استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ترامب على موعد مع التاريخ

السبت 28 ديسمبر 2019 05:20 م

ترامب على موعد مع التاريخ

يمنح التاريخ ترامب موقعا مغايرا حتى مع اتهامه بمخالفة القانون وصدور قرار من مجلس النواب بإدانته.

لم يؤثر رئيس فى الداخل الأمريكى أو فى العالم من حولنا كما أثر ويؤثر الرئيس ترامب.

يتمتع ترامب بدعم غير محدود من فئات وقواعد انتخابية جمع بينها الرغبة فى التغيير.

دونالد ترامب الرئيس الوحيد الذى لم يُنتخب من قبل لمنصب سياسى أو يخدم بالقوات المسلحة الأمريكية.

لا يلتزم ترامب بأي أوراق يقرؤها في مؤتمرات انتخابية يشارك فيها ولا يعير التقاليد السياسية الراسخة أي اعتبار.

*     *     *

لم تعرف الولايات المتحدة على مدى عمرها الذى يقترب من 240 عاما رئيسا كدونالد ترامب.

ومن بين خمسة وأربعين رئيسا عرفتهم الولايات المتحدة، يُعد ترامب الوحيد الذى لم يُنتخب من قبل لأى منصب سياسى أو يخدم بالقوات المسلحة الأمريكية.

رؤساء أمريكا السابقون إما تم انتخابهم فى مناصب سياسية مختلفة مثل مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، أو انتخبوا كحكام ولايات. الرئيس جون كيندى أنتخب كسيناتور لولاية ماساشوستس، وباراك أوباما أنتخب سيناتورا لولاية إلينوى، فى حين انتخب رونالد ريغان حاكما لولاية كاليفورنيا، وجورج بوش حاكما لولاية تكساس قبل أن يصلوا لمنصب الرئيس الأمريكى.

والرؤساء السابقون ممن لم ينتخبوا لمناصب سابقة قبل وصولهم البيت الأبيض جمع بينهم بلا استثناء الخدمة العسكرية وخوض الحروب؛ الرئيس داويت إيزنهاور قاد وشارك فى معارك الحرب العالمية الثانية.

وهناك فئة ثالثة من الرؤساء ممن شاركوا في حروب وتم انتخابهم فى مناصب بالكونغرس أو الولايات قبل أن يتم انتخابهم رؤساء للولايات المتحدة. من هؤلاء الرؤساء جورج بوش الأب وجيمس كارتر، الأول شارك فى الحرب العالمية الثانية وانتخب لاحقا عضوا بمجلس النواب عن ولاية تكساس، والثانى شارك فى الحرب الكورية، ثم انتخب حاكما لولاية جورجيا قبل أن ينتخب رئيسا للولايات المتحدة.

ترامب يقف وحيدا بين هؤلاء كرئيس تم انتخابه رئيسا دون وجود خبرة سابقة فى أى منصب سياسى، أو أى خبرة سابقة فى أرض المعارك والحروب.

رغم عدم إكمال ترامب بعد فتره حكمه الأولى، لم يؤثر أى رئيس فى الداخل الأمريكى أو فى العالم من حولنا كما أثر ويؤثر الرئيس ترامب.

*     *     *

وربما لهذا السبب تحديدا يتمتع ترامب بدعم غير محدود من فئات وقواعد انتخابية جمع بينها الرغبة فى التغيير.

يمثل ترامب لهذه الفئات التغيير فى أوضح صوره، فقد أقنعهم أن النظام السياسى الأمريكى فاسد ويحتضر، وأنه هو المخلص لهم من نخبة سياسية تركزت فى مدن الساحلين الشرقي الأطلنطى والغربي الهادى، ولم تعد تكترث ببقية أمريكا والأمريكيين القابعين بين المحيطين.

وادعَى ترامب أنه يضع قواعد جديدة لعمل الرئيس الأمريكى فى الحديث حيث تتواءم مع روح العصر وتقنياته وأدواته. ولا يلتزم ترامب بأي أوراق يقرؤها خلال المؤتمرات الانتخابية التى يشارك فيها، ولا يعير ترامب أيا من التقاليد السياسية الراسخة أى اعتبار.

