الدعم العسكري التركي للوفاق الليبية يعزز موقف أنقرة

الاثنين 16 ديسمبر 2019 03:48 م

تقدم تركيا دعما عسكريا بالفعل لحكومة الوفاق الوطني، في شكل أسلحة وطائرات دون طيار، لكن نشر قوات تركية سيكون تصعيدا كبيرا، خاصة مع وجود المرتزقة الروس التابعين لشركة "واجنر" في ليبيا والتي تقدم الدعم للجنرال خليفة حفتر"، بجانب الدعم العسكري المصري والإماراتي.

وأدانت الأمم المتحدة الحكومتين الإماراتية والتركية سابقاً، واتهمتهما بانتهاك حظر الأسلحة المفروض على أطراف الصراع في ليبيا. لكن يبدو أن تركيا عازمة على تأمين جبهتها في البحر المتوسط بتجديد أشكال الدعم لحكومة الوفاق الوطني.

واحتدمت الاشتباكات حول طرابلس في ليبيا مؤخرا بعد أن أعلن الجنرال "حفتر" الخميس الماضي عن بدء "المعركة الحاسمة" للسيطرة على العاصمة طرابلس.

لكن هذه المعركة ليس كسابقاتها، إذ يمكن أن تواجه قريباً قوات "الجيش الوطني الليبي" التي يقودها "حفتر" القوات التركية وجها لوجه بجانب الفصائل المسلحة المسيطرة على العاصمة طرابلس.

وتنتظر مذكرة تفاهم متعلقة بإرسال قوات تركية إلى ليبيا إذا طلبت حكومة الوفاق الوطني دعما عسكريا، مصادقة البرلمان التركي.

ويرى خبراء أن هذه الخطوة مسألة إجرائية، خاصة بعد تصريحات وزير الخارجية التركي، "مولود جاويش أوغلو"، أمام البرلمان التركي الأحد حين أكد دعم بلاده "للحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا".

وكان الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" قد أشار من قبل إلى استعداد حكومته للنظر في أي طلب للتدخل العسكري يرد من حكومة الوفاق الوطني، وهي التصريحات التي أعاد أوغلو الإشارة إليها اليوم.

وقال "أردوغان" في حديث تليفزيوني يوم التاسع من ديسمبر/ كانون الأول إن حكومة الوفاق الوطني بإمكانها طلب تدخل القوات التركية، وبإمكان تركيا إرسال قواتها إليها وإن ذلك لا يؤثر على الحظر الأممي المفروض على إمدادات السلاح.

ويرى الخبراء المقربون من الحكومة التركية إن الوجود العسكري التركي في ليبيا يعزز نفوذها وموقفها أمام روسيا، ويحقق نوعاً من توازن القوى في المنطقة.

كما أن المذكرة الخاصة بالحدود الملاحية في البحر المتوسط تدعم موقف تركيا أمام قبرص واليونان، خاصة بعد الاتفاقيات التي عقدتها كل منهما مع مصر، والتي قيل إن الهدف منها هو مواجهة تركيا في الصراع الدائر حول التنقيب عن الغاز الطبيعي في البحر المتوسط.


ويبدو أن "المعركة الحاسمة" التي شنتها قوات حفتر مؤخرا هي أحد أشكال الضربات الاستباقية التي يشنها قبل احتمال التدخل العسكري التركي المباشر، ما قد يصعّب من مهمة تركيا في دعم قوات حكومة الوفاق أو يجعل التدخل أكثر صعوبة أو عديم الجدوى.

ومعركة طرابلس ليست سهلة، فقد فشلت قوات "حفتر" في السيطرة على العاصمة الليبية رغم مرور أكثر من سبعة أشهر على إطلاق حملته العسكرية.

وتعتمد تركيا، البلد الفقير في موارده من النفط والغاز الطبيعي، على استيراد الوقود بالكامل تقريبا، إذ تستورد 99% من استهلاكها من الغاز الطبيعي، و93% من استهلاك البترول.

وأنفقت تركيا 42 مليار دولار أمريكي تقريبا على واردات الطاقة في عام 2018. ومن المتوقع أن يزيد هذا الرقم إلى 45 مليار دولار بنهاية العام الجاري أو أكثر إذا ارتفعت أسعار النفط.

وتحصل تركيا على أغلب إمداداتها من الغاز الطبيعي من نيجيريا وإيران والجزائر. لكن روسيا لها ثقل كبير كذلك، إذ أبرمت الدولتان خمس اتفاقيات بشأن الغاز بين عامي 1997 و2013، أربعة منها عبر خط البلقان.

لكن أغلب اتفاقيات الغاز هذه تنتهي بحلول عامي 2021 و2022، ما يجعل تركيا في حاجة للبحث عن مصادر بديلة، خاصة مع تغير المشهد السياسي وتورطها في صراعات المنطقة، تحديدا في سوريا.

وربما تكون ليبيا المصدر الأقرب والأكثر ضماناً لسد حاجاتها من البترول والغاز، إذ تنتج ليبيا حوالي برميل من النفط يوميا. كما أن اتفاق ترسيم الحدود معها يضمن لتركيا نصيبا من موارد الغاز الطبيعي تحت مياه البحر المتوسط.

  • مصالح متشابكة

كما أن المصالح التركية-الروسية متشابكة بشكل كبير، فبجانب اتفاقيات الغاز هناك اتفاقية استيراد تركيا لنظام الدفاع الجوي إس-400 من روسيا، والذي كان سببا في نشوب خلاف كبير مع الولايات المتحدة.

وهنا يبدو الدعم التركي لحكومة الوفاق الوطني أمام قوات "حفتر" المدعومة من روسيا متناقضا مع هذه العلاقات المتشابكة بين البلدين. لكن المحللين الموالين للحكومة التركية يرون أن هذا التدخل فرصة لكسب ورقة ضغط في وجه روسيا وتقوية للموقف التركي.

في حين أشار محللون آخرون إلى أن مثل هذا التدخل ربما يكون فرصة لتسوية الوضع في ليبيا وإنهاء حرب بالوكالة، عن طريق الاتفاق بين أنقرة وموسكو، على غرار اتفاقهما بشأن سوريا.

وهو بالفعل ما أشار إليه "أردوغان" في كلمته التليفزيونية، إذ قال إنه لا يريد "ملفا سورياً جديداً مع روسيا"، وأضاف أنه يرى أن "روسيا ستراجع موقفها من حفتر بسبب غياب أي جانب قانوني في موقفه. حفتر غير شرعي، وأي دعم له سيظل في هذا السياق من غياب الشرعية".

وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقع الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" مذكرتي تفاهم مع رئيس حكومة الوفاق الليبية "فائز السراج".

وتتعلق المذكرتان، بالتعاون الأمني والعسكري بين أنقرة وطرابلس، وتحديد مجالات الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين النابعة من القانون الدولي.

المصدر | الخليج الجديد + بي بي سي

  كلمات مفتاحية

العلاقات التركية الليبية العلاقات الليبية التركية

مسؤول ليبي: طيران إماراتي يقصف مقر الكلية الجوية في مصراتة