ن.تايمز: اكتتاب أرامكو أكثر تواضعا مما وعد به بن سلمان

الثلاثاء 29 أكتوبر 2019 09:14 م

عندما أعلن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" عام 2016 أنه بصدد إدراج جوهرة التاج في بلاده، وهي شركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو" المملوكة للدولة، في سوق الأوراق المالية، فإنه وضع بعض الأهداف الجريئة لعملية الاكتتاب.

وقدر "بن سلمان"، آنذاك، قيمة "أرامكو" بنحو تريليوني دولار؛ ما كان سيجعلها أكبر شركة في العالم يتم إتاحتها للتداول العام. وعلى الرغم من أن بيع الأسهم كان معقدا للغاية، إلا أنه قال إنه يمكن أن يتم بحلول عام 2018. ووعد بأن العائد من الطرح سيساعد المملكة على التخلص من الاعتماد على النفط.

وبعد مرور 3 أعوام، بدأ هدف "بن سلمان" يقترب أخيرا من التحقق، لكن في صورة أكثر تواضعا عما وعد به في بادئ الأمر. ومن المحتمل أن يتم تقييم الشركة بسعر أقل بكثير من الرقم المذكور.

ومن المتوقع أن تعلن المملكة في غضون أسابيع قليلة طرح "أرامكو" رسميا، لتبيع ما يصل إلى 3% من أسهم الشركة في طرح عام أولي. وستفعل ذلك بعد شهرين فقط من الهجوم المدمر على اثنين من المنشآت الرئيسية للشركة، الذي عطل مؤقتا نصف إنتاجها من النفط.

وستكون عملية بيع الأسهم بالتأكيد واحدة من نقاط الحوار الرئيسية في مبادرة "مستقبل الاستثمار" السنوية الثالثة، وهو مؤتمر تستضيفه الحكومة السعودية في الرياض ابتداء من الثلاثاء، ويحضره أقطاب الشركات وكبار المسؤولين الحكوميين من جميع أنحاء العالم.

  • أقل من المتوقع

لكن المصرفيين في هذه الصفقة أخبروا "بن سلمان" أن المستثمرين من المحتمل أن يقدروا قيمة الشركة بنحو 1.5 تريليون دولار، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.

ورغم أن البورصات في نيويورك وهونغ كونغ ولندن تتعامل بقوة مع شركة "أرامكو"، يبدو أن شركة النفط لن يتم إدراجها في الوقت الحالي إلا في البورصة المحلية السعودية "تداول". وما زالت السعودية تعتمد على احتياطها النفطي كما كانت دائما.

وربما كان من المنتظر أن يكون إدراج أكبر شركة في التاريخ مهمة طويلة وصعبة. لكن في حالة "أرامكو"، واجهت العملية، التي استمرت لأعوام، صعوباتٍ مالية وجيوسياسية ما أجبر "بن سلمان" على التقليل من طموحاته بشكل كبير.

واضطرت الحكومة السعودية بالفعل إلى تأجيل الطرح عدة مرات، بما في ذلك العام الماضي عندما استحوذت "أرامكو" على "سابك"، أكبر شركة سعودية للبتروكيماويات، وفي وقت سابق من هذا الشهر عندما قررت المملكة تأخير الإعلان عن الطرح لعدة أسابيع.

ولا يزال من الممكن أن تغير الحكومة رأيها وتؤخر الطرح مرة أخرى.

وحتى عند 1.5 تريليون دولار، ستكون "أرامكو" السعودية عملاقا في أسواق الأسهم العالمية، مع رسملة تفوق بكثير كل منافسيها الرئيسيين في مجال النفط.

وبدأت "أرامكو"، التي كانت معروفة رسميا باسم شركة النفط العربية السعودية، عام 1933، من خلال اتفاقية مبرمة بين السعودية و"ستاندارد أويل أوف كاليفورنيا".

ومنحتها مواردها الضخمة وحجمها، حيث كسبت 46.9 مليار دولار في النصف الأول من العام، وأنتجت 10 ملايين برميل يوميا، مزايا مالية وإنتاجية لا مثيل لها. وقد يعطيها هذا فرصة وميزة على منافسيها مثل "إكسون موبيل" و"رويال داتش شل".

((2))

  • رأسمال محدود

وقال مدير الأبحاث في شركة "إينرجي إنتليجنس"، وهي شركة أبحاث متخصصة في الطاقة، "بن كاهيل": "يوجد بالفعل قدر محدود من رأس المال المتاح للاستثمارات في أسهم النفط والغاز، وهناك فرصة لأن تجذب أرامكو بعضا منه".

ولا يزال من المنتظر أن يحقق اكتتاب "أرامكو" عائدات بمليارات الدولارات، وهي أموال يعتزم "بن سلمان" استخدامها لإجراء إصلاح اقتصادي واسع للمملكة.

