استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ترامب ونتنياهو وثمن تخريب خطة التصفية

الأربعاء 27 نوفمبر 2019 12:18 م

ترامب ونتنياهو وثمن تخريب خطة التصفية

الصراعات الإقليمية والدولية ستبقى حبلى بالتطورات التي قد لا يتوقعها أحد.

لعبة التصفية الجديدة لن تمرّ لأن هنا شعباً له طقوسه في التمرّد وأمة لها تراث في التصدي للمؤامرات أيضاً.

غطرسة نتنياهو وترامب فضحت اللعبة بالكامل لكن إصرار قيادة السلطة على مسار التيه حال دون انفجار يشبه انتفاضة الأقصى.

*     *     *

لنتنياهو وترامب مزايا كثيرة لا ينتبه إليها كثيرون ممن يتابعون المشهد السياسي في المنطقة، لا سيما ما يتعلق بقضية الأمة المركزية في فلسطين.

منذ عقود والصهاينة يديرون المشهد السياسي في التعاطي مع القضية الفلسطينية، على نحو متدرج وبالغ الذكاء، حيث تم استدراج الأنظمة العربية ومن ضمنها منظمة التحرير الفلسطينية، وتاليًا السلطة الفلسطينية، إلى تراجعات متوالية من دون أن يقدم الصهاينة أي استحقاق يُذكر على صعيد التسوية الحقيقية التي تنص عليها قرارات ما تُسمى الشرعية الدولية.

والحال أن المشهد السياسي كان طوال الوقت مقلوباً، ذلك أن الأصل هو أن يبادر المحتل إلى تقديم مبادرات للطرف الآخر، لأنه هو من يملك الأرض، لكن الصهاينة كانوا يفعلون العكس، واستجاب لهم الوضع الفلسطيني والعربي الرسمي.

فكان الأخير هو الذي يقدم التنازلات من دون أن يقدم الصهاينة أي شيء في المقابل، اللهم سوى صناعة وقائع على الأرض ما تلبث أن تتحول إلى حقائق لا يمكن المسّ بها.

من لاءات قمة الخرطوم، ومروراً بالاعتراف بقرار 242، وانضمام منظمة التحرير إلى المشهد، واعتبار الميثاق الوطني الفلسطيني «كادوك»، أي ملغى أو منسوخ، وحتى بناء سلطة أوسلو، تواصلت التنازلات وصولاً إلى المبادرة العربية في بيروت 2002، والتي كان لافتاً أنها جاءت إثر اجتياح الاحتلال لمناطق السلطة في الضفة الغربية ربيع العام 2002.

واللافت أن الصهاينة لم يتوقفوا طوال الوقت عن فضح رؤيتهم للتسوية، حدث ذلك عملياً في قمة كامب ديفيد صيف العام 2000، وحدث على نحو أكثر وضوحاً خلال مفاوضات عباس - أولمرت بعد ذلك بخمس سنوات، ثم التصريحات المتوالية بعد ذلك، والتي صارت أكثر وقاحة وصلفاً في السنوات الأخيرة، ثم ازدادت وقاحة بعد وصول ترمب إلى السلطة.

الأخير نسخ عملياً الآلية السابقة في التدرج، أولاً باستهدافه قضية القدس التي كانت سبب فشل المفاوضات السابقة مع السلطة في كامب ديفيد، ومع أولمرت تالياً، ثم استهدافه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» التي تمثل قضية اللاجئين.

مع أن الأخيرة لم تكن سبباً في فشل المفاوضات لأن عرفات وعباس تنازلا عملياً عن تجسيد عودتهم لأراضي 1948، وكذلك فعلت المبادرة العربية بحديثها عن «حلّ متفق عليه» لقضيتهم.

وجاء الموقف الأميركي الأخير بشأن المستوطنات ليهيل التراب عملياً على كل ما يُعرف بقضايا الوضع النهائي، فيما كان نتنياهو قد أعلن مراراً أن «هذه أرضنا، ولا تنازل عنها»، بما يكشف أن المعروض لن يتجاوز حكماً ذاتياً على مناطق (أ)، و(ب)، وفق تصنيفات أوسلو، أي كيان محدود جداً تحت وصاية الاحتلال.

الترتيب الجديد الذي وجده اللوبي الصهيوني مناسباً بعد حريق المنطقة هو تحويل الوضع القائم «سلطة الحكم الذاتي» إلى وضع نهائي «لا حاجة للتوقيع، فالقضية يمكن أن تتحول إلى نزاع حدودي لا أكثر» مع بعض التحسينات عبر ما يُعرف بـ«الحل الإقليمي».

أي تطبيع واسع النطاق بين العرب والكيان الصهيوني، مع ترتيبات إقليمية تحوّل القضية من قضية احتلال إلى قضية معيشة واستثمار وتنمية لا أكثر. ترامب ونتنياهو بغطرستهما فضحا هذه العملية المتدرجة قبل أن تبدأ عملياً، وذهبا يفضحان المؤامرة كاملة، بدل أن تمر بسلاسة.

وهذا ما استفزّ اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الذي كان يدير اللعبة، فكان استهداف نتنياهو في الانتخابات بصناعة خصم قوي تمت صناعته في شهور «حزب أزرق أبيض»، ثم بقضايا الفساد بعد الفشل في شطبه بالكامل، كما جاء التخلي نسبياً أو مرحلياً عن التحالف مع ترامب، وكشف ظهره أمام التحقيقات التي تهدده.

الجانب الإيجابي في غطرسة نتنياهو وترمب يتمثل في فضحهما للعبة بالكامل، لكن ظروف المنطقة وإصرار قيادة السلطة على مسار التيه هي التي حالت دون انفجار يشبه انتفاضة الأقصى بعد قمة كامب ديفيد 2000، من دون أن يُستبعد ذلك بالطبع.

ويبقى الأمر رهناً بالتطورات الإقليمية، والتعاطي مع إيران، لكن ما نؤمن به هو أن لعبة التصفية الجديدة لن تمرّ، لأن هنا شعباً له طقوسه في التمرّد، وأمة لها تراثها في التصدي للمؤامرات أيضاً، كما أن الصراعات الإقليمية والدولية ستبقى حبلى بالتطورات التي قد لا يتوقعها أحد.

* ياسر الزعاترة كاتب صحفي أردني/ فلسطيني

المصدر | العرب القطرية

  كلمات مفتاحية