الإمارات تقصي علماء السعودية وتروّج لمرجعية دينية رسمية أكثر "حداثة" !

السبت 26 يوليو 2014 10:07 ص

نور الشامسي، الخليج الجديد

لم يكن مستغربا أن تهتم الإمارات بتأسيس هيئة إسلامية دولية، التي أطلق عليها «مجلس حكماء المسلمين». وليس من المستغرب أن تختار أبوظبي، حيث مقر المركز، أن يترأس المجلس الدكتور «أحمد الطيب» شيخ الأزهر الشريف وعضو لجنة السياسات في الحزب الوطني المنحل في مصر، وهو من الداعمين الرئيسيين للانقلاب العسكري في مصر ومعروف بعدائه للتيارات الإسلامية منذ أن كان رئيسا لجامعة الأزهر.

من المثير للإستفهام والتساؤل، أن يخلو «مجلس حكماء المسلمين» تماما من أيٍ من علماء المملكة العربية السعودية. وهو ما يُعيد للأذهان موقف أبوظبي من المؤسسة الدينية في السعودية، وسعيها لزيادة نفوذ رجال الدين المقريبن منها خاصة رجال الأزهر (الرسميين).

وطبقا لمصادر خليجية مطلعة فإن هناك تحفظات سعودية تم إبلاغها لأبوظبي على حملات إعلامية إماراتية منظمة تروج للأزهر كمرجعية وحيدة للإسلام السني بما يعني تهميشا للدور الديني للمملكة وضربا لأسس بقاء النظام السعودي الذي يستمد شرعيته من الفكر الوهابي المنتشر في الجزيرة العربية.

وقالت المصادر ذاتها أن الرياض أبدت انزعاجا من احتضان واستضافة أبوظبي لرموز صوفية أزهرية مثل شيخ الأزهر «أحمد الطيب» ومفتي مصر السابق «على جمعة» واليمني الحبيب «على الجفري» وتقديمها من خلال وسائل إعلام الإمارات المباشرة وغير المباشرة كنموذج فريد ووحيد للدين الإسلامي السمح وبما يعتبر ضربا لرموز الفكر الوهابي بالجزيرة العربية ومن بينهم أئمة الحرمين المكي والنبوي الشريفين الذين أبدوا انزعاجا كبيرا لحكام السعودية تجاه هذا الأمر الذي يعني تقديمهم للعالم وللمسلمين كمتطرفين وإرهابيين وهو ما بدأ يظهر في تغريدات بعض المحسوبين على الأمن الإماراتي .

وكانت صحيفة «الخليج» الإماراتية الرسمية قد دعت في افتتاحية لها يوم السابع عشر من الشهر الماضي تحت عنوان «تجديد الخطاب الديني» إلى أن يكون الأزهر هو المرجعية الوحيدة لأهل السنة قائلة إن تجديد الخطاب الديني إلى «السمح المعتدل» الذي يقبل الآخر هو «مسؤولية الجميع، أنظمة وحكومات ومؤسسات ومراكز دينية، وفي المقام الأول هي مسؤولية الأزهر الشريف كمنارة دعوية وفكرية وثقافية إسلامية في صياغة خطاب إسلامي موحد ومعتدل، ووضع حد للمتطفلين على الدين والذين يسيئون إليه»حسب تعبيرها نصا .

يُذكر أن وثائق «ويكيليكس» نشرت في وقت سابق أن ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد آل نهيان» يكيل الانتقادات اللاذعة للسعوديين ولنظامهم السياسي سرا، ويقوم بتحريض المسؤولين الأمريكيين ضدهم، بينما يتظاهر في العلن أنه حليف للمملكة وأن العلاقات بينه وبين المسؤولين في الرياض بأفضل حال. 

ويرى ولي عهد أبوظبي، في لقاء جمعه بـ«جون أبو زيد»، قائد المنطقة المركزية الأمريكية، أن «التغلغل الوهابي»، الذي قام بإنفاق 36 مليار دولار لنشر الدعوة حول العالم حتى أقاصي الأمازون، على حد تعبيره، هو العدو التاريخي للإمارات، مضيفا: «لقد حاربناهم حتى قبل امتلاكنا النفط». 

وسبق أن كشفت وثيقة تعود إلى 12 يونيو 2004، أن الشيخ «محمد بن راشد آل مكتوم»، حاكم دبي نائب رئيس الدولة، قال للجنرال «جون أبي زيد» قائد القوات الأمريكية في العراق، خلال اجتماع في أبوظبي: «نحن – أنا ومحمد بن زايد- عندما ننظر الى أكثر من 100 كيلو متر أمامنا فان القيادة السعودية لا تنظر لأكثر من كيلو مترين فقط». مضيفا أن القيادة السعودية لا تملك رؤية طويلة المدى وهو ما سمح للمتطرفين أن يصبحوا أقوياء وجعل المنطقة كلها تعاني بحسب وصفه. ليضيف «محمد بن زايد» أن القيادة السعودية «هرمة». 

ويرى محمد بن زايد أن نفوذ رجال الدين ومنع قيادة المرأة للسيارات وغياب حقوق المثليين مؤشرات على حالة "التخلف" التي تعاني منها السعودية، وتقف عائقا أمام مسيرة التحديث.  

ففي وثيقة يرجع تاريخها إلى 21 أبريل 2008، عبر بن زايد خلال اجتماع مع قائد العمليات البحرية الأمريكية، عن استياءه الشديد قائلا: "العالم تغير، والامارات ستظل متفائلة على الرغم من وجودها في منطقة يغلب عليها التخلف"، وضرب مثلا على التخلف بجارته السعودية التي "لا يستطيع 52% من سكانها قيادة السيارة".

وأشار متهكما إلى أن الأئمة السعوديون لو رأوا «رجلين مثليين يتبادلا الحب» لربما أدرج تلك الحادثة في إطار خطبة يوم الجمعة بلغة القرن الثالث عشر ميلاديا، مضيفًا أن "الحداثة" و"التقدم" تتضرران عندما يتولى «أئمة غير مؤهلين قيادة الناس فيدفعوهم إلى التراجع والتخلُّف». على حد تعبيره.

للوهلة الأولى بدا «مجلس حكماء المسلمين» كمخطط إماراتي لمنافسة «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» - الذي يبدو صوته مزعجا لتحالف الإمارات ومصر والسعودية - لكن توجد العديد من المؤشرات أن "حكماء أبوظبي" يستهدف "تمويل" مرجعية دينية بديلة توظفها الإمارات في صراعها المؤجل مع نفوذ السعودية الروحي.

  كلمات مفتاحية

«السويدان» لشباب الأمة: «لا تسلم عقلك لأحد».. ويدعو على الطغاة وعلماء السلاطين

النقد في مجتمعات محافظة

تقرير: الإمارات تتبنى الفكر الصوفي لمواجهة الفكر السلفي الوهابي