لبنان.. الطوائف في مواجهة الشعب؟

الاثنين 21 أكتوبر 2019 06:17 م

لبنان: الطوائف في مواجهة الشعب؟

هل تغدو الاحتجاجات ثورة تكسر الهويات الطائفية (خزّان الحفاظ على النظام القائم) وتُوظّف الطوائف بمواجهة الشعب؟

تخفيض تصنيف لبنان ائتمانيًا سيؤدي لانعدام الثقة بسندات الخزينة وبقدرة الدولة على سداد مستحقاتها المالية!

اقتصاد ريعيّ غير منتج ونظام سياسي بمحاصصة طائفية بين عائلات سياسية وحزبية تستئثر بالسياسة والنفوذ والثروة.

انكشف الوضع السياسي الاقتصادي الهجين بعد الثورة السورية في 2011 وظهور علامات اهتراء وهشاشة داخليًا.

الفساد السياسي والاقتصادي يجعل أي دعم دولي أو مشروعات إصلاحية للاقتصاد اللبناني مرتعا لفساد وسرقة ونهب أموال عامة.

*     *     *

تعود الأزمة الكبرى التي يواجهها النظام اللبناني إلى أسباب تاريخية أنتجت تراكما للتناقضات السياسية والاقتصادية!

فاقتصاد لبنان اقتصاد ريعيّ غير منتج ونظامه السياسي قائم على محاصصة طائفية تعتمد فيها العائلات السياسية /الحزبية على الزبائنية حيث تقوم برشوة محازبيها وأنصارها، في مقابل السكوت على استحكامها بمصادر السياسة والنفوذ والثروة.

أدّت هذه الهشاشة الاقتصادية ـ السياسية إلى جولات من الحرب الأهلية التي توقفت، بشكلها العسكري، إثر اتفاق الطائف عام 1989، واستمرّت بأشكال أخرى بسبب وجود الجيش السوري وتحكّم أجهزته الأمنية في البلاد.

وكان اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، نقطة فاصلة بحيث أدت مفاعيلها إلى خروج الجيش السوري عام 2005، غير أن بقاءه 29 عاما ورعايته، بالتنسيق مع إيران، حوّل «حزب الله» إلى جهاز عسكريّ ضخم وفاعل في موازين القوى السياسية.

أدّى هذا الوضع السياسي ـ الاقتصادي الهجين إلى انكشاف كبير بعد الثورة السورية عام 2011، وظهور علامات الاهتراء والهشاشة في الوضع الداخلي اللبناني.

فتراكبت العوامل الاقتصادية: الانكماش الاقتصادي وارتفاع الدين العام (85 مليار دولار) الذي يستنزف 44% من الإيرادات العامة الخ، مع العوامل السياسية: الانقسام بين قوى 8 و14 آذار، والاغتيالات السياسية، والتدخل العسكري لـ«حزب الله» في الأزمة السورية، ولجوء قرابة مليون ونصف المليون سوري إلى لبنان، والعقوبات الاقتصادية الأمريكية على الحزب ومصارف وشخصيات مالية مما انعكس على القطاع المصرفي اللبناني وهو عصب الحياة الاقتصادية في لبنان.

إضافة إلى الأسباب السياسية والاقتصادية الظاهرة، فإن ما لا يظهر في أوراق تحليل الوضع اللبناني هو الأثر الهائل للفساد السياسي والاقتصادي، والذي يجعل أي محاولات دولية لدعم الاقتصاد اللبناني، أو أي مشروعات إصلاحية مجالا لأشكال الفساد والسرقة ونهب الأموال العامة.

وإذا قامت وكالة ستاندرد آند بورز في تقريرها في شباط/فبراير المقبل، بتخفيض تصنيف لبنان، كما فعلت وكالتا فيتش وموديز، فهذا سيؤدي إلى انعدام الثقة بسندات الخزينة اللبنانية وبقدرة الدولة على سداد مستحقاتها المالية!

وهذا قد يؤدي، ختاماً إلى إمكان انهيار اقتصادي جزئي، إذا تدخّلت المنظومة الدولية للحفاظ على الاقتصاد اللبناني، أو إلى انهيار كلّي، على طريقة اليونان عام 2007، وهو سيناريو يصعب توقّع تبعاته الاقتصادية والسياسية على المنطقة.

تبدو الاحتجاجات اللبنانية الحاليّة استشعارا بالهاوية التي يهبط إليها لبنان، ومحاولة لوقف هذا التدهور.

والمتوقع من الطبقة السياسية اللبنانية، على اختلاف توجهاتها السياسية، أن تحاول أيضا، وعلى طريقتها، منع هذا الهبوط عبر خطط إصلاحيّة مؤقتة، وكذلك منع اتجاه الاحتجاجات إلى حالة ثورية تكسر الهويات الطائفية، التي هي خزّان الحفاظ على النظام القائم، وبذلك يتم، كالعادة، توظيف الطوائف بمواجهة الشعب، فهل تنجح؟

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الراعي يدعو لاجتماع كاثوليكي أرثوذكي لبحث أوضاع لبنان

احتجاجات لبنان.. استئناف الدراسة الأربعاء وتمديد إغلاق البنوك