لوب لوج: "نبع السلام" عززت العلاقات الوثيقة بين قطر وتركيا

الاثنين 4 نوفمبر 2019 03:51 م

تتشارك بعض الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي مع مصر في اعتبار أجندة تركيا في العالم العربي والإسلامي تهديدا كبيرا. وعلى وجه التحديد، تنظر أبوظبي والرياض إلى سياسة تركيا الخارجية "العثمانية" والصديقة للإخوان المسلمين بخيبة أمل شديدة، وتعتقدان أن الدول العربية بحاجة إلى التحرك بشكل جماعي لمواجهة النفوذ الاستراتيجي لأنقرة. ومع ذلك، فإن قطر، التي وصفها "برنارد هيكل" بأنها "ترس صلب" في مجلس التعاون الخليجي، كانت حليفا وثيقا لتركيا منذ أعوام. ولا شك في أن علاقة الدوحة الفريدة مع أنقرة ساهمت إلى حد كبير في الاحتكاك بين قطر ودول أخرى في المنطقة.

ودخل محور "الرياض - أبوظبي" في مواجهة مع محور "أنقرة - الدوحة" في العديد من القضايا الإقليمية في فترة ما بعد عام 2011. ومن الأمثلة البارزة على ذلك انقلاب مصر عام 2013، والحرب الأهلية الليبية، وأزمة مجلس التعاون الخليجي التي بدأت عام 2017. ولأعوام، كان المسؤولون السعوديون والإماراتيون غاضبين من اقتراب قطر من تركيا، الأمر الذي بدأ في التصاعد بشكل ملحوظ منذ عام 2015. وعندما فرضت البحرين ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة حصارا على قطر منتصف عام 2017، وضعت مجموعة الدول العربية هذه قائمة من المطالب كشروط للمصالحة. واشترطت إحدى النقاط على الدوحة إنهاء علاقتها العسكرية الخاصة مع أنقرة.

التحالف الوثيق

ومع ذلك، لم تُظهر قطر أي علامة على التخلي عن تحالفها الفريد مع تركيا. بل في الواقع، أدى الضغط الذي فرضه جيران قطر على الإمارة إلى تعميق الدوحة لشراكة وثيقة مع أنقرة. ومنذ بداية الخلاف الخليجي، عارضت القيادة التركية الحصار المفروض على قطر بشدة. وبعد بدء الحصار عام 2017، نشرت تركيا المزيد من القوات العسكرية في الإمارة الخليجية، وزودتها بحوالي 4 آلاف طن من الإمدادات الغذائية. وذهب الرئيس "رجب طيب أردوغان" إلى حد إدانة الحصار باعتباره "لا يمت للإسلام بصلة"، وظلت القيادة التركية تصف باستمرار أزمة الخليج بأنها "مفتعلة" وتستند إلى روايات مزيفة.

وخلال العامين الماضيين، نفذ الجيشان التركي والقطري تدريبات ومناورات حربية مشتركة، وعقدا زيارات متعددة رفيعة المستوى، مما أعطى الدوحة في النهاية المزيد من الأسباب للوقوف قوية وسط الضغوط التي فرضها الحصار. وفي شهر أغسطس/آب، ذكرت "دير شبيغل" أن عدد الجنود الأتراك الذين تم نشرهم في قاعدة "طارق بن زياد" العسكرية في قطر قد يتجاوز 5 آلاف جندي.

وفي الوقت نفسه، ساعدت قطر تركيا بطرق عديدة، الأمر الذي أكسب الدوحة الكثير من الاحترام والثقة من الحكومة في أنقرة. وقبل الحصار، كان أمير قطر أول رئيس في العالم يتصل بـ "أردوغان" وسط مؤامرة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز 2016 للتعبير عن دعمه لحكومة تركيا الشرعية، وهي خطوة رمزية للغاية في وقت بدا فيه حلفاء "الناتو" التقليديين متحوطين ومترددين في انتظار معرفة ما إذا كانت الغلبة ستكون لـ "أردوغان" أو للانقلابيين. وفي أغسطس/آب 2018، وسط العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على أنقرة بشأن قضية القس "أندرو برونسون"، تعهدت قطر بتقديم حزمة مساعدات بقيمة 15 مليار دولار لمساعدة الاقتصاد التركي المتضرر.

نبع السلام

وبالنظر إلى كيفية اقتراب الدوحة من أنقرة في العديد من المجالات، لم يكن مفاجئا أن تكون قطر الشهر الماضي العضو الوحيد في مجلس التعاون الخليجي الذي يدعم الحملة العسكرية التركية في شمال سوريا.

وبعد 6 أيام من إطلاق تركيا عملية "نبع السلام"، ألقى وزير خارجية قطر، الشيخ "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني"، كلمة أيدت التدخل التركي. وأثناء حديثه في اجتماع منتدى الأمن العالمي في الدوحة، قال: "تمثل الأسلحة والتدريب المقدم للمجموعات الكردية خلال الحرب ضد تنظيم الدولة تهديدا وشيكا للأمن التركي".

وأكد كبير الدبلوماسيين القطريين أن أنقرة أصدرت العديد من التحذيرات بشأن وحدات حماية الشعب المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، بحجة أنه ليس من العدل إلقاء اللوم على تركيا "لأن أنقرة تريد تطهير أراضيها والوقوف في وجه الإرهاب". ولإظهار الدعم لرواية تركيا حول عملية "نبع السلام" بأنها تهدف لمكافحة الإرهاب إلى حدٍ كبير، صرح وزير الخارجية القطري قائلا: "تأتي التهديدات من مجموعات محددة مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، وهي جماعة إرهابية سرية. ويعد هدف أنقرة الوحيد هو القضاء على هذا التهديد، ولا تريد تركيا البقاء على الأراضي السورية في المستقبل".

وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول، انضم الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى وزراء خارجية العديد من أعضاء الجامعة في وصف حملة تركيا بأنها "غزو لأرض دولة عربية وعدوان على سيادتها". وكانت قطر والصومال، التي تستضيف أيضا وجودا عسكريا تركيا، العضوين الوحيدين في جامعة الدول العربية اللذين أعربا عن تحفظات بشأن قرار الجامعة الذي يدين حملة تركيا.

وكشف دعم الدوحة لتركيا - في الوقت الذي عبر فيه معظم المجتمع الدولي عن معارضته لعملية أنقرة في سوريا - مدى قوة التحالف القطري التركي. واستخدم المسؤولون الحكوميون ووسائل الإعلام في دول الحصار موقف جامعة الدول العربية لإظهار قطر كدولة منعزلة تناقض التوافقات التي تم التوصل إليها بين حكومات العالم العربي. وقال وزير الخارجية المصري "سامح شكري": "يضع التحفظ القطري قطر في خندق واحد مع المعتدين، وليس لدي أي تعليق آخر".

وفي أواخر الشهر الماضي، أشاد السفير القطري في تركيا "سالم بن مبارك الشافي" بالاتفاق الذي توصلت إليه حكومات تركيا وروسيا والولايات المتحدة بشأن المعايير المقترحة للمنطقة الآمنة في سوريا على طول الحدود التركية، باعتباره "نصرا دبلوماسيا" لأنقرة. وفي نفس المقابلة، أكد السفير القطري من جديد موقف الدوحة أنه من حق تركيا اتخاذ أي إجراء عسكري ضد التهديدات التي تستهدف أمنها، مشيرا إلى مكالمة هاتفية تمت في وقت سابق بين أمير قطر "تميم بن حمد" و"أردوغان" باعتبارها "دعما واضحا" من الدوحة لأنقرة. وأشاد السفير بتركيا لأن قيادتها "لم ترضخ للضغوط الدولية أو الإملاءات الأجنبية"، بينما ذكر أن الانتقادات التي تتلقاها أنقرة بسبب شن عملياتها في شمال سوريا تعكس "المعايير المزدوجة التي يمارسها المنتقدون".

المنظور القطري

وعلى الرغم من أن قطر كانت في السابق محايدة نسبيا فيما يتعلق بالعمليات العسكرية التركية السابقة ضد وحدات حماية الشعب الكردية أو حزب العمال الكردستاني في العراق وسوريا، إلا أنه في الفترة الحالية، مع إضفاء الطابع المؤسسي بشكل متزايد على حصار قطر في النظام الجيوسياسي للشرق الأوسط، تجد الدوحة نفسها مع خيارات أقل. ببساطة، على قطر أن تبدي دعما لتركيا في القضايا الإقليمية الحساسة التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن القومي التركي.

ومع ذلك، لا يعني هذا أن القيادات في الدوحة وأنقرة لديها نفس المنظور أو التصور لتهديد وحدات حماية الشعب الكردية. وفي حين كانت قطر حريصة على الحفاظ على علاقة الدوحة الاستراتيجية مع تركيا، فإنها دعمت أنقرة الشهر الماضي عملية "نبع السلام"، ولكن هذا الدعم جاء مع بعض القلق والتردد. ويرجع السبب في ذلك إلى أن القيادة القطرية تريد أن يتم خنق "العمل المناهض للأسد" الذي تمارسه "وحدات حماية الشعب". وترى الدوحة، مثل واشنطن، أهمية لدور الميليشيات الكردية في العمل ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ونتيجة لذلك، بعد أن أطلق الأتراك حملتهم ضد وحدات حماية الشعب، بذلت قطر جهودا لمساعدة مختلف الأطراف على تخفيف حدة التوترات.

ومن خلال رفضها الانضمام إلى البحرين والكويت والسعودية والإمارات في إدانة التوغل العسكري الذي قامت به تركيا في شمال سوريا، أظهرت قطر الضعف المؤسسي لمجلس التعاون الخليجي. وأوضح قرار الدوحة بدعم أنقرة مدى اعتماد قطر على تحالفها مع تركيا من أجل مواجهة حالة العزلة النسبية للإمارة في الخليج. علاوة على ذلك، مع انطلاق عملية "نبع السلام"، وما أبرزته من اتساع للصدع بين قطر ودول الحصار بشكل متزايد، تزيد الاحتمالات بأن يؤدي موقف الدوحة من الحملة التركية إلى تقويض أي إمكانية لحل الخلاف الخليجي في وقت قريب.

المصدر | جورجيو كافييرو - لوب لوج

  كلمات مفتاحية

دعم تركيا وقطر قطر تركيا نبع السلام

قوات قطرية تنهي تدريبات على القنص في تركيا

تركيا تشكر قطر على دعم عملية نبع السلام

وزير الخارجية القطري يستقبل نظيره التركي في الدوحة

أردوغان يزور مركزا عسكريا على الحدود التركية مع سوريا

تركيا: دعاية سوداء تهدف للمساس بنجاح نبع السلام

أزمة الجزيرة الإنجليزية.. هل التحالف القطري التركي مهدد بالفعل؟

بعلاقات شاملة متطورة.. تركيا وقطر تقدمان نموذجا للتعاون

دبلوماسي تركي: اتفاقيات تعاون مرتقبة خلال زيارة أردوغان لقطر

26 قمة قطرية تركية خلال 60 شهرا.. علاقة قوية

افتتاح مقر قيادة القوات التركية القطرية المشتركة بالدوحة