استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

اقتصاد إسلامي ذكي

الجمعة 3 يناير 2020 06:24 ص

اقتصاد إسلامي ذكي

لماذا لا نسهّل حركة رأس المال الإسلامية بإنشاء بورصة إسلامية، تُتداول فيها الأسهم المقبولة وفق الشريعة؟

سيدخل 2019 بنتائجه التراكمية الاهتلاكية أحد أسوأ أعوام الأمة في تاريخها.

نمو هائل في أعداد مصارف إسلامية وشركات تأمين إسلامية ومؤسسات رأس المال.

عدم الاتجار بالنقود، وجعلها وسيلة تبادل، وحصرها بوظيفة التبادل، يقلل من فرص التحايل المالي.

كيف نستفيد من شبكات ومنصّات عالمية للتواصل الإلكتروني ليدخل التعامل المالي الإسلامي في المعاملات اليومية العادية؟

النظرية الاقتصادية الإسلامية تشجّع على استثمار المال بمختلف أدوات المال الإسلامية مما ينافى فكرة سعر الفائدة.

لماذا لم نفكر في إنشاء بنك مركزي إسلامي، يقدّم النصح للبنوك المركزية الوطنية في تعاملها مع البنوك الإسلامية وشركات المال الإسلامية؟

*     *     *

في نهاية عام 2019، تكشّفت حقائق فاجعة عن حجم الإنفاق الكبير على الحروب التي دمرت الثروات البشرية والحجرية، وعن مقدار السلاح الذي اشترته الدول العربية والإسلامية، وعن حجم الانكشاف الإسلامي، حتى صار كل من يريد أن يبني له شعبويةً من زعماء الدول الأخرى، هاجم المسلمين، أو تطاول عليهم بتشريع، أو بمذابح جماعية، أو بإنكار الحقوق.

وسيدخل عام 2019 في تاريخ الشعوب بأنه، من حيث نتائجه التراكمية الاهتلاكية، من أسوأ أعوام الأمة في تاريخها.

ومع أنه كان في وسع العلماء العرب والمسلمين أن يخترعوا الحاسوب، لأنهم هم أصحاب نظريتي اللوغاريتمات (الخوارزميات) والضوء (الحسن بن الهيثم)، وأبدعوا في تصنيف المعاجم والعلوم والأغاني والآثار الأدبية والعلوم الحياتية، كالبستنة وعلم الحيوان، وعلم الأحياء، والفلك، والكيمياء.

وبرعوا في إنتاج الآليات والأدوات الدقيقة، إلا أنهم لم يجمعوا كل هذه العلوم والملكات والمهارات معاً، ليصنعوا آلة الحاسوب التي تقوم بكل هذه الواجبات.

وها هو العالم يدخل الثورة الصناعية الرابعة، حيث تتحوّل كل النشاطات الإنسانية إلى الاستخدام الذكي المعتمد على الذكاء الاصطناعي والروبوتيات، وتطبيقاتهما المتطوّرة في الطب والجراحة والفضاء، والاتصال وغيرها من العلوم المصنفة ذات التقنية العليا.

إلا أننا في الوطن العربي لا نزال نناضل في المستويات الدنيا للتكنولوجيا، وما نتعلمه منها هو فقط لتمكيننا من شرائها واستخدامها، لا لتطويرها أو تصنيعها.

لفت نظري التطور الكبير الذي جرى في أسواق المال، في الأعمال المنسجمة مع الشريعة الإسلامية. وقد رأينا نموّاً هائلاً في أعداد المصارف الإسلامية وشركات التأمين الإسلامية (التكافل)، ومؤسسات رأس المال (البورصات).

لكن أثر التطبيق الفعلي لها بقي محصوراً على المؤسسات التي تقوم بهذه النشاطات والزبائن الذين يتعاملون معها.

لذلك وجب أن نستفيد من الشبكات والمنصّات العالمية للتواصل الإلكتروني من أجل أن يصبح التعامل المالي الإسلامي داخلاً في المعاملات اليومية العادية التي تُجرى يومياً وبسهولة عبر وسائل التواصل.

ويقدَّر أن قيمة الأوراق المالية الإسلامية، بأنواعها المختلفة، قد وصلت إلى ما يزيد على تريليوني دولار بقليل، وأنها من المفروض أن تصل إلى ثلاثة تريليونات دولار في نهاية العام الجاري 2020.

