استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

إدلب.. مشكلة أم حل

السبت 2 نوفمبر 2019 09:08 ص

أدلب.. مشكلة أم حل

أين سيذهب كلّ هؤلاء المهجرّين؟ بل أين سيذهب سكّان إدلب أنفسهم؟ لا بدّ أنّ إدلب هي "الحل".

وفق المعطيات إدلب مشكلة، سيدفع ثمن حلّها السوريون المقيمون بها الموالون للثورة أو لآخر معاقلها.

إدلب ليست أولوية للإيرانيين، إلا أنّ روسيا قرّرت الاستمرار في الحرب الجوية عليها.

دوافع حرب روسيا على إدلب أهمّ من ذريعة "الحرب على الإرهاب" لفرض نفوذها غربا والاعتراف بها قوةً في الشرق الأوسط.

لم تهتم الولايات المتحدة بإدلب فتركت مصيرها للإرادة الروسية والمفاوضات المشتركة بين روسيا وإيران وتركيا.

كان سهم التهجير مُوجّهًا دائمًا إلى إدلب وباتت "الحافلات الخضراء" رمز التهجير إلى إدلب باعتبارها "حلاًّ" للحرب بين الثورة والنظام الأسدي وحليفيه.

*     *     *

منذ بدأت تنحسر سيطرة الثوار السوريين عن مناطقهم، منذ نهاية العام 2013 وحتّى بداية سلسلة "التسويات" والإكراه على التهجير، بدءا بحمص في مايو/ أيار 2014 وحتّى التهجير المكثّف في 2016 من معظم مناطق الثوار في داريا وريف دمشق وحلب وريف حمص، حتّى انتهت حرب قضم المناطق تقريبًا، وكذا سلسلة تهجير الثوار من الغوطة الشرقية في مارس/ آذار 2018.

في هذه السلسلة الطويلة، كان سهم التهجير مُوجّهًا دائمًا إلى إدلب، وباتت "الحافلات الخضراء" رمز التهجير إلى إدلب، والتي صُوّرت باعتبارها "حلاًّ" للحرب بين الثورة من جهة والنظام الأسدي وحليفيه، الإيراني والروسي، من جهة أخرى.

باتت إدلب "معقل" الثورة، ويبدو أنّ الثوّار فرحوا بها، وعدّوها منطقتهم التي يدافعون عنها، واستمرّ القتال بين فصائل ثورية وجهادية من جهة وميليشيات متعدّدة موالية للأسد من جهة أخرى على الجبهات المشتركة بين منطقتي الساحل وإدلب.

وتوقّع محلّلون، مع نهايات عملية التهجير في 2018، أنّ إدلب ستُترك للثوار، فأين سيذهب كلّ هؤلاء المهجرّين؟ بل وأين سيذهب سكّان إدلب أنفسهم؟ لا بدّ أنّ إدلب هي "الحل".

كما أنّ إيران التي قاتلت على الأرض، من خلال توكيل ميليشيات لبنانية وعراقية وأفغانية وأسدية، في المناطق والمدن التي تهمّها، لم تهتمّ بإدلب، ولم تُرسل أيًّا من ميليشياتها للقتال على الأرض هناك.

وآثرت الحفاظ على مواردها وعدم استنزافها في الحرب في منطقةٍ قد لا توليها أولوية كبيرة في الوقت الحالي، ثمّ اكتفت بوضع عدّة نقاط مراقبة بين إدلب وحلب لتحمي استيلاءها على الأخيرة.

لكن رغم أنّ إدلب ليست أولوية للإيرانيين، إلا أنّ روسيا قرّرت الاستمرار في الحرب الجوية عليها، رغم اتساع مساحتها، وطول محيطها، ما يعني تكلفة حربية كبيرة. لكن لم يثنِ هذا روسيا عن عزمها الاستمرار في الحرب على إدلب حتّى إنهاء آخر وجود ثوري وجهادي معًا فيها.

ولكي تتّبع روسيا تكتيكها المعهود في الاستيلاء على المناطق الثورية، وهو تكتيك القصف الجوي المكثّف المتزامن مع الهجوم البرّي، قرّرت روسيا تأسيس ميليشيات جديدة تحارب على الأرض، عوضًا عن الميليشيات الموالية لإيران!

