ماذا وراء تصنيف محمد دحلان كإرهابي مطلوب في تركيا؟

الاثنين 23 ديسمبر 2019 11:56 ص

فوجئت السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية بإعلان تركيا في 13 ديسمبر/كانون الأول إدراج "محمد دحلان"، القيادي السابق في حركة فتح، في قائمة المطلوبين على ذمة قضايا الإرهاب في البلاد. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، اتهمت تركيا "دحلان" بالتورط في مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في أنقرة، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا عام 2016، ومحاولة إلحاق الضرر بالليرة التركية. ووضعت تركيا الآن 10 ملايين ليرة تركية، أي ما يعادل 1.75 مليون دولار مقابل رأس "دحلان".

وعاش "دحلان" في أبوظبي منذ أن طرده الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" من حركة فتح في أكتوبر/تشرين الأول 2011 ووصفه بأنه "خائن". وتم وصف الموالين لـ"دحلان" بأنهم "أعداء الأمة" وتم قطع الرواتب التي كانوا يتلقونها من السلطة الفلسطينية. وفي عام 2016، أدانت محكمة فلسطينية "دحلان" غيابيا بتهمة الاستيلاء على 16 مليون دولار وحكمت عليه بالسجن ثلاثة أعوام، كما جرد "عباس" "دحلان" من حصانته البرلمانية. ومن اللافت للنظر أن "جماعة أبو فادي"، أو "جماعة دحلان"، كما يسميها بسخرية أعضاء السلطة الفلسطينية، لا تتهم "عباس" أو أيا من كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية بالتورط في أن يصبح رئيسهم احدا من أكثر المطلوبين في تركيا. 

ووفقا لمصدر مقرب من "محمد دحلان"، فإن موقف "أردوغان" ضد "دحلان" أقل ارتباطا بالدور الفعلي الذي يمارسه القيادي الفلسطيني في تركيا، وأكثر ارتباطا بالنزاع الأكبر بين مؤيدي الإخوان المسلمين وخصومهم. وفي حين تدعم تركيا وقطر جماعة الإخوان المسلمين في كل مكان، فإن مصر والسعودية تعتبران امتدادات جماعة الإخوان المسلمين وفروعها شرا وجوديا. ويقود الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" المعركة ضد المنظمة.

ويُعتبر "السيسي" و"دحلان" صديقين مقربين. وأدت هذه الصداقة عام 2017 إلى المصالحة بين "دحلان" و"حماس"، على الرغم من أن الحركة الإسلامية تمثل فرعا من جماعة الإخوان المسلمين. وقال المصدر أيضا إن تصنيف "دحلان" بأنه إرهابي مطلوب يعد أيضا ضربة موجهة إلى ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد"، الذي يكره جماعة الإخوان المسلمين. وفي الأعوام الأخيرة، عمل "دحلان" مستشارا لـ "محمد بن زايد".

صراع الخلافة

وفي غضون ذلك، قال مصدر دفاعي إسرائيلي لـ "المونيتور" إن "تحويل محمد دحلان إلى شخصية مطلوبة يعد جزءا من صراع الخلافة داخل السلطة الفلسطينية، الذي يكتسب الآن أرضية أكبر".

وبحسب المصدر، "ليست هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها أردوغان التأثير على القضايا الفلسطينية. على سبيل المثال، في الأعوام الأخيرة، كان أردوغان نشطا في شؤون القدس الشرقية، حيث استخدم وكالة التعاون والتنسيق التركية لتوجيه الأموال إلى التجار المحليين في محاولة للسيطرة على الممتلكات في القدس"، أو بشكل أوضح موازنة الجهود الإسرائيلية للاستيلاء على الأراضي والمنازل في المدينة.

وفي غزة التي تسيطر عليها حماس، يُنظر إلى "أردوغان" كبطل وقائد يدعم الفلسطينيين بشدة. ومع ذلك، فإن نفوذه على مراكز السلطة في الضفة الغربية يعد ضعيفا، ورغم ذلك فإن الرئيس التركي متمسك بإيحاد موطئ قدم في الضفة الغربية الفلسطينية، وخاصة في القدس.

وفي حين يُعتقد أن معركة الخلافة الفلسطينية بدأت بالفعل، وأن "دحلان" قد يكون مرشحا رئيسيا لخلافة "عباس"، فإن "أردوغان" لا يريد بالتأكيد أن يرى "دحلان" رئيسا للسلطة الفلسطينية.

ونتيجة لذلك، تشن تركيا حملة مكثفة لتقويض فرص "دحلان" في تولي القيادة الفلسطينية. وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول، اتهم وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" "دحلان" بأنه "عميل لـ (إسرائيل)"، في مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية.

ولا تعد التوصيفات التي تلقاها "دحلان"، مثل كونه "عميلا إسرائيليا" و"خائنا" خيالية، أو خالية من الحقيقة. ففي عام 2015، أفادت مواقع إخبارية فلسطينية أن وزير الخارجية الإسرائيلي "أفيغدور ليبرمان" قد التقى "دحلان" في باريس وأخبره أنه ينظر إليه كمرشح يستحق منصب "عباس". وفي ذلك الوقت، نفى جميع المعنيين التقرير، ولكن في عام 2014، كان "ليبرمان" قد ألمح إلى أنه كان على اتصال مع "دحلان". لذلك، كلما اشتدت معركة الخلافة الفلسطينية، سيزيد الحديث عن علاقة دحلان مع (إسرائيل)، ويبدو أن تركيا تراهن أيضا على هذه النقطة.

ويعد تقويض "محمد دحلان" أيضا فصلا في الصراع بين تركيا والإمارات العربية المتحدة. وسبق أن أكد وزير الخارجية التركي لـ "جاويش أوغلو" أن تركيا تعلم أن ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" يحاول الترويج لـ "دحلان" ليحل محل "عباس".

وتتحدث السلطة الفلسطينية عن إجراء انتخابات في المستقبل القريب، لكن من المشكوك فيه أن يكون "عباس" يعتزم فعلا إجراء هذه الانتخابات في وجود "دحلان". ومع وضع تركيا مكافأة على رأس "دحلان"، وإدراجه في قائمة "الإرهابيين المطلوبين"، فإن ذلك يعد مؤشرا أن الانتخابات الفلسطينية لن تكون بمعزل عن التأثيرات الخارجية، وأن أنقرة قررت أن تلقي بنفوذها في هذا المضمار أيضا.

المصدر | شلومي إلدار - المونيتور

  كلمات مفتاحية

محمد دحلان

إنتلجنس أونلاين: دحلان يزعج أردوغان من دبي عبر رجل المافيا الهارب بيكر