اتهمت جماعة "حزب الله" اللبنانية، الولايات المتحدة، بالتدخل في تشكيل الحكومة الجديدة، قائلة إن واشنطن "تريد حكومة على شاكلتها، ونحن نريد حكومة على شاكلة الشعب اللبناني".

جاء ذلك، على لسان نائب الأمين العام للجماعة الشيعية؛ "نعيم قاسم"، حيث قال الجمعة، إن "أمريكا تتحرك في الخفاء، وتفرض شروطها، وتسعى إلى أن تكون النتائج لمصالحها، وهذا ما يجعل الأزمة تأخذ وقتا إلى حين يئس الأطراف الخارجية من إمكانية تحقيق ما يريدون".

وتطرق "قاسم"، إلى كلام السفير الأمريكي الأسبق لدى بيروت "جيفري فليتمان"، أمام لجنة في الكونجرس الأمريكي، حول الأزمة اللبنانية، قائلا "فيلتمان يقول بوضوح ماذا تريد أمريكا.. تريد أمريكا حكومة لا سياسة فيها على قاعدة أنها تعتقد بأنها تؤثر أكثر".

وتابع: "هذا هو الرأي الأمريكي، تريد حكومة تعمل مع الغرب وتراعي المصالح الأمريكية بشكل مباشر، هذا هو مضمون كلامه، نحن يجب أن نعمل بما يراعي مصالح لبنان وبما ينسجم مع خيارات الشعب اللبناني"، وفقا لما نقلته عنه "رويترز".

وأشار القيادي البارز بـ"حزب الله"، إلى أن "أمريكا تريد حصتها من لبنان (..) هذا أمر غير مقبول".

وأضاف: "فيلتمان عندما يهدد اللبنانيين بالاختيار بين الطريق المؤدي إلى الفقر الدائم أو الرخاء المحتمل، فهو يفسح في المجال أمام الخيارات التي تريدها أمريكا كحل للإنقاذ، وهذا أمر مخالف تماما لحقوق الشعب اللبناني".

وزاد "قاسم": "عندما يقول نريد حكومة مناسبة تتناغم مع أفضل حماية للمصالح الأمريكية فهو يعمل على مصادرة رأي الشعب اللبناني في حكومته".

وتابع: "فليكن واضحا الشعب اللبناني، اختار مجلسا نيابيا يمثله، والحكومة يتم اختيارها وإعطاؤها الثقة من خلال قرار المجلس النيابي، ولا يوجد طريق آخر لإنجاز هذا الأمر".

واستطرد: "فما يراه ممثلو الشعب الذين يأخذون بعين الاعتبار مطالبه المحقة، هو الذي يتحقق للبنان لا ما تمليه أمريكا تحت الضغط مهما كان الضغط".

وكشف "قاسم" أن مسؤولين أمريكيين يجرون اتصالات مباشرة مع سياسيين لبنانيين، وعلق على ذلك بالقول: "فليتركونا حتى نتفاهم، وكلما ازداد تدخلهم أخروا الحل.. الآن تأخير الحل بسبب أمريكا".

ويعد حديث "قاسم"، أقوى اتهام حتى الآن بالتدخل الأمريكي في الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان.

وانزلق لبنان إلى أزمة عميقة منذ اندلاع المظاهرات الاحتجاجية ضد النخبة الحاكمة الشهر الماضي.

وتأجج غضب المحتجين بسبب ما يرونه فسادا بين الساسة الطائفيين الذين يحكمون لبنان منذ عقود.

ووصل الحل السياسي إلى طريق مسدود منذ استقال رئيس الحكومة "سعد الحريري"، من رئاسة الوزراء في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مطيحا بحكومة ائتلافية تضم "حزب الله".

وكان لـ"حزب الله" تمثيل في الحكومة التي يترأسها "الحريري"، أكثر من أي حكومة سابقة، وهو ما يعكس توازنا سياسيا لصالح الحزب في الانتخابات البرلمانية عام 2018.

ويريد "الحريري" المتحالف مع دول غربية وعربية خليجية، العودة كرئيس لمجلس الوزراء وتشكيل حكومة من الوزراء الاختصاصيين، وأن يستثني منها الأحزاب الأخرى، وهو شرط يحد بشكل فعال من دور "حزب الله" في الحكومة.

وعلى الرغم من أنهم يتمتعون بأغلبية برلمانية، إلا أن "حزب الله" وحلفاءه بما في ذلك "التيار الوطني الحر"، يواصلون السعي للتوصل إلى اتفاق مع "الحريري"، بشأن تشكيل حكومة تضم سياسيين وخبراء.

وبالعودة إلى "قاسم"، فإنه لا يرى أي مؤشرات لاندلاع حرب أهلية جديدة في لبنان، مؤكدا أن "حزب الله لن ينجر إلى الفتنة"، رغم أن هذه الأزمة هي الأسوأ على لبنان منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عام 1975 و1990.

وهاجم "حزب االله" الاحتجاجات منذ اندلاعها، وشيطنت وسائل إعلامه المتظاهرين، قبل أن يهاجم أنصاره المتظاهرين في أكثر من منطقة، ما أوقع إصابات.

وانطلقت الاحتجاجات بلبنان في 17 أكتوبر/تشرين الأوّل الماضي، بعد إقرار مجلس الوزراء لضرائب جديدة بموازنة 2020.

ويعاني الاقتصاد اللبناني منذ أعوام من الاقتراض وسوء الإدارة، ويبلغ الدين الوطني نحو 150% من الناتج المحلي الإجمالي، وتواجه الحكومة الحالية عجزا لا يقل عن 10%، فيما تذهب نسبة كبيرة من ميزانيتها لسداد فواتير الديون.