نيويوررك تايمز: هل يجب أن تقلق أمريكا من حرب سيبرانية مع إيران؟

الأربعاء 8 يناير 2020 12:28 م

في أعقاب القتل الأمريكي للجنرال الإيراني الكبير "قاسم سليماني"، والانتقام الإيراني يوم الثلاثاء ضد الموظفين الأمريكيين في العراق، يتساءل الكثيرون عن الدور الذي ستلعبه الحرب السيبرانية.

إن الهجمات السيبرانية بالتأكيد تعقد الأمور، يمكن لدولة قد لا تتمكن من مهاجمة الولايات المتحدة بطائرة أو صاروخ أو غواصة أن تستخدم هجومًا إلكترونيًا لضرب أهداف على الأراضي الأمريكية.

وبما أن أكثر الأهداف شيوعًا هي شبكات الكهرباء المدنية والمستشفيات وإمدادات المياه والبنية التحتية للنقل، فإن الحرب الإلكترونية تهدد المواطنين بشكل غير متناسب، وهو ما يربط السياسة الخارجية الأمريكية بالحياة اليومية للأمريكيين العاديين، وهذا أمر لديه القدرة على تحويل الأزمات الخارجية إلى شواغل محلية عاجلة.

لذا فليس من المفاجئ أن يكون الأمريكيون العاديون أكثر انزعاجًا من شبح الهجوم السيبراني أكثر من التهديد البعيد المتمثل في أي هجوم إيراني في العراق أو السعودية أو (إسرائيل).

لكن في حين أن سيناريوهات "يوم القيامة" (من الهجمات الإلكترونية الإيرانية التي تتسبب في تدمير البنية التحتية المعتمدة على الأنظمة الإلكترونية مثل الشبكات الكهربائية أو الخدمات الصحية) مثيرة للقلق، لكنها تمثل إلهاءً.

تعد طهران طرفًا فاعلًا وقادرًا على الإنتاج في عالم الحرب الإلكترونية، ولكن ليس لديها أي قدرة مثبتة على إحداث أضرار مادية واسعة النطاق من خلال عمليات التشغيل عبر الإنترنت.

وسط التوترات الحالية، يجب ألا تركز الولايات المتحدة اهتمامًا لا مبرر له على الهجمات الإلكترونية المحتملة من جانب إيران، فالتاريخ الحديث يؤكد أنه بالرغم من شن إيران هجمات إلكترونية على السدود الأمريكية والأنظمة المالية والشبكات الحكومية، لكن تأثيرها كان قصير الأجل ومحدود نسبيًا في نطاقه ويمكن عكسه.

كانت واحدة من أكثر الهجمات الإلكترونية الإيرانية المعروفة على النظام المالي الأمريكي، عملية "أبابيل" التي استهدفت بعض أكبر المؤسسات المالية في البلاد، بالإضافة إلى بورصة "ناسداك"، لكنها أثرت لفترة قصيرة على وصول العملاء إلى حساباتهم.

حتى إن الهجوم الإلكتروني الإيراني الأكثر نجاحًا هجوم "شامون" على شركة "أرامكو" السعودية، أكبر شركة نفط في العالم، والذي قام بمحو المعلومات من آلاف أجهزة كمبيوتر الشركة وكلف ملايين الدولارات لكنه كان له تأثير محدود على أسعار النفط أو المعروض العالمي من النفط.

دمرت هذه الهجمات البيانات، وأحيانًا يمكن أن يتسبب تلف البيانات أو فقدان السيطرة عليها في حدوث تداعيات مادية، كما يحدث عندما تسبب فايروس Stuxnet، وهو برنامج تديره الولايات المتحدة و(إسرائيل)، في أضرار جسيمة لأجهزة الطرد المركزي النووية الإيرانية.

ومع ذلك، نظرًا لأن نقاط الضعف الرقمية شديدة الانتشار ولأن الشبكات معقدة للغاية، فإن عددًا قليلاً جدًا من الهجمات السيبرانية يمكن أن تسبب أي أضرار مادية فورية لجزء كبير من السكان الأمريكيين، ولكن يصعب على الهجمات الإلكترونية تدمير الأشخاص.

تشير الأبحاث الحديثة إلى أن آثار الهجمات الإلكترونية يجب أن تكون واسعة النطاق من أجل التأثير على الرأي العام الأمريكي، ويقل احتمال دعم الأمريكيين للانتقام من الهجمات الإلكترونية بدرجة كبيرة مقارنة بالضربات الجوية، حتى لو تسبب كلاهما في نفس الضرر.

في لعبة حرب عام 2017، التي أجريت مع قادة من 14 قطاعًا أساسيًا في البنية التحتية، وجدت كلية الحرب البحرية أن الهجمات الإلكترونية الأكثر تدميراً هي التي أدت إلى طلبات الانتقام.

تشير هذه النتائج بقوة إلى أن الهجمات الإلكترونية الإيرانية يجب أن تصل إلى درجة عالية للتأثير بشكل كبير على استعداد الولايات المتحدة لاستخدام القوة في المنطقة.

