مركز بيغن: لماذا ترحب السعودية بعرب (إسرائيل) على أراضيها؟

الأربعاء 16 أكتوبر 2019 10:37 م

في خطوة أثارت دهشة الكثيرين، أعلنت المملكة العربية السعودية مؤخرا السماح بمنح تأشيرات العمل للمواطنين العرب في (إسرائيل).

وقد انقسمت ردود الفعل إلى معسكرين رئيسيين، بين أولئك الذين يرون أن هذا القرار جاء في إطار التقارب الدبلوماسي بين (إسرائيل) والسعودية وفي المنطقة بأسرها، وأولئك الذين يرون أنها حيلة ماكرة وإغراء خطير لـ (إسرائيل) والولايات المتحدة.

ويبقى الاعتراض الرئيسي على القرار هو أنه يهمل تماما القضية الفلسطينية.

ويرى 80% من الفلسطينيين أن الانفتاح السعودي على عرب (إسرائيل) يعد تخليا عن القضية الفلسطينية.

ومن خلال تراجع أولوية القضية الفلسطينية، تصبح هناك فرصة لـ (إسرائيل) والرياض بالعمل معا على مشاكلهما المشتركة التي تشمل تهديدات الأمن القومي، مثل تنظيم "الدولة الإسلامية" وإيران.

أبعاد سياسية

وتفتح المبادرة إمكانية زيادة التفاعل الاقتصادي بين المملكة و(إسرائيل)، مما قد يؤدي إلى فوائد اقتصادية تعود على كلا البلدين.

وكما قال أحد كبار الصحفيين في المملكة، فإن "أفضل طريقة لتحسين العلاقات بين (إسرائيل) والسعودية هي السماح للعرب الإسرائيليين بالعمل في الخليج، وبالتالي بناء جسر بين الدولتين".

ومن غير الواضح ما إذا كان "محمد بن سلمان" يتصور تطبيعا كاملا مع (إسرائيل). فعلى المستوى الرسمي، يتواصل المسؤولون من السعودية و(إسرائيل) وعرب (إسرائيل) باستمرار.

وقد يكون فشل حرب واشنطن على الإرهاب أحد العوامل التي تحفز التقارب بين الرياض وتل أبيب.

وزعم تقرير حديث لـ"البنتاغون" أن تنظيم "الدولة" يجدد نفسه، وأنه على الرغم من التحالف العالمي ضد التنظيم، فلا يزال هناك ما بين 14 ألفا و18 ألفا من مقاتليه في العراق وسوريا.

ولا شك أن "ترامب" سيكون سعيدا لرؤية المزيد من الأدلة على قيام الدول العربية بمحاربة تنظيم "الدولة" بشكل فعال.

وقالت سفارة السعودية في واشنطن إن المملكة "تنفذ حملة متعددة الأوجه لمكافحة التطرف ومهاجمة جذوره الأيديولوجية، باعتبارها عنصرا حاسما في استراتيجيتها لهزيمة الإرهاب".

وقال مبعوث الولايات المتحدة السابق لمكافحة الإرهاب عام 2014، إن "المملكة العربية السعودية هي بكل المقاييس واحدة من البلدان الأكثر أهمية في جهودنا العالمية لمكافحة الإرهاب".

دوافع اقتصادية

وقد يكون اعتماد السعودية الكبير على صناعة النفط أحد العوامل التي حفزت هذا التقارب، حيث تحاول المملكة توظيف القوى البشرية عالية الجودة من عرب (إسرائيل).

وقال أحد أعضاء مجلس الشورى السعودي إن الهدف من المبادرة هو "جذب المهنيين والمستثمرين إلى البلاد للمساعدة في التغييرات الاقتصادية التي يروج لها ولي العهد محمد بن سلمان".

وعندما تم سؤال "ترامب" عن دعمه لـ "محمد بن سلمان"، الذي ترى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أنه مسؤول شخصيا عن جريمة القتل الوحشية التي تعرض لها الصحفي "جمال خاشقجي" في أكتوبر/تشرين الأول 2018، أجاب بالقول إنه يضع مصلحة أمريكا أولا، ويعني بذلك أن دعمه لولي العهد يعكس إنفاق المملكة مليارات الدولارات على الجيش الأمريكي، وتوفير "مئات الآلاف من الوظائف" للأمريكيين، ودورها في الحفاظ على أسعار النفط منخفضة.

بخلاف ذلك، يعتبر "ترامب" لي العهد السعودي عنصرا حاسما في الجهود المبذولة للحد من العدوان الإيراني. وقال: "إذا نظرت إلى (إسرائيل)، فإن (إسرائيل) ستكون في مشكلة خطيرة بدون السعودية".

ويشتبه كثير من الإسرائيليين في نوايا "محمد بن سلمان"، ولا يعتبرونه شريكا موثوقا به فيما يتعلق بالأمن القومي الإسرائيلي.

وقد لاحظوا أن المملكة لا تقدم لـ (إسرائيل) أي مساعدة في التعامل مع أكثر تهديداتها إلحاحا، أي "حماس" و"حزب الله".

ولا يعتقد سوى القليل من الإسرائيليين أن الرياض ستواجه طهران نيابةً عن (إسرائيل) والغرب.

لذا من الواجب أن تكون (إسرائيل) حذرة تجاه النوايا السعودية. فحتى لو كان ولي العهد جادا في مبادراته، فهناك المئات من الأمراء الأقوياء في مهد الإسلام لا يهتمون بتطبيع العلاقات مع (إسرائيل).

** المقال المنشور يعبر عن رأي كاتبه

المصدر | شاي أتياس - مركز بيجن السادات للدراسات الاستراتيجية

  كلمات مفتاحية

العلاقات السعودية الإسرائيلية تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية عرب إسرائيل