*     *     *

ومن باب التاريخ يدخل ترامب وحيدا بين 45 رئيسا عرفتهم الولايات المتحدة منذ تأسيسها قبل 240 عاما، إذ انضم الرئيس دونالد ترامب لرئيسين اثنين سبق أن صوت مجلس النواب على عزلهما.

ففى عام 1868 صوت مجلس النواب لصالح عزل الرئيس أندرو جاكسون، وبعد أكثر من 130 عاما صوت المجلس لصالح عزل الرئيس بيل كلينتون عام 1998. وفى الحالتين برّأ مجلس الشيوخ الرئيسين واستمرا في ممارسة مهامهم الرئاسية.

ومثل تصويت مجلس النواب بإدانة ترامب لارتكابه مخالفتين: أولهما تتعلق بإساءة استغلال الرئيس ترامب لسلطاته، أما الثانية تتعلق بعرقلة ترامب لعمل الكونغرس، المرة الأولى لاتهام رئيس جمهوري، إذ انتمى الرئيسان كلينتون وجاكسون للحزب الديمقراطى.

ولا ينتظر أن تتم إدانة ترامب أمام مجلس الشيوخ الذى يسيطر عليه الجمهوريين بأغلبية 53 صوتا مقابل 47 للديمقراطيين. ويشترط أغلبية الثلثين (67 صوتا) كى تتم إدانة الرئيس فى محاكمة مجلس الشيوخ.

قبل توجهه لفلوريدا لقضاء عطلات أعياد الميلاد والسنة الجديدة، أعلن البيت الأبيض قبول دعوة نانسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب للرئيس ترامب لتوجيه خطاب «حالة الاتحاد» للأمة يوم 4 من شهر فبراير القادم.

وأرسلت بيلوسى الخطاب لترامب، وجاء فيه «احتراما لدستورنا، أدعوك لإلقاء خطابك حول حالة الاتحاد أمام جلسة مشتركة للكونغرس فى الثلاثاء الرابع من فبراير 2020».

ويعد الخطاب تقليدا أمريكيا راسخا يقوم فيه الرئيس بعرض سجل إدارته أمام أعضاء الكونغرس والشعب الأمريكى. ويمنح الخطاب الذى يحظى بتغطية إعلامية كبيرة فرصة للرئيس أن يحدد أجندته خلال العام الجديد، وأن يتعرض لأهم القضايا التى تواجه الولايات المتحدة وعرض طريقة التعامل معها.

وتنبع أهمية خطاب حالة الاتحاد هذا العام من تزامنها من محاكمة الرئيس ترامب. وينتظر بدء المحاكمة توصل قادة الكونغرس من الحزبين لاتفاق على حزمة إجراءات تتعلق بكيفية إجراء المحاكمة وطبيعة وهوية الشهود ومدتها الزمنية.

*     *     *

لا أحد على وجه الدقة يعلم ما هى الخطوات التالية فى إجراءات عزل الرئيس ترامب، ولم يتعرض الدستور الأمريكى إلى تفاصيل القيام بإجراءات عزل الرئيس، وتم ترك ذلك لقادة مجلسى الكونجرس ورؤساء اللجان المعنية بقضية العزل.

ولم توفر الخبرات التاريخية القليلة التى اضطر الكونغرس فيها لبدء إجراءات عزل الرئيس سوابق يمكن الاعتماد عليها، إذ ترتبط السوابق التاريخية بخصوصية وظروف لا يمكن تطبيقها فى حالة دونالد ترامب.

من ناحية أخرى يعيق الاستقطاب الكبير بين الديمقراطيين والجمهوريين حول قضية عزل الرئيس ترامب وجود أى أرضية مشتركة بين الطرفين حول الخطوات التالية.

*     *     *

وهكذا يمنح التاريخ ترامب موقعا مغايرا حتى مع اتهامه بمخالفة القانون وصدور قرار من مجلس النواب بإدانته. وإلى جانب أن هذه المرة الأولى التى سيحاكم فيها رئيس أمريكى خلال فترة حكمه الأولى، فقد تكون هذه المحاكمة بداية الانطلاق لحكم أمريكا سنوات أربع تمتد حتى نهاية 2026.

* محمد المنشاوي كاتب صحفي في الشؤون الأمريكية من واشنطن.

المصدر | الشروق المصرية

  كلمات مفتاحية