وفي الواقع، فإن الضربات الجوية الأمريكية في العراق، والضربات الإيرانية بدون طيار والصواريخ في المملكة العربية السعودية، قد تجاوزت بالفعل الآثار العنيفة لأي هجوم سيبراني في التاريخ.

يُعد التركيز على الآثار المدمرة للهجمات الإلكترونية إلهاء عن الخطر الحقيقي المتمثل في التصعيد، فالقوات العسكرية في حالة تأهب قصوى في المنطقة وقد تطلق النيران على بعضها البعض عن غير قصد أو تعبر الخطوط الحمراء باتجاه حرب شاملة.

إن التهديد السيبراني الإيراني الذي يجب على الولايات المتحدة أن تهتم به هو الطرق التي تبطئ عملياتها عبر الإنترنت مثل التي تشوه المواقع الإلكترونية، وتغير الاتصالات العسكرية وتدير حملات التأثير على وسائل التواصل الاجتماعي لإحباط الأنشطة الأمريكية في المنطقة.

في المدى القصير، ستعيق هذه الأنواع من العمليات عبر الإنترنت، على نطاق صغير ولكن بشكل غزير، القدرات الأمريكية على التغلب على الأزمة.

بالنسبة للجيش المعتمد رقميًا مثل أمريكا، فإن مثل هذه الهجمات الإلكترونية تحط من الثقة في أنظمة الملاحة والاتصالات واللوجستيات، ما يبطئ ويربك العمليات الموضعية الدقيقة التي يتعين على الولايات المتحدة تنفيذها للحد من التصعيد غير المقصود.

لكن الآثار الحقيقية للتشغيل الإلكتروني الإيراني لن يتم الشعور بها في الأزمة المباشرة؛ وبدلاً من ذلك، ستشكل توازن القوى على المدى الطويل بين إيران والولايات المتحدة.

إن عمليات الإنترنت السيبرانية منخفضة المستوى والغزيرة الإنتاج تقوض المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية الأمريكية.

قدّر تقرير "مجلس المستشارين الاقتصاديين" بالبيت الأبيض لعام 2018 أن عمليات التشغيل الإلكتروني كلفت الاقتصاد الأمريكي ما يصل إلى 100 مليار دولار في عام 2016.

تنفق الشركات الصغيرة في المتوسط 200 ألف دولار في السنة على النفقات المتعلقة بالأمن السيبراني، ويمكن أن يكون التهديد موجودًا لبعض الصناعات، المعتمدة على ثقة العملاء في سلامة بياناتهم.

كما أن ارتفاع عمليات اختراق البيانات عبر الإنترنت واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي يهددان العمليات الديمقراطية الأمريكية.

إيران مشارك نشط في هذه الأنشطة، ما يضخم انقساماتنا للتأثير على السياسة الداخلية والخارجية الأمريكية.

والخبر السار هو أن الولايات المتحدة بدأت بالفعل في التعامل مع هذه التهديدات السيبرانية طويلة الأجل، ولا ينبغي للأزمة الحالية أن تعرقل هذه الجهود.

حوّلت استراتيجية الفضاء الإلكترونية لعام 2018 لوزارة الدفاع، التركيز من ردع الهجمات الإلكترونية المدمرة إلى بذل جهد نشط لتخفيض الإمكانيات الإلكترونية لإيران (والدول الأخرى) بشكل استباقي.

لكن الاستجابة لمثل هذه التهديدات السيبرانية يجب أن تتجاوز وزارة الدفاع، ينبغي أن تواصل وزارة الأمن الداخلي نشر معلومات تهديدات الإنترنت السيبرانية في الوقت المناسب للقطاع الخاص.

وعلى الحكومة أن تساعد الشركات الأمريكية في تحمل التكاليف المترتبة على الهجمات الإلكترونية الإيرانية، خاصة تلك الناجمة عن التوترات الحالية.

تؤثر عمليات التشغيل عبر الإنترنت على قدرة الولايات المتحدة على تحقيق أهدافها الاستراتيجية، محليًا وخارجيًا، لكن هذه الطريقة من الهجوم لن تدفع الأزمة الحالية نحو الحرب.

المصدر | نيويورك تايمز - ترجمة الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حرب سيبرانية العلاقات الإيرانية الأمريكية الجيش الأمريكي

السعودية تطلق أكاديمية للأمن السيبراني والتقنيات المتقدمة

هكذا تربح إيران وتخسر إسرائيل والخليج من اغتيال سليماني

هجمات سيبرانية روسية وإيرانية تستهدف جامعات بريطانية تحاول إنتاج لقاح كورونا

مايكروسوفت: هجمات إلكترونية إيرانية على شخصيات شاركت في قمة بالسعودية

تفاصيل مثيرة.. حرب سيبرانية شرسة تستهدف الاحتلال الإسرائيلي ضمن طوفان الأقصى