قابلية الدولة للاستبداد، فأكدّ أن من مسؤولياتها حماية الفرد منها، بإقامة قضاء عادل مستقل.

* د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية