خبير عسكري يوضح مدى إمكانية حدوث انقلاب عسكري بالعراق

الاثنين 25 نوفمبر 2019 10:33 م

أثار بيان عن وجود عصيان عسكري، داخل جهاز "مكافحة الارهاب" العراقي، نشر على صفحتها الرسمية على "فيس بوك"، بعد اختراقها من قبل هاكرز، تساؤلات عن مدى إمكانية وقوع انقلابات عسكرية هناك.

وجاءت هذه التساؤلات، بالتزامن مع عودة قيادات الجيوش العسكرية للواجهة في أكثر من بلد عربي (السودان والجزائر) بعد احتجاجات مماثلة لنظريتها التي تجري في العراق.

في هذا الصدد عبر الخبير العسكري العراقي "معن الجبوري" عن اعتقاده أن فكرة الانقلاب لم تغادر أذهان العراقيين الذين عانوا كثيرا من سوء إدارة الحكومات ما بعد 2003.

وأضاف "الجبوري"، خلال تصريحات للإذاعة الألمانية، أن العراقيين يحلمون أن تظهر قوة عسكرية لتغيير الواقع، على الأقل لأن الواقع السياسي لا يمكن تغييره عن طريق الانتخابات أو عن طريق التظاهرات وذلك نظرا لحجم الفساد المستشري.

 وأشار إلى أن هناك همسا كثيرا في أروقة العسكريين عن هذه المحاولات، لكنها تبقى مجرد أفكار نظرية، ترجمتها إلى الواقع على الأرض صعبة جدا، حسب تعبيره.

وأرجع الخبير العسكري صعوبة حدوث انقلاب عسكري لسببين رئيسيين؛ الأول: هو أن الوجود الأمريكي من خلال قوات عسكرية (منذ 2003 وحتى الآن)، لا يمكن تجاهله ولا يمكن لأي قوى أن تعمل إلا خلال القواعد المتفق عليها في البلاد.

والسبب الثاني -وفقا لـ"الجبوري"- هو وجود واقع آخر ترسخ بعد عام 2011 ويتمثل في الانسحاب الأمريكي وبروز تأثير إقليمي على الواقع العراقي.

لهذا لا يمكن لأي انقلاب أن ينجح ما لم يكن يحظى بدعم إقليمي ودولي حتى يترسخ الانقلاب.

بالرغم من ذلك، أشار "الجبوري" إلى وقائع مستجدة في المحيط الإقليمي، تمثل في ظهور أكثر من حركة عسكرية في الشرق الأوسط، خصوصا في مصر، حيث قاد الجيش انقلابا بقيادة "عبدالفتاح السيسي"، وفي السودان أخيرا انقلب الجيش على نظام الرئيس "عمر البشير" ليحفظ مصالحه، وحتى في الجزائر لا يزال الجيش يلعب الدور القوة المهيمنة في الحياة السياسية للمجتمع.

وذكر أن هذه المعطيات أعطت زخما كبيرا للمؤسسة العسكرية العراقية أن تناقش الموضوع أو على الأقل أن تأخذ الفكرة مأخذ الجد.

موانع إضافية

وأشار "الجبوري" إلى وجود موانع أخرى إضافية تحول دون وقوع انقلاب عسكري بالعراق، من بينها وجود أكثر من مؤسسة عسكرية، وأكثر من مصدر للجيش، فهناك مثلا قوات البيشمركة الكردية في إقليم كردستان العراق وكذلك قوات الحشد الشعبي، بالإضافة إلى وجود عشائر مسلحة، فإن هناك قوى عسكرية تتمتع باستقلالية القرار العسكري.

ولهذه الأسباب تكون فكرة الانقلاب العسكري على ضوء تعدد مصادر قوة الجيش غير واردة وصعبة التحقيق وخطيرة أيضا، حسب قناعة "الجبوري".

شبه انقلاب

ووفق تصورات "الجبوري" يمكن تحقيق أهداف محددة عبر تحرك عسكري "شبيه بفكرة الانقلاب".

وأوضح الخبير العسكري العراقي: "مثلا تغيير الحكومة من خلال تحرك قوة عسكرية كبيرة داخل العاصمة بغداد، ولكن لا يمكن لقوة عسكرية أن تتحرك لتفرض سيطرتها على كل العراق".

وعموما يمكن القول، حسب رأي الخبير العسكري، إن كل القرارات العسكرية والسياسية في العراق مشتتة لا يمكن جمعها في قبضة واحدة أو وضعها تحت إمرة شخص واحد أو مؤسسة واحدة بعد عام 2003.

وحول ترجيح البعض إمكانية تأييد أمريكا انقلابا عسكريا ينهي النفوذ الإيراني في بلاد الرافدين ويزيح الأحزاب والجماعات السياسية المتحالفة مع طهران، علق "الجبوري" قائلا إن النظام السياسي القائم في العراق هو من صنع الولايات المتحدة الأمريكية والنخب الحاكمة في العراق تحظى بدعم أمريكي.

وأضاف أنه ربما تكون الولايات المتحدة ضد هذه القضية أو تلك، لكنها لن تكون مع انقلاب عسكري يقضي على ما قامت هي ببنائه خلال السنوات التي تلت غزو العراق وإسقاط نظام الديكتاتور "صدام حسين".

ويعلل الخبير العراقي الموقف الأمريكي بأنه يدخل في حسابات جيوسياسية للولايات المتحدة في المنطقة عموما، إلى جانب أن واشنطن غير مستعدة حاليا للاهتمام بالشأن العراقي من أجل "سواد عيون بعض الجماعات العراقية"، حسب تعبير "معن الجبوري".

مجازفة ومخاطر كبيرة

وذكر "الجبوري" أن من يقود انقلابا عسكريا عليه أن يستعد لمجازفة كبيرة تتمثل في وقوف مئات الآلاف من المسلحين في الشوارع ضده، مضيفا أنه لا يمكن لأي قوة أن تخطو مثل هذه الخطوة دون أن يحسب حساب الخصم الذي سوف يعارض الحركة العسكرية الانقلابية.

وتابع: "فهناك الميليشيات المسلحة التي وإن خضعت للمؤسسة العسكرية، فإنها في حالة الانقلاب ستتحرك بأوامر سياسية من القوى الداعمة لها في الداخل والخارج لمواجهة الانقلابين".

أضف إلى ذلك -حسب رأي "معن الجبوري"- وجود قوى عسكرية داخل مؤسسة الجيش مستفيدة من الوضع الحالي ولا مصلحة لها في تغييره، سواء كان لأسباب سياسية أو لأسباب تتعلق بالفساد والمصالح المادية المربحة لها.

وأضاف أن مثل هذه القوى ستقف بكل قوة ضد أي محاولة انقلابية تغيير ميزان القوى الحالي في البلاد.

ووفقا للخبير العسكري العراقي، فإنه على هذا الأساس يكون طريق الانقلاب العسكري لتغيير الأوضاع في العراق محفوفا بمخاطر كبيرة، وأبرز تلك المخاطر هو انزلاق البلاد إلى حرب أهلية مدمرة، أكثر شراسة من الحرب الطائفية التي شهدتها البلاد في عام 2006.

المصدر | الخليج الجديد+متابعات

  كلمات مفتاحية

الانقلابات العسكرية انقلابات عسكرية انقلابات المشرق العسكرية محاولة الانقلاب العسكري معارضي الانقلاب العسكري

قائد الجيش الأمريكي يصل إلى العراق وسط احتجاجات ضد الحكومة