«حركة الشباب» الصومالية وحروب أمريكا العابرة للقارات

الثلاثاء 7 يناير 2020 10:25 ص

«حركة الشباب» الصومالية وحروب أمريكا العابرة للقارات

الواضح أن العالم لم يتغير كثيراً أو عميقاً على جبهة حروب أمريكا العابرة للقارات.

وزارة الدفاع الأمريكية تعتمد منذ سنوات حرباً معلنة مفتوحة ضد حركة الشباب بعموم الصومال.  

حركة تنقلات القوات الأمريكية بالمنطقة ليست منفصلة التأثير ضمن التخطيط الجيوسياسي العريض للبنتاغون.

الحركة الجهادية قادرة على اختراق التحصينات الأمريكية والتسلل إلى عمق القاعدة العسكرية وإلحاق الأذى بالرجال والعتاد معاً.

أمريكا تحت إدارته لا تخرج من «حروب لا نهاية لها» كما وعد ترامب بل تخلق ساحات صراع جديدة تستتبع حروبا مستجدة!

*     *     *

وسط انشغال العالم بأخبار عملية الاغتيال التي نفذتها الولايات المتحدة في محيط مطار بغداد الدولي وأودت بحياة قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني ونائب رئيس «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، مرّ بصفة عابرة خبر الهجوم المباغت الذي شنته «حركة الشباب» الصومالية المتشددة ضد أهداف أمريكية في قاعدة ماندا باي التي تقع في منطقة لامو الكينية على الحدود مع الصومال.

لكن العملية تحمل دلالات خاصة عديدة، في طليعتها البرهنة مجدداً على أن هذه الحركة الجهادية ما تزال قادرة على اختراق تكنولوجيا التحصينات الأمريكية المعقدة والتسلل إلى عمق القاعدة العسكرية وإلحاق الأذى الشديد بالرجال والعتاد معاً.

الدليل على هذا سقوط ثلاثة قتلى أمريكيين وجرح آخرين وتدمير عدد من المروحيات والمركبات المختلفة حسب الرواية الرسمية الأمريكية، التي تتناقض تماماً مع خسائر أكبر أوردتها السلطات الكينية أو بيانات «الشباب».

وهذا رغم أنّ وزارة الدفاع الأمريكية تعتمد منذ سنوات حرباً معلنة مفتوحة ضد حركة الشباب في عموم الصومال، وقد شهد العام المنصرم 63 هجمة صاروخية أمريكية عن طريق الطائرات المسيرة، مقابل 47 هجمة مماثلة في سنة 2018، استهدفت كوادر الحركة وأنصارها.

دلالة ثانية هي أن الهجوم الأخير قد يعطل خطط البنتاغون لنقل وإعادة انتشار قرابة 200 عسكري أمريكي يتمركزون اليوم في كينيا، إلى جانب 100 متعاقد أمريكي مدني، وقد يؤجل حتى إشعار آخر تدابير أخرى كان وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر قد طلب دراستها بهدف إجراء تخفيض واسع وملموس في عديد القوات الأمريكية المنتشرة على نطاق غرب أفريقيا.

ورغم أن الصلة المباشرة منعدمة بين الهجوم على القاعدة الكينية والتوتر الشديد الراهن في مشهد العلاقات الإيرانية ــ الأمريكية، فإن حركة تنقلات القوات الأمريكية في المنطقة يصعب أن تكون منفصلة التأثير ضمن التخطيط الجيوسياسي العريض للبنتاغون.

الدلالة الثالثة هي أن الولايات المتحدة في عهد هذه الإدارة لا تخرج من «حروب لا نهاية لها» كما وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بل تخلق ساحات صراع جديدة تستتبع سلسلة حروب مستجدة.

ويستوي أن تكون صغيرة أو كبيرة، ومحدودة أم عابرة للقارات، ما دامت تنتهي دائماً إلى خلط الأوراق بمعنى التأجيج وليس التهدئة. وهذا بالطبع لا يقتصر على ساحات المواجهة العسكرية، بل يشمل السياسة والدبلوماسية والاقتصاد والتجارة والبيئة والعلاقات الدولية.

هنالك أيضاً دلالة رابعة تخص البلدان ذاتها التي تكون حاضنة التسخين الأمريكي وتقع في مرمى النيران وتتأذى من عواقبه مباشرة، كما هي حال العلاقات الراهنة بين الصومال وكينيا حيث يخضع البلدان لإملاءات السياسة الخارجية الأمريكية وعمليات «أفريكوم»، القيادة العسكرية الأمريكية الخاصة بأفريقيا، في ما يتصل بما تسميه واشنطن «الحرب على الإرهاب».

لكن نيروبي ومقديشو في حالة نزاع على جبهات أخرى تخص الحدود ومناطق استثمار النفط، وعجزت جميع الوساطات الأفريقية عن رأب الصدع بين البلدين، كما أن إدارة ترامب لم تكترث في هذا الملف إلا على ما يخدم المصالح الأمريكية حصرياً.

صحيح أخيراً أن العالم تغير منذ آب/ أغسطس 1998، حين استُهدفت السفارة الأمريكية في نيروبي فسقط 213 قتيلاً وقرابة خمسة آلاف جريح، لكن من الواضح أنه لم يتغير كثيراً أو عميقاً على جبهة حروب الولايات المتحدة العابرة للقارات.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

مقتل 8 عسكريين في الصومال بهجوم لحركة الشباب