ستراتفور: هل يحقق الدعم التركي النصر لحلفاء أنقرة في ليبيا؟

الجمعة 10 يناير 2020 07:15 م

بعد أن تعرّضت حكومة الوفاق الوطني الليبية للضغط بسبب تقدم قوات الجنرال المتقاعد "خليفة حفتر"، التي تُعرف باسم "الجيش الوطني الليبي"، شعرت بالحياة تدب فيها من جديد، عبر الشريان القادم من أنقرة عبر البحر المتوسط، حيث تخطط تركيا لإرسال قوات خاصة وطائرات بدون طيار وغيرها من المساعدات إلى طرابلس.

ولكن في حين أن الدعم العسكري التركي سيساعد في إبقاء حكومة "الوفاق الوطني" في طرابلس في وضعٍ يضمن لها البقاء جزءا من أي نظام سياسي ليبي في المستقبل، فمن غير المرجح أن يسهم هذا الدعم بما يكفي لوقف هجوم "الجيش الوطني الليبي" الشامل على المدينة تماما.

والأهم من ذلك، من المرجح أن يستجيب مؤيدو " حفتر" لخطوة تركيا عبر زيادة الدعم لقواته. ويعني هذا أن مشاركة أنقرة في ليبيا على المدى الطويل تواجه خطرا كبيرا في مواجهة الدعم الأوسع الذي يتلقاه "حفتر".

  • "حفتر" يراهن على الوقت

وعندما شن "حفتر" هجومه باتجاه طرابلس، في أبريل/نيسان 2019، كان ينوي أن تسيطر قواته على طرابلس قبل أن تتمكن القوات الموالية للحكومة من تجميع نفسها للدفاع عن المدينة.

علاوة على ذلك، أعرب "حفتر" عن أمله في أن تنهار المليشيات في منطقة طرابلس الشمالية الغربية، وأن ينضم بعضها، مثل السلفية المدخلية، إلى حملته ضد جيش حكومة الوفاق الوطني والجماعات المقاتلة الأخرى. لكن سرعان ما انهارت خطط "حفتر" الميدانية، حيث سارع خصومه إلى الحشد والتعبئة بتنسيق أكبر مما كان متوقعا. لكن بعض السلفيين المدخليين في سرت ساعدوا "الجيش الوطني الليبي" في استيلائه على تلك المدينة في 6 يناير/كانون الثاني.

وقبل الهجوم الذي شنه "الجيش الوطني الليبي"، كان دعم تركيا لحكومة الوفاق متواضعا. ولكن مع اكتساب هجوم "حفتر" قوة دفع أكبر، ورفض الداعمين الغربيين لحكومة الوفاق تقديم دعم عسكري وسياسي كبير للحكومة المعترف بها دوليا، تقدمت أنقرة بمزيد من التدريب والمعدات للحكومة في مايو/أيار 2019، بما في ذلك طائرات "بايراكتار تي بي 2" بدون طيار، ومركبات "كيربي 4 × 4 إم آر إيه بي".

ولم يؤد وصول الدعم التركي إلى تعزيز القوات المناهضة لـ "حفتر" بدرجة كافية للدرجة التي توقف هجوم "الجيش الوطني الليبي"، بل أعادت فقط السيطرة على "غريان"، التي كانت نقطة انطلاق لهجوم "حفتر" في طرابلس في يونيو/حزيران 2019.

وقرر "حفتر" ومؤيدوه عدم الخضوع للتدخل التركي الأكبر، لأن تجميد الهجوم أو التخلي عنه تماما ينطوي على خطر خسارة تحالفاته. وقد استثمرت دول مثل الإمارات ومصر في "حفتر" لأعوام، وتشعر بأنها ليس لديها خيار سوى الاستمرار في دعمه.

وردا على تحرك أنقرة، زادت أبوظبي والقاهرة من دعمهما لـ "حفتر"، بنقل المزيد من الأموال، وتقديم المزيد من الدعم الجوي، وشحن المزيد من الأسلحة، بما في ذلك أنظمة صواريخ "بانتير"، وطائرات "وينج لونج"، وهي الخطوة التي جعلت الصراع الليبي يصبح أول ميدان قتال بالوكالة بين الطائرات بدون طيار.

وفي غضون ذلك، استأجر "حفتر" المزيد من المرتزقة السودانيين لحماية البنية التحتية، وتوفير قوات أخرى للهجوم. واستفاد زعيم "الجيش الوطني الليبي" أيضا بشكل كبير من مجموعة "فاجنر" الروسية، التي نشرت مرتزقة على خط المواجهة في طرابلس في سبتمبر/أيلول 2019.

وقد منح هذا الدعم المضاعف لـ "حفتر" قواته ميزة نوعية. فمرتزقة "فاجنر"، على سبيل المثال، مجهزون ومدربون جيدا، في حين أن المعدات التي حصلت عليها قوات "حفتر" أكثر قدرة بكثير من تلك التي حصلت عليها حكومة الوفاق من تركيا.

على سبيل المثال، يمكن أن