ميدل إيست آي: محاكمة قتلة خاشقجي مسرحية هدفها تبرئة بن سلمان

السبت 28 ديسمبر 2019 03:38 م

تم الحكم على 5 أشخاص بالإعدام، و3 آخرين بالسجن، في قضية مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" العام الماضي في القنصلية السعودية في إسطنبول.

وتأتي هذه الأحكام، التي تم الإعلان عنها الإثنين الماضي، بعد أن أدرجت الولايات المتحدة هذا الشهر "محمد العتيبي"، القنصل العام للمملكة في إسطنبول وقت الجريمة، في قوائم الممنوعين من دخول البلاد. ويأتي ذلك أيضًا بعد أن تم منح وكالات الاستخبارات الأمريكية شهرًا للإعلان رسميًا عما إذا كان ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" مسؤولًا عن مقتل "خاشقجي".

وتم إطلاق سراح "سعود القحطاني"، المستشار السابق لـ"بن سلمان"، بدون اتهام، في حين تم إطلاق سراح "العتيبي" و"أحمد العسيري"، نائب رئيس المخابرات السابق، بسبب نقص الأدلة، وفقًا للنائب العام السعودي.

التحكم في الصورة

وبما أن المملكة العربية السعودية تولت رئاسة مجموعة العشرين في وقت سابق من هذا الشهر، فقد تكون أرادت إحراز بعض التقدم في قضية "خاشقجي" ظاهريًا، في محاولة لإعادة تشكيل صورتها العالمية. ويتماشى هذا مع ما قامت به بشأن قضايا أخرى، مثل التقارير حول تواصل الرياض مع إيران والحوثيين، ودعمها لجهود الوساطة الكويتية في نزاع قطر.

ومع ذلك، في حين أن المملكة ربما شعرت بالضغط لإحراز بعض التقدم في قضية "خاشقجي"، التي شغلت العالم ونبهته إلى السلوكيات السعودية السيئة الأخرى، بما في ذلك حرب اليمن وسجن الناشطات داخل البلاد، فلا يمكن اعتبار أن المحاكمة كانت عادلة. ولم تكن أي من جلسات المحاكمة علنية، وفشلت الرياض في الاحتفاظ بسردها حول القتل، وغيرته عدة مرات منذ الحادثة.

وقال "عماد حرب"، مدير البحث والتحليل في المركز العربي بواشنطن العاصمة: "كانت العملية برمتها محاطة بالسرية، ولا يعرف أحد من هؤلاء الخمسة الذين حكم عليهم بالإعدام، أو الثلاثة المحكوم عليهم بالسجن".

وأضاف: "لقد تم ترك أولئك الذين كانوا مسؤولين عن العملية برمتها خارج المسؤولية. ويفترض هذا أن بعض الموظفين المارقين قد قرروا فقط قتل خاشقجي، ولم يتشاوروا مع رؤسائهم، وهو سيناريو بعيد المنال وغير محتمل في مملكة لا يتحرك فيها شيء بعيدًا عن إرادة الحاكم".

خداع الناس

وتشير الطريقة التي أُجريت بها المحاكمة المزعومة لفريق الاغتيال إلى أنها لم تكن أكثر من مسرحية دراماتيكية لخداع الناس، للاعتقاد بأن نوعًا من المساءلة قد حدث. ويبدو أن المحاكمة تم تصميمها لإضعاف الصلة بين ولي العهد وعملية القتل، وهذا هو السبب في أنه لم يتم توجيه الاتهام لبعض المسؤولين المقربين من "بن سلمان"، مثل "القحطاني".

وفي هذا الصدد، ليس من المعقول أن نفترض أن هؤلاء المسؤولون تمكنوا من السفر إلى القنصلية في إسطنبول وارتكاب مثل هذه الجريمة دون علم الحاكم الفعلي في المملكة "محمد بن سلمان" الذي يشغل مناصب ولي العهد، ونائب رئيس الوزراء، ورئيس مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ووزير الدفاع، ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.

وخلصت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في العام الماضي إلى أن "بن سلمان" هو من أمر بالقتل. وقالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، في يونيو/حزيران، إنه يجب التحقيق مع "بن سمان" في جريمة القتل بسبب وجود "أدلة موثوق بها" على مسؤوليته عن عملية الاغتيال. كما دعت الأمم المتحدة إلى تعليق المحاكمة، قائلة إن الظروف السرية لا تفي بالمعايير الدولية.

التحقيق المستقل حتمي

وتجدر الإشارة إلى أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، أنه بعد اغتيال "خاشقجي"، قال أحد أعضاء فريق القتل لرئيسه على الهاتف: "أخبر رئيسك أن المهمة قد تم تنفيذها"، حيث يُعتقد أن الرئيس المذكور هو "بن سلمان". وفي فبراير/شباط، ذكرت الصحيفة أيضًا أن "بن سلمان" أخبر أحد كبار مساعديه في عام 2017 أنه سيطلق "رصاصة" إلى رأس "خاشقجي" إذا لم يعد إلى المملكة وينهي انتقاداته للحكومة السعودية.

ويطرح هذا سؤالًا هامًا، وهو كيف يمكن للمرء أن يصدق أن ولي العهد لا علاقة له بالقتل؟

تستحق قضية "خاشقجي" العدالة. ولكي يحدث ذلك، يجب أن يكون هناك تحقيق دولي مستقل في جريمة القتل. وإذا لم يكن لدى ولي العهد ما يخشاه، فيجب عليه السماح بدخول لجنة التحقيق إلى المملكة والتعاون معها بشكل فعال حتى تظهر الحقيقة.

المصدر | عبد العزيز الكيلاني - ميدل إيست آي

  كلمات مفتاحية

كيف قتلت السعودية العدالة في قضية خاشقجي؟

لماذا يرفض العالم نتائج المحاكمة السعودية لقتلة خاشقجي؟

سعودي يهدد رئيس كير بمصير خاشقجي.. والأخير يطالب بالتحقيق