كراهية عابثة .. لا خلود يا إسرائيل !

السبت 25 يوليو 2015 03:07 ص

الشعب اليهودي ليس «الشعب الخالد»، هذا فقط اسمه المعروف (ونتنياهو هو المقدم). حتى قبل بضعة الاف سنين لم يكن اليهود قد اخترعوا بعد، وهناك شعوب اعتق واكبر منا. كالصينيين (ولعلكم تكونوا سمعتم عنهم). اذا نظرنا الى المستقبل البعيد، مشكوك أن يكون اليهود، الصينيون، او أي أمة أخرى  تسكن اليوم كوكبنا، سيكونون موجودين بعد مليون او عشرة مليون سنة. "الخلد"؟ هذا على ما يبدو تعبير مرن جدا.

فضلا عن ذلك، عن أي خلد يمكن الحديث، اذا كان الشعب اليهودي منذ الان منقسما بين عدة مراكز في العالم، حجمها لا يختلف جدا الواحد عن الاخر؟ في امريكا وفي اوروبا تعيش أغلبية يهود العالم، ملايين قرروا بالتصويت باقدامهم بان دولة اسرائيل ليست المكان السليم لليهودي المحب للحياة. وهذا قرار اتخذ رغم الكارثة، رغم التنكيلات الجماعية، ورغم اللاسامية الظاهرة اليوم ايضا في هذه الاماكن.

هنا ايضا، في دولة اليهود، لا نتصرف كأمة لديها خطط للمدى البعيد. الامريكيون، كمثال معاكس، هم ابناء امة جديدة تنجح مع ذلك في أن تحمل العالم في كفها لانها تدرس افعالها بنظام داخلي رائع وبدبلوماسية حازمة تجاه الخارج. لو طلب مني ان اراهن لاي امة يوجد احتمال في أن تصل الى الخلد، لاسرائيل أم للولايات المتحدة، ما كنت لاراهن بالذات في الشرق الاوسط.

كل شيء يقاس بالمال، أليس كذلك. وكذا "الخلود". وسلوكنا الاقتصادي – الاجتماعي لا يشير الى التطلع الى الخلد، بل الى نمط تفكير جماعي يتمثل بـ«بعدنا الطوفان» و«كل وشرب» (وانتم تعرفون باقي المثل). المزيد فالمزيد من الفقراء ينزلون الى اقدام الاغنياء ممن لا يعرفون الشبع، وكل ذلك برعاية حكم يدير حياتنا بأفعال فيها كما يظهر ايضا قدر سخي من الشر. هذا فهم للحكم يقدس كمية الحياة على حساب نوعيتها.

هناك خبراء في العلوم السياسية مهمتهم تقدير التهديدات الحرجة، أي تلك التي من شأنها أن تعرض للخطر بجدية وجود البيت الثالث. لايران وللسلاح النووي الذي قد تتسلح به في يوم من الايام لا بد هناك مكان في العشرية الاولى، ولكن أخطر باضعاف هو النزاع الداخلي عندنا، المواطنون المنقسمون، العنيفون بوضوح، ممن يخرجون الواحد ضد الاخر وضد حكم القانون والديمقراطية.

إن خلود الشعب، وطول عمره، وان كان منوطا بايمانه العنيد - والايمان هو امر هام وجميل - ولكنه لا يأتي وحده. من يهتم بالشعوب الخالدة، فليتفضل لينظر الى الامبراطوريات العظمى في التاريخ (والتي هي ايضا اندثرت وسقطت مع الايام) وعندها سيتبين بان السر الحقيقي هو الادارة الداخلية السليمة والحفاظ على حكم القانون. مصر واليونان، روما والامبراطورية العثمانية، الفرنسيون، البريطانيون والامريكيون – ليس لدى جميعهم انتهجت الديمقراطية الهوائية، ولكن فيهم جميعا سادت الادارة المرتبة وغير المهادنة، الادارة التي تنقصنا هنا جدا.

ما هي نتيجة الفوضى الادارية الشاملة؟ شعب فقير، منهك، مشوش، لا يتلقى خدمات اساسية من الدولة، يزداد جهله وعوزه كل الوقت. هذا شعب سهل حكمه بالشعارات، وسهل جدا تعميق الكراهية العابثة لديه. وانتم تعرفون بالضبط من أي نوع.

  كلمات مفتاحية

إسرائيل الشعب اليهودي