فحاربت معها على الأرض ميليشيا أسد، وميليشيا لواء القدس، وميليشيا الفيلق الخامس، وميليشيات متكونة من عناصر تسويات التهجير.

استطاعت هذه الميليشيات بالفعل الاستيلاء على مدينةٍ ذات أهمية كبيرة، وهي خان شيخون، في أغسطس/ آب الماضي، بعد قصفٍ روسي عنيف وحشي اشتدّ منذ نهاية إبريل/ نيسان الماضي وحتّى استيلاء الميليشيات الموالية على المدينة واقتحامها بريًا في أغسطس/ آب الماضي.

فإدلب ذات أولوية لروسيا التي تسوّغ "ضرورة" الحرب عليها باعتبار أنّها الملجأ الأخير للفصائل الجهادية، في خطاب إعلامي، لنيل الاعترافين، الأميركي والدولي، أنّ الحرب على إدلب هي على الإرهاب، بسبب وجود فصائل جهادية فيها.

ولم تكن الولايات المتحدة على عناية بإدلب، فقد تركت مصيرها للإرادة الروسية، ولمصير المفاوضات المشتركة بين روسيا وإيران وتركيا، ولكن ما أبرزها إلى الواجهة وما أشار إلى أهميتها، هو عملية مقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، أبو بكر البغدادي، يوم 26 الشهر الماضي (أكتوبر/ تشرين الأول) في عملية أميركية بمساعدة روسية.

والنقطة ذات الأهمية هنا ليست مقتل البغدادي الذي بالغت الولايات المتحدة في تضخيمه، وبالغت روسيا في التهوين منه، بل إنّ وجود البغدادي واستقراره في إدلب لمدة غير معلومة هو النقطة المهمة.

وهو ما سيلقي أسئلة كثيرة بشأن الطريقة التي دبرّها للانتقال من الرّقة، حيث أعلن قيام دولته المزعومة في العام 2014، إلى إدلب، حيث فجّر نفسه إثر الغارة الأميركية، وهذا ما دعا تركيا إلى التحقيق في تحرّك البغدادي.

وهذا كذلك ما جعل محللين أميركيين، مثل جاشوا لانديس، الخبير في الشأن السوري، يلفتون النظر إلى تهوين الولايات المتحدة من شأن إدلب، بالنّظر إلى العملية العسكرية التي كشفت عن وجود البغدادي فيها.

لم تهتم روسيا، في الحقيقة، بمقتل البغدادي، ولم تعتبره إنجازًا كبيرًا أو نقطة تحوّل، فحربها على إدلب ذات دوافع أكبر وأهمّ من "الحرب على الإرهاب" الذي يُستخدم ذريعة لتحقيق هدف أهمّ، وهو فرض نفوذها غربًا، وفرض الاعتراف بها قوةً في إقليم الشرق الأوسط.

وهو ما جنته بالفعل، حيث شكرها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لسماحها باستخدام "مجالها الجوي" في الغارة الأميركية على البغدادي، إشارةً إلى المجال الجوّي في إدلب، وهو ما يعني الاعتراف الأميركي الكامل بالسيطرة الروسية على المجال الجوي السوري، دعا إلى "أخذ الإذن" من روسيا لتنفيذ العملية العسكرية.

وفي هذه اللحظة، يستمر القصف الجوي الروسي على إدلب، ويستمر الهجوم البرّي الأسدي على حدودها، ويستمر تكتيك قضم المناطق، وقد تعيد الولايات المتحدة نظرها في أولوية إدلب باعتبارها آخر معاقل "الجهاديين".

وبهذا، لم تكن إدلب حلاً مطلقًا، بل وفقًا لكلّ هذه المعطيات، فإدلب مشكلة، سيدفع ثمن حلّها، كالعادّة، السوريون المقيمون على أرضها، الموالون للثورة أو لآخر معاقلها.

* د. خديجة جعفر كاتبة مصرية باحثة في الفكر والفلسفة.

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

مقتل 14 مدنيا نصفهم أطفال في قصف لقوات الأسد على إدلب

روسيا: لا بديل عن التعاون مع تركيا لحل مشكلة إدلب السورية