هكذا حاولت القاهرة التستر على شراء أسلحة كورية شمالية

السبت 26 أكتوبر 2019 08:42 م

أظهرت وثائق حكومية مصرية داخلية، أن مسؤولين في القاهرة سعوا جاهدين للسيطرة من الأضرار الناجمة عن كشف وكالة استخبارات أمريكية مخططا مزعوما لعمليات تهريب شحنات عسكرية كورية شمالية إلى البلاد في تحد للعقوبات الدولية.

وتتضمن السجلات الحديثة التي تم الحصول عليها، ما يبدو أنه اعتراف صريح بدور الجيش المصري في شراء 30 ألف قنبلة صاروخية، تم اكتشاف أنها كانت مخبأة على متن سفينة شحن كورية شمالية في عام 2016، وكانت السفينة متجهة إلى ميناء مصري في قناة السويس وقت عملية المداهمة، التي وصفها تقرير للأمم المتحدة بأنها أكبر ضبطية للذخيرة في تاريخ العقوبات" ضد الدولة الشيوعية (كوريا الشمالية).

من جانبه، واصل المسؤولون الكوريون الشماليون المطالبة بدفع مقابل شحنة الأسلحة التي تقدر بنحو 23 مليون دولار، مما آثار مخاوف المصريين من تعرضهم للابتزاز، وفقا لوثائق وزارة الخارجية التي حصلت عليها "واشنطن بوست"، فيما رفض متحدث باسم الحكومة المصرية التعليق على ما جاء في الوثائق.

ونشرت "واشنطن بوست" للمرة الأولى عن صفقة سرية مصرية لشراء القنابل الكورية الشمالية في أكتوبر/تشرين الأول 2017.

وتم توقيف سفينة الشحن المملوكة لكوريا الشمالية "Jie Shun" بعد أن أصدرت وكالة الاستخبارات الأمريكية تنبيها للقاهرة باحتمال وجود مواد مهربة على متن السفينة.

وكشفت السلطات المصرية عن وجود القنابل اليدوية، وصادرت السفينة. عندها فقط اكتشف المسؤولون الأمريكيون أن الجهة المستفيدة من الشحنة هم المصريون أنفسهم.

ولم يعترف المسؤولون المصريون علنا على الإطلاق بشراء معدات عسكرية كورية شمالية، وهي ممارسة محظورة بموجب عقوبات الولايات والأمم المتحدة. 

وأصدر مسؤولون بإدارة "ترامب" أمرا في عام 2017 بتجميد تسليم 300 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر، وذلك جزئيا بسبب صفقات أسلحة سرية غير محددة بين القاهرة وبيونغ يانغ.

لكن العلاقات المتوترة مع واشنطن، كانت فقط جزءا من تداعيات صفقة الأسلحة، ويبدو أن الوثائق الجديدة تظهر قلقا عميقا لدي المسؤولين المصريين حول مجموعة من المشكلات الناجمة عن اكتشاف شحنة الأسلحة، بما في ذلك احتمال تهديد كوريا الشمالية بفضح تفاصيل العلاقات التجارية.

ووفق وثائق صادرة عن وزارة الخارجية المصرية مؤرخة بين مارس/آذار ومايو/أيار 2017، قبل أن يتم الكشف عن دور القاهرة في نقل الأسلحة علنا، أحدها مذكرة بتاريخ 28 مايو/أيار تم إعدادها من أجل وزير الخارجية المصري "سامح شكري"، ناقشت استياء كوريا الشمالية حيال (ضبط) الاستيلاء على القنابل اليدوية، وقدم مقترحات حول كيفية الحفاظ على هدوء القضية.

وأشارت الوثيقة إلى خطاب أرسلته كوريا الشمالية إلى الهيئة العربية للتصنيع للمطالبة بالسداد، ولوحت بتهديدات مبهمة.

وجاء في المذكرة " تضمنت الرسالة مرة أخرى تهديدات وجهها الجانب الكوري الشمالي للكشف عما لديهم من معلومات عن تفاصيل هذه الشحنة".

وتقول الوثيقة إن الشركة المصرية تنفي علمها بصفقة الأسلحة، لكن بعد عدة جمل لاحقة، تحث على تسوية مالية سريعة للحفاظ على هدوء الكوريين الشماليين.