لكن بقاء التعامل على شكله الحالي، وبأساليبه الحالية، لن يسمح لهذا الأمر بالنمو، لكن الفرصة المتاحة أمام توسيع التعامل الاقتصادي، سواء المالي أو الفعلي منه ممكن جداً، وأمامه فرصة ممتازة.

الأول أن النظرية الاقتصادية الإسلامية فيها جوانب إيجابية كثيرة، حيث إنها تشجّع على استخدام المال في الاستثمار وتفتح الباب على المتاجرة والمرابحة والمضاربة والمشاركة وغيرها من أدوات المال الإسلامية، وكل هذه تتنافى مع وجود سعر الفائدة التي تتعامل بها البنوك التجارية حول العالم.

ويوصف هذا السعر بأنه غير مأمون العواقب، ويجعل من النقود نفسها سلعة تنتج قيماً وهمية.

فالإسلام يعتبر المنفعة الحدّية (أو السعادة الناجمة عن زيادة الموجودات المالية بالدينار) صفراً، بينما هي موجبة، وتصل إلى نسب عالية في المجتمعات الرأسمالية. لذلك، عدم الاتجار بالنقود، وجعلها وسيلة تبادل، وحصرها بوظيفة التبادل، يقلل من فرص التحايل المالي.

ولقد أوجد لنا سعر الفائدة، سواء كان سعراً أو مصدر دخل، أدوات مالية ضارّة مثل "جانك بوندز" Junk Bonds (السندات التي لا قيمة لها) وأغرانا بالمضاربة غير المشروعة، وتحويل مدّخراتٍ كثيرة بعيداً عن الاستثمارات الحقيقية. وقد سبّبت هذه الأمور كلها انفجار الفقاعة في عام 2008، التي كادت تودي بالاقتصاد العالمي.

ومع أن الاقتصاديين أجمعوا على ضرورة مراجعة الأسس التي يقوم عليها نظام الوساطة المالية بأكمله بعد عام 2008، إلا أن أمراً كهذا لم يحدث.

إذاً، كان منع الأديان السماوية الثلاثة "الربا" في محله، وإنْ أتى لأسباب اجتماعية احتكارية، ولكن نتائجه على الاقتصاد الكلي لم تدرك تماماً إلا بعد الكساد العالمي الكبير عام 1929، أو قبل نحو 91 عاماً.

بالتالي، نحن بحاجةٍ إلى استثمار يردّ النقود إلى الغاية التي أنشئت من أجلها، وبهذا تتحوّل المدّخرات إلى استثمارات حقيقية، وتتحوّل الممارسات التجارية والمالية إلى وسائل لتمويل حاجات الناس الفعلية.

وأتساءل حتى الآن، في ظل النمو الكبير للاستثمارات المالية الإسلامية، لماذا لم نفكر في إنشاء بنك مركزي إسلامي، يقدّم النصح للبنوك المركزية الوطنية في تعاملها مع البنوك الإسلامية والشركات المالية الإسلامية فيها؟

ولماذا لا نسهّل حركة رأس المال الإسلامية بإنشاء بورصة إسلامية، تُتداول فيها الأسهم المقبولة وفق الشريعة؟

ولماذا لا تقام شركة، مثل علي بابا الصينية، أو أمازون الأميركية، للمتاجرة بين الدول الإسلامية عبر وسائل التواصل؟ ولماذا لا يُحدِث العالم الإسلامي منصةً إلكترونية للتبادل التجاري فيما بين أقطاره؟

ومن المطلوب أيضاً إنشاء جامعة إسلامية تكنولوجية، تُعنى بتطوير المبدعين، وزيادة محتوى الإنترنت الذي يقدّم معلومات موثقة عن المنتجات والخدمات والمواد الخام، والمهارات المتاحة في الدول الإسلامية، من أجل تطوير استخداماتها بين هذه الدول.

آن الأوان لكي نفعّل هذه النشاطات التي لن يقتصر الاهتمام بها على 1.8 مليار مسلم في العالم، ولكن على دول أخرى راغبة في التعاون مع هذه المنظومة.

المطلوب فقط أن نتجاوز خلافاتنا السياسية، ونفتح الباب للشعوب، لكي يتفاعل بعضها مع بعض، لأن قدراتها المجتمعة أفضل بكثير من قدراتها الفردية.

* د. جواد العناني سياسي وخبير اقتصادي، نائب رئيس الوزراء ورئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق.

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية