الدم الأخير.. ستالون يعيد تدوير نفسه

الأحد 3 نوفمبر 2019 09:02 م

منذ العام 2008 ومع النسخة الرابعة لسلسلة أفلام "رامبو" التي بدأها النجم الأمريكي "سيلفستر ستالون" بعنوان "الدم الأول"، بدا أن "ستالون" يحاول أن يعيد تدوير نفسه ليخرج إلى مرحلة جديدة تتناسب مع العمر وعلامات الشيخوخة التى بدأت تزحف على وجهه، وبدأ يبحث عن أفلام متوسطة الحركة (أكشن خفيف يتناسب مع السن).

يتضح هذا من نجاح "ستالون" في إعادة تدوير "روكي"، و"رامبو"، فضلا عن قدرته على إعادة مجموعة من أبطال الأكشن القدامى أمثال: "جيت لي"، و"بروس ويليس"، و"أرنولد شوارزنجر" في سلسلة المرتزقة، التي قدم منها جزأين هما "المرتزقة" و"خطة الهروب".

الدم الأخير

تبدأ أحداث فيلم "رامبو.. الدم الأخير" بعد مضي عدة سنوات، حيث يعيش "رامبو" حياة هادئة في مزرعة بولاية أريزونا، ويمارس تربية الخيول ويتمتع بالعيش مع أسرته بالتبني المؤلفة من "ماريا" (الممثلة "أدريانا بارازا") وحفيدتها "جابرييل" (الممثلة "إيفيت مونريل") التي تبلغ "رامبو" أن صديقتها "جيزيل" (الممثلة "فينيسا بينيدا") عثرت على والد "جابرييل" المفقود في المكسيك، وتسافر "جابرييل" إلى المكسيك بحثا عن جدها، وذلك رغم معارضة والدتها و"رامبو".

وعندما تلتقي "جابرييل" بوالدها  يبلغها بأنه لم يرغب بها ولا بأمها، وأنه لا يريد أن يذكر هذه الحياة، وتتعرض "جابرييل" للاختطاف من قبل عصابة إجرامية بزعامة المجرمين الشقيقين "فيكتور مارتينيز" (الممثل "أوسكار جينادا") و"هيوجو مارتينيز" (الممثل "سيرجيو بيريس" – ميشيتا).

ويذهب "رامبو" إلى المكسيك لإنقاذ "جابرييل"، وتساعده على الوصول إلى مكانها الصحفية "كارمين" (الممثلة "باز فيجا")، حيث يواجه رجال العصابة الإجرامية ويتعرض للضرب ويخطفون منه رخصة قيادة سيارته للتعرف على موقع مزرعته في ولاية أريزونا، وتقوم الصحفية "كارمين" بنقل "رامبو" إلى منزلها حيث تعالجه وتذكر له أنها تجري تحقيقا صحفيا يتعلق بزعيمي العصابة الإجرامية اللذين قتلا شقيقتها.

وبعد ذلك يهاجم "رامبو" العصابة ويقتل عددا من أعضائها قبل العثور على "جابرييل" التي ترافقه في العودة إلى ولاية أريزونا، حيث يقوم بإعداد مزرعته لأي هجوم متوقع من عصابة المجرمين، ثم يعود إلى المكسيك ويقتل المجرم "فيكتور مارتينيز" مع عدد من رجاله المجرمين.

ويرد المجرم "هيوجو" شقيق المجرم "فيكتور" على ذلك بشن هجوم مع عصابته على مزرعة رامبو في ولاية أريزونا، حيث يقتل جميع أفراد العصابة باستخدام الشراك التي نصبها لهم "رامبو".

وفي الختام يجلس "رامبو" المرهق في شرفة منزل والده الراحل، مصمما على مواصلة القتال ضد المجرمين، وعلى إحياء ذكرى أحبائه مدى الحياة.

غاب "رامبو" الذي نعرفه

بعد 37 عاما على إنتاج فيلم "الدم الأول" يعود إلينا "ستالون" بـ"رامبو" جديد لا نعرفه، فقد اختفى البعد السياسي لأفلامه، ويضعنا أمام قصة شخصية تقليدية أنتجت كثيرا في هوليود حيث عصابات الرقيق الأبيض يخطفن البنات وعلى أحدهم ان يقوم بإطلاق سراحهن.

نحن أمام شخص آخر غير "رامبو" الذي عرفناه منذ 37 عاما، فهو أكثر هدوءا لا يستعرض جسده العاري الذي يواجه به الجيوش المسلحة، لكنه يرتدي ملابس رعاة البقر، ويمارس هواية غريبة في صناعة الأنفاق وتجهيزها في مزرعته، ويبدو كرجل يحاول أن يتنصل من حياة العنف.

وباستثناء المعركة الأخيرة التي خاضها مع عصابة الرقيق في الفيلم والتي حاصرت بيته، لا توجد العناصر التشويقية التي أمنت للأجزاء السابقة أن تنجح في اجتذاب جمهور الأكشن، حتى إن هذه المعركة بدت أشبه بمغامرات طفل "وحدي في البيت" فبدلا من الطفل الماكر الذي تلاعب باللصوص، نحن أمام عجوز ماكر لديه خبرة في الحرب يقوم بأعمال صبيانية ليوقع بفرائسه من الأشرار.

المحطة الأخيرة

بمجرد أن انتهى "سليفستر" من تصوير الفيلم نشر لجمهوره رسالة عبر مواقع التواصل الاجتماعي يعلن فيها أنه سيتوقف عن العمل، ليهتم بأسرته وليستطيع أن يقضي معهم عيد الشكر، قائلا: "حسنا لقد انتهى الأمر ،ذلك آخر مشهد أصوره، لقد كانت رحلة رائعة، قدمت هذه الشخصية عام 1980، ولم يكن أحد راغبا بالقيام بهذا الدور".

يذكر أن الكاتب الكندي "ديفيد موريل" استوحى شخصية "رامبو" من حكاية أحد جنود الحرب العالمية الثانية، وهي شخصية الجندي الأمريكي "أودي مورفي" الذي نال 33 وساما وميدالية فضية، بفضل شجاعته النادرة.

"مورفي" قتل أثناء الحرب 240 جنديا ألمانيا وجرح 3 مرات، وصنعت السينما الأمريكية فيلما عنه بعنوان "الذهاب نحو الجحيم والعودة منه"، وفي محاولة لمحو آثار مأساة الأمريكان والعقدة التي تشكلت لديهم من فيتنام، استوحى "موريل" الشخصية التي تحولت إلى سلسلة من 5 اجزاء بدأ عرضها في الثمانينات من القرن الماضي.

ويشير "موريل" إلى أن الأزمة التي كانت تواجهه طوال كتابته لفصول القصة هي اسم البطل، إلى أن اهتدى إليه ذات يوم وهو يأكل تفاحة أعجبه طعمها، فسأل زوجته عنها فقالت له إن اسمها "تفاحة رامبو" نسبة إلى فلاح سويدي سميت التفاحة باسمه لأنه أول من قام بقطفها في القرن السابع عشر.

الكاتب قتلها والسينما حولتها 5 أجزاء

في القصة التي ألفها الكندي "موريل"، مات "رامبو" على يد الكولونيل تروتمان، وهو نفس السيناريو المبدئي الذي تم بالفعل تصويره وعرضه على عينات من الجمهور كاختبار ولاستطلاع رأيهم، فلم يلق الأمر قبولا لدى العينة، ورفض هذا الواقع الأليم الذي يلحق بالمحاربين القدامى، وتم تغيير النهاية.

استطاعت سلسلة الأفلام التي بدأت بـ"الدم الأول" أن تربط الجمهور بشخصية البطل الخارق، وتعيد الأمريكان لتقبل التعايش مع الجنود العائدين من فيتنام، بعدما لفظهم الشعب لعدم قدرتهم على تحقيق الانتصار، ورممت الشخصية الأسطورية العلاقة بين الجيش الأمريكي والشعب الذي بدأ يتعاطف مع جنوده مرة أخرى.

ولم تتوقف الأهداف من إنتاج شخصية وهمية للجندي الأمريكي عند حد ترميم العلاقة ،بل تعدتها للتأثير على المشاهدين في مختلف دول العلم، ولتخلق صورة ذهنية للجندي الأمريكي الخارق الذي لا يهزم، وتنشيء له بطولات جبارة لا تستطيع معها الجيوش أن تهزمه.

وهذه القصة المؤثرة جعلت الشعب الأمريكي يتعاطف مع جنوده مرة أخرى وبهذا يكون الفيلم قد نجح في أداء رسالته، لكن الأمر لم يتوقف عند هذه النقطة، فقد استخدمت الشخصية المحبوبة في أجزاء كثيرة على مدار تلك الفترة الزمنية لتصدير صورة الجندي الأمريكي الخارق الذي لا يهزم.

ومع توقف "ستالون" عن التمثيل وفق تصريحه، نستطيع أن نقول إنه نجح من خلال هذه السلسلة أن يحفر اسمه كواحد من أساطير الأكشن في العالم، ويجعل اسمه مرتبطا منذ الفيلم الثاني للسلسلة باسم البطل "رامبو"، ليحقق ظاهرة تحتاج إلى الدراسة، وهي ظاهرة الشخصيات الرئيسية التي تحقق نجاحا وشهرة عالمية، وهو ما حققه "سليفستر" في سلسلتين "رامبو"، و"روكي".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

رامبو روكي ستالون سلفستر ستالون

تحقيقات حول اتهام «سيلفستر ستالون» بالاعتداء الجنسي

«سيلفستر ستالون» يتهم «وارنر براذرز» بالاحتيال بعد 24 عاما