مركز العوامية.. هكذا واجهت السعودية احتجاجات الشيعة بالتطوير

الأربعاء 1 يناير 2020 07:53 م

في أوائل عام 2019، افتتح أمير المنطقة الشرقية في السعودية، الأمير "سعود بن نايف"، مشروع وسط مدينة العوامية. وكان هذا المشروع التنموي أكثر أهمية من غيره في المملكة، بسبب موقع العوامية، حيث تقع البلدة بالقرب من القطيف، وهي مدينة شيعية كبرى لها تاريخ من التوتر السياسي، خاصة بعد اندلاع احتجاجات الربيع العربي عام 2011. وبالتالي، فإن موقع مشروع التطوير مهم، وقد حظي باهتمام كبير من الحكومة السعودية.

تصاعدت التوترات في العوامية في صيف 2013، بينما صعدت السلطات السعودية من حملتها على المتظاهرين، واعتقلت، وفي بعض الحالات قتلت قادة المظاهرات. بعد هزيمتهم، استقر العديد من المتظاهرين في الحي القديم في العوامية. يُعرف الحي باسم المسوارة بسبب جدرانه المحاطة، ويتميز بأماكنه الضيقة والأزقة الصغيرة التي يصعب على الشرطة السعودية اختراقها.

في صيف عام 2017، كثفت الحكومة من القمع، وجرفت المدينة القديمة لإفساح المجال لتطوير جديد، وقامت بمصادرة بعض الممتلكات، مما أدى إلى زيادة العنف من السكان الذين يواجهون عمليات الإخلاء. في مواجهة عمليات الهدم والقتال، أجبر معظم سكان العوامية على الفرار من القرية. وألقت الحكومة باللوم على الأنشطة الإرهابية التي قام بها المتظاهرون، بينما ألقى المحتجون باللوم على الحكومة في استخدام القوة المفرطة.

من حالة الدمار شبه الكامل، استغرق افتتاح مشروع وسط مدينة العوامية أقل من عام، وهو ما يمثل نقطة تحول لسكان العوامية وربما للمنطقة الشرقية بأكملها. وسواء أكانوا يدعمون أو يدينون الأحداث من 2011-2017، فهم يريدون الآن أن يعيشوا في سلام دون مواجهة سياسية. بعد غياب طويل من شوارع العوامية، سُمح للسكان بالعودة إلى منازلهم قبل الافتتاح. ولكن السكان السابقون في المسوارة - الذين خسروا منازلهم في السوق - ممزقون بين العثور على منازل أخرى في العوامية أو الانتقال إلى أحياء أخرى داخل القطيف. ومع ذلك، فقد تم هدم مقر الشرطة السابق، الذي كان يستخدم كمرفق لوجستي مجهز بالعربات المدرعة.

تحولت القرية التي وصفتها الحكومة السعودية بأنها "حي فقير خطير" إلى مركز سياحي، وجذب للعائلات من البلدات والمدن الأخرى. تشغل المتاجر والمقاهي والمطاعم والمرافق الترفيهية معظم المساحة. ومع ذلك، يشتمل المشروع أيضًا على مركز ثقافي، والذي - كما هو موضح في وسائل الإعلام السعودية - يهدف إلى جلب العديد من الفنانين والشعراء والكتاب في القطيف وبلداتها المحيطة إلى العوامية، مما يجعلها مركزًا للحياة الثقافية.

هذه مبادرة مهمة في منطقة محرومة من الموارد الثقافية والاستثمار من الدولة. في السابق، أجبر غياب الدعم للفنانين والمثقفين الطبقة الإبداعية على مواصلة أنشطتهم في مدينتي الدمام والخبر الرئيسيتين بالمنطقة الشرقية، أو حتى عبور الحدود إلى البحرين. ومع ذلك،منذ ما يقرب من عام منذ الافتتاح، لا توجد خطة واضحة لإدارة الأنشطة، مع برامج ترعاها البلدية حتى الآن. لقد نشأت بالفعل منافسة اجتماعية للسيطرة على هذا المركز الثقافي بين أصحاب المصلحة المحليين، لأن المجتمع المتعطش للمؤسسات الرسمية لرعاية أنشطتها يتكيف مع الواقع الجديد.

قد تلعب المبادرات الجديدة مثل المركز الثقافي دورًا حيويًا في جذب الدعم للسياسات الحكومية بين المجتمع الشيعي. في الواقع، لقد خلق هذا المشروع مجموعة جديدة داخل المجتمعات الشيعية في القطيف والعوامية لتقديم أنفسهم "كمواطنين صالحين مع ولاء كامل للمملكة" على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي المقابلات التلفزيونية، وفي المحادثات مع زوار المشروع الذين حضروا من مناطق أخرى من السعودية.

تحل موجة جديدة من الشخصيات البارزة المؤيدة للحكومة - رجال الدين والكتاب والأكاديميين والفنانين - محل أصحاب المصلحة القدامى، حيث تكافئ الحكومة السعودية أولئك الذين عبروا عن ولائهم بتعيينهم في مناصب عليا. لأول مرة، تم تعيين اثنين من أبناء العوامية في مناصب محترمة؛ هما: "نبيه الإبراهيم" كعضو في الجمعية الاستشارية، والشيخ "عبدالعظيم المشيخص" قاضيا في إدارة الأوقاف وشؤون الأسرة، التي تدير الزواج والطلاق والميراث والأوقاف الدينية للمجتمع الشيعي حصرا.

أثار هذا التقارب بشكل مفاجئ رد فعل عنيف على وسائل التواصل الاجتماعي من حسابات تويتر مجهولة ومنشقين يعيشون في الخارج. يستنكر هؤلاء النقاد الشخصيات المؤيدة للحكومة باعتبارها تتصرف في لمصلحتها الشخصية بدلاً من مصلحة مجتمعهم، بينما يوضحون مخاوفهم بشأن استمرار الاعتقالات للأفراد - من الشيعة والسنة. وتعزز هذا الموقف جرّاء عمليات الإعدام الجماعية في 23 أبريل/ نيسان، والتي شملت 12 شخصًا من العوامية. من ناحية أخرى، فإن الشخصيات المؤيدة للحكومة التي تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي تدافع عن مواقفها معبرة عن أملها في مستقبل أفضل للمملكة، ولا سيما قريتهم، حيث يرون مشروع وسط مدينة العوامية علامة هامة على الموقف الرسمي الإيجابي تجاه القرية و الشيعة بشكل عام.

قد يصبح تطوير العوامية الجديد محورًا آخر للحفلات والأنشطة التي تقوم بها الهيئة العامة للترفيه، وهي المؤسسة الجديدة التي تهدف إلى تحديث المجتمع السعودي وتقليل التعصب الديني بين الشباب. والحدث الأكثر أهمية في منطقة القطيف هو مهرجان الزهور الذي بدأ في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني، حيث جذب المهرجان 6 آلاف زائر في اليوم الأول، و 115 ألف زائر على مدار ستة أيام.

إن المباني الأنيقة والجذابة في وسط مدينة العوامية وطموحات الأنشطة الجديدة تثير التغييرات. ومع ذلك، قد يستغرق الأمر وقتًا أطول لتقييم تطور العلاقة بين القرية، ذات التاريخ العميق من السخط، والدولة السعودية.

المصدر | معهد دول الخليج العربي بواشنطن - ترجمة الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العوامية وسط العوامية احتجاجات العوامية العوامية حي المسورة

السعودية ترفض تسليم جثامين ناشطين شيعة أعدمتهم لذويهم