تفاصيل مخطط سليماني لمهاجمة القوات الأمريكية بالعراق قبل مقتله

الأحد 5 يناير 2020 12:20 ص

في منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول، التقي الجنرال الإيراني "قاسم سليماني"، مع حلفائه من الميليشيات الشيعية العراقية في فيلا على ضفاف نهر دجلة، قبالة مجمع سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في بغداد.

وبحسب اثنين من قادة الميليشيا ومصدرين أمنيين اطلعوا على الاجتماع وتحدثوا ل"رويترز"، أمر قائد "فيلق القدس" التابع الحرس الثوري حليفه الرئيسي في العراق "أبو مهدي المهندس"، وغيره من قادة الميليشيات النافذين بتصعيد الهجمات على أهداف أمريكية في البلاد باستخدام أسلحة جديدة متطورة مقدمة من إيران.

وجاءت جلسة الاستراتيجيات، التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقا، في الوقت الذي بدأت فيه الاحتجاجات الشعبية ضد النفوذ الإيراني المتزايد في العراق تكتسب زخما، وتضع الجمهورية الإسلامية في دائرة غير المرحب بوجودها في البلاد.

وبحسب مصادر مطلعة على الاجتماع، وسياسيين عراقيين شيعة ومسؤولين حكوميين مقربين من رئيس الوزراء "عادل عبدالمهدي"، فقد كانت خطط "سليماني" لمهاجمة القوات الأمريكية، تهدف إلى إثارة رد عسكري من شأنه أن يعيد توجيه بوصلة هذا الغضب المتزايد باتجاه الولايات المتحدة الأمريكية.

وأسفرت جهود "سليماني" عن إثارة الهجوم في نهاية المطاف في إثارة هجوم أمريكي، الجمعة، أودي بحياته و"المهندس"، ما مثل تصعيدا كبيرا للتوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران.

وقتل الرجلان في غارات جوية استهدفت موكبهما في مطار بغداد أثناء توجههما إلى العاصمة، ما وجه ضربة قوية للجمهورية الإسلامية والجماعات شبه العسكرية العراقية التي تدعمها.

وتقدم المقابلات مع المصادر الأمنية العراقية وقادة الميليشيات الشيعية لمحة نادرة عن الطريقة التي يعمل بها "سليماني" في العراق، والذي قال عنه ذات مرة لمراسل "رويترز" إنه يعرفه مثل ظهر يده.

وبحسب قادة في الميليشيات ومصادر بالأمن العراقي تحدثوا ا لـ"رويترز"، فقبل أسبوعين من اجتماع أكتوبر/تشرين الأول، أمر "سليماني" الحرس الثوري الإيراني بنقل أسلحة أكثر تطورا –مثل صواريخ كاتيوشا وأخرى تطلق من على الكتف ويمكنها إسقاط مروحيات- إلى العراق عبر معبرين حدوديين.

وذكرت مصادر من الميليشيات التي حضرت الاجتماع، أنه في فيلا بغداد، أخبر "سليماني" القادة المجتمعين بتشكيل مجموعة جديدة من الميليشيات شبه العسكرية –غير معروفة للولايات المتحدة- يمكنهم تنفيذ هجمات صاروخية على الأمريكيين الموجودين في القواعد العسكرية العراقية، وقد أمر "كتائب حزب الله" -وهي القوة التي أسسها المهندس الذي تم تدريبه في إيران- بتوجيه ومتابعة الخطة الجديدة.

وقال أحد مصادر الميليشيا لـ"رويترز"، إن "سليماني أخبرهم أن مثل هذه المجموعة سيكون من الصعب على الأمريكيين اكتشافها".

ووفق مسؤولين أمريكيين تحدثوا للوكالة، الجمعة، شريطة عدم كشف هويتهم "فقبل الهجمات، كان لدي المخابرات الأمريكية سبب للاعتقاد بأن سليماني كان ضالعا في مرحلة متقدمة لمخطط لضرب الأمريكيين في بلدان متعددة، بما في ذلك العراق وسوريا ولبنان".

وقال مسؤول أمريكي رفيع إن "سليماني" زود "كتائب حزب الله" بالأسلحة المتقدمة.

وقال "روبرت أوبراين" مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض للصحفيين يوم الجمعة، إن "سليماني" جاء لتوه من دمشق "حيث كان يخطط لشن هجمات على الجنود الأمريكيين والطيارين ومشاة البحرية والبحارة ودبلوماسيين".

ورفض مسؤول في مقر الحرس الثوري الإيراني التعليق، ولم يكن المتحدث باسم وزارة الخارجية متاحا للتعليق.