وجاء في المذكرة: "لقد أوضحنا أن وزارة الخارجية تفضل تسريع تجهيز هذه التسوية في أقرب وقت "، ويفضل أن يكون ذلك قبل انتهاء عضوية مصر بالتناوب في مجلس الأمن الدولي في ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام".

وحدث الكشف العلني الأول عن مصادرة الأسلحة في تقرير صادر عن لجنة خبراء الأمم المتحدة، وهي منظمة مراقبة أنشائها المجلس للتحقيق في انتهاكات عقوبات الأمم المتحدة ضد كوريا الشمالية.

وتحدد مذكرة 28 مايو/أيار استراتيجية لحل نزاع السداد، وبموجب الخطة، ستقوم وكالة المخابرات العسكرية المصرية بتولي المفاوضات، والعمل من خلال الملحق العسكري لكوريا الشمالية في القاهرة.

وأشارت المذكرة إلي قرض مصري حديث لكوريا الشمالية –لم يتم توضيح تفاصيله في المستندات- ولفت إلى أن بيونغ يانغ قد توافق على دفع مبلغ أصغر مقابل القنابل اليدوية مقابل شروط أكثر سخاء لسداد القرض.

وتقول المذكرة" إن استخدام" كارت القرض، نجح (بالفعل) في دفع الجانب الكوري للتواصل مع الجانب المصري.

غير أن كيفية حل الأمر في النهاية -بما في ذلك المبلغ الذي تم دفعه في نهاية المطاف، إن وجد- لم يكن واضحا في المستندات.

وسلطت حادثة 2016 الضوء على تجارة عالمية غير مفهومة في الأسلحة التقليدية، وقد ساعد ذلك كوريا الشمالية على الصمود اقتصاديا، على الرغم من العقوبات الصارمة التي فرضتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة؛ ردا على تجارب يجريها ذلك البلد للأسلحة النووية والقذائف التسيارية القادرة على حـمل أسلحة نووية.

وبعد منعها من بيع الفحم وغيرها من المنتجات الأولية، لجأت كوريا الشمالية لبيع المعدات العسكرية والأسلحة بأسعار مخفضة.

وقد شمل زبائنها دولا منبوذة مثل سوريا، فضلا عن بلدان أفريقيا جنوب الصحراء مثل أوغندا والكونغو التي اعتمدت لعقود على كوريا الشمالية لتدريب وتجهيز جيوشها، كما قدمت كوريا الشمالية أسلحة إلى جهات فاعلة غير حكومية مثل جماعة "حزب الله" وفقا لتقارير الأمم المتحدة ووثائقها.

ونظرا لأن المبيعات محظورة، وغالبا ما تبذل كوريا الشمالي قصار جهدها وتذهب لأبعد مدى؛ لإخفاء تلك المعاملات.

وتم شحن القنابل إلى مصر في 2016 على متن سفينة أبحرت تحت علم كمبودي، على الرغم من أن السفينة والشحنة كانت مملوكة لكوريا الشمالية.

ولم يشاهد مسؤولو الجمارك الذين قاموا بتفتيش السفينة في عام 2016 سوي أكوام من أحجار "ليمونيت" الأصفر في حاوية شحن بالسفينة. لكن كان مخبأ أسفل هذه الأحجار، عشرات الصناديق الممتلئة بالقنابل اليدوية.

ولم يتطرق بيان قدمته السفارة المصرية في واشنطن إلى "واشنطن بوست"، في عام 2017 ، بشكل مباشر إلى انتهاكات للعقوبات المزعومة ، لكنه أشار إلى تعاون القاهرة مع مسؤولي الأمم المتحدة في العثور على المواد المهربة وتدميرها.

وقال البيان "ستواصل مصر الالتزام بجميع قرارات مجلس الأمن وستظل دائما ممتثلة مع هذه القرارات لأنها تقيد المشتريات العسكرية من كوريا الشمالية".

المصدر | الخليج الجديد+ واشنطن بوست

  كلمات مفتاحية

منع الأسلحة وقف تصدير الأسلحة نقل أسلحة أسلحة كوريا الشمالية كاتبات عربيات مقاطعة كوريا الشمالية شركات الجيش المصري المتحدث باسم الجيش المصري

التفاصيل الكاملة لشحنة الأسلحة الكورية الشمالية التي جمدت المساعدات الأمريكية لمصر

و.بوست: ضبط شحنة أسلحة كورية شمالية ضخمة والمشتري مصر