وجذبت "أرامكو" بالفعل بعض المستثمرين من القطاع الخاص، وباعت سندات بقيمة 12 مليار دولار في ربيع هذا العام، وسط طلب أثقل من المتوقع.

ومع ذلك، فإن العرض الأولي الذي من المنتظر أن تقدمه "أرامكو"، إذا حدث أخيرا، سيحدث في الوقت الذي تثير فيه مخاوف التغير المناخي شكوكا حول مستقبل الوقود الأحفوري. ويقول محللون إن هذه المخاوف قد تقلل من قيمة "أرامكو" النهائية.

على سبيل المثال، قال صندوق الثروة السيادية السنغافوري "تيماسيك" إنه لن يستثمر في الصناعات التي تتعامل مع الوقود الأحفوري؛ ما يستبعد مستثمرا مهما ومحترما من المشاركة في "أرامكو".

كما يتم العرض في ظل آثار قضية مقتل المعارض السعودي والصحفي "جمال خاشقجي" على أيدي عملاء سعوديين العام الماضي. وقبل ولي العهد مؤخرا مسؤوليته عن مقتل "خاشقجي"، لكنه نفى أن يكون قد أمر بالقتل.

كانت الشركات الغربية، التي قللت من علاقاتها بالحكومة السعودية مباشرة بعد القتل، حريصة على استئناف علاقاتها بهدوء مع المملكة بعد أشهر. ويعتزم كبار المسؤولين الحكوميين الأمريكيين، مثل وزير الخزانة "ستيفن منوشين"، والمسؤولين التنفيذيين في عالم الأعمال مثل "ستيفن شوارزمان"، الرئيس التنفيذي لشركة بلاكستون، و"جون والدرون" رئيس جولدمان ساكس، حضور مؤتمر "مستقبل الاستثمار" السعودي.

وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية، أكدّت الحكومة السعودية وجيشها من المستشارين على حل العديد من الحواجز المحتملة أمام اكتتاب عام ناجح. وسافر المصرفيون بشكل متكرر إلى مكاتب أرامكو على مر أعوام لإعداد التدقيق لصالح الشركة لتحسين صورتها العامة أمام المحللين والمستثمرين.

و تم نقل المحللين والباحثين إلى المملكة، في أواخر سبتمبر/أيلول، لإطلاعهم على عمليات "أرامكو" وحضور مأدبة غداء مع كبار المديرين، بمن فيهم الرئيس التنفيذي للشركة "أمين ناصر".

((3))

  • تغييرات

وأجرت المملكة تغييرات عديدة لتسهيل الاكتتاب؛ حيث سمحت مؤخرا للمستثمرين الأجانب بالحصول على حصص في الشركات المدرجة محليا في البورصة. وفي هذا الصيف، أضافت شركة البيانات المالية "إم إس سي آي" بورصة "تداول" إلى مؤشر الأسواق الناشئة؛ ما زاد من تدفق الأموال الخارجية إلى سوق الأسهم السعودية.

وفي الشهر الماضي، استبدلت الحكومة السعودية رئيس مجلس إدارة "أرامكو"، الذي خدم لـ 4 أعوام، "خالد الفالح"، وحل محله "ياسر الرميان"، رئيس صندوق الاستثمار العام في البلاد. ويعد "الرميان" حليفا مقربا من ولي العهد السعودي.

وتعهدت المملكة مؤخرا بتسديد أرباح سنوية بقيمة 75 مليار دولار للمساهمين في "أرامكو"، في محاولة لجعل الشركة جذابة قدر الإمكان.

ومن شأن تقييم بقيمة 1.5 تريليون دولار أن يمنح المستثمرين عائدا بنحو 5%، وفقا لحسابات "إنيرجي إنتليجنس". وبالمقارنة، تدفع الآن شركة "إكسون موبيل"، أكبر شركة نفط أمريكية، عائدا بنحو 4.1%، بينما تدفع شركة "شل" 6.4%.

وتبقى هناك مسألة ملحة وعاجلة بالنسبة لفريق "أرامكو"، وهي إقناع المستثمرين المحتملين بأن مهندسي الشركة استعادوا بسرعة إنتاج وصادرات الشركة بعد الهجمات الجوية التي وقعت الشهر الماضي وتسببت في توقف نصف إنتاج الشركة بشكل مؤقت.

وعلى الرغم من أن الضرر المادي قد يكون قد تم احتواؤه، إلا أن الهجمات أثارت سؤالا مثيرا للقلق حول احتمالية تأثر تدفقات النفط من أرامكو بالتوترات السياسية المتزايدة بين السعودية وجيرانها، وخاصة إيران.

((4))

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

اكتتاب أرامكو إدراج أرامكو الاكتتاب العام في أرامكو السعودية أرامكو

68 مليار دولار.. أرباح أرامكو في 9 أشهر