استخدام الطائرات المسيرة لتحديد الأهداف الأمريكية

أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تشعر بقلق متزايد إزاء نفوذ إيران على النخبة الحاكمة في العراق، والتي كانت تعاني منذ شهور من قبل المتظاهرين الذين يتهمون الحكومة بالحصول على الثروات، وخدمة مصالح القوي الأجنبية، وبخاصة إيران، بينما يقبع العراقيون في الفقر، بلا وظائف أو خدمات.

وكان "سليماني" يلعب دورا مهما في توسيع النفوذ العسكري لإيران في الشرق الأوسط، باعتباره العميل الذي يتولى العمليات السرية خارج إيران. وكان الجنرال البالغ من العمر 62 عاما يعتبر ثاني أقوى شخصية في إيران بعد المرشد الأعلى "على خامنئي".

"المهندس" وهو نائب عراقي سابق، أشرف على قوات "الحشد الشعبي"، وهي تجمع شبه عسكري يتآلف معظمها من ميليشيات شيعية مدعومة من إيران تم دمجها رسميا في القوات المسلحة العراقية.

وعلى غرار "سليماني" كان "المهندس" منذ فترة على رادار الولايات المتحدة الأمريكية، والتي صنفته كإرهابي في عام 200، بينما حكمت عليه محكمة كويتية بالإعدام غيابيا لتورطه في تفجيرات السفارة الأمريكية والفرنسية في الكويت عام 1983.

وقال أحد قادة الميليشيات لـ"رويترز" إن "سليماني" اختار "كتائب حزب الله" لتنفيذ الهجمات على القوات الأمريكية لأنه كان لديهم القدرة على استخدام الطائرات بدون طيار لاستكشاف أهداف لهجمات صواريخ الكاتيوشا. وكان من بين الأسلحة التي قدمتها قوات "سليماني" إلى حلفائها من الميليشيات العراقية في الخريف الماضي، طائرة بدون طيار طورتها إيران ويمكنها أن تتخفي من أنظمة الرادار.

ووفق مسؤولين أمنيين عراقيين يراقبان تحركات الميليشيات؛ فإن عناصر "كتائب حزب الله" العراقي استخدمت الطائرات بدون طيار لجمع لقطات جوية لمواقع نشرت فيها قوات أمريكية.

وفى 11 ديسمبر/كانون الأول، قال مسؤول عسكري أمريكي رفيع إن هجمات الجماعات المدعومة من إيران على قواعد تستضيف القوات الأمريكية في العراق تتزايد وأصبحت أكثر تعقيدا، مما دفع جميع الأطراف إلى الدفع نحو تصعيد لا يمكن السيطرة عليه.

وجاء تحذيره بعد يومين من سقوط 4 صواريخ كاتيوشا على قاعدة بالقرب من مطار بغداد الدولي، مما أسفر عن إصابة 5 من أعضاء قوات النخبة العراقية لمكافحة الإرهاب. لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم، لكن مسؤولا عسكريا أمريكيا قال إن تحليلات المخابرات الأمريكية والطب الشرعي للصواريخ وقاذفاتها تشير إلى أن جماعات الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، ولا سيما "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق".

وفي 27 ديسمبر/كانون الأول، أطلق أكثر من 30 صاروخا على قاعدة عسكرية عراقية بالقرب من مدينة كركوك شمالي العراق، ما أسفر عن مقتل متعهد مدني أمريكي وجرح 4 جنود أمريكيين وعسكريين عراقيين.

واتهمت واشنطن "كتائب حزب الله" بتنفيذ الهجوم، وهو ما نفته الأخيرة، ثم شنت الولايات المتحدة غارات جوية بعد يومين على الميليشيا، مما أسفر عن مقتل 25 مقاتلا على الأقل وإصابة 55 آخرين.

وأثارت الهجمات يومين من الاحتجاجات العنيفة من قبل أنصار الجماعات شبه العسكرية العراقية المدعومة من إيران، التي اقتحمت بدورها محيط السفارة الأمريكية ورشقوها بالحجارة، مما دفع واشنطن إلى إرسال قوات إضافية إلى المنطقة وتهدديها بالانتقام من طهران.

وحذر وزير الدفاع الأمريكي "مارك إسبر"، يوم الخميس –اليوم السابق للهجوم الذي أودي بحياة "سليماني"– من أن الولايات المتحدة قد تضطر إلى اتخاذ إجراءات وقائية لحماية الأرواح الأمريكية من الهجمات المتوقعة من الميليشيات المدعومة من إيران، قائلا إن قواعد لقد اللعبة تغيرت.

المصدر | رويترز + ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قاسم سليماني الجنرال قاسم سليماني خامنئي. قاسم سليماني اغتيال قاسم سليماني

من الحرب إلى الدبلوماسية.. إيران تدرس ردها على مقتل سليماني

نيويورك تايمز: ترامب تجاهل خلافات أمريكية على قتل سليماني

نائب عراقي يطالب بإخراج القوات الأمريكية وفاء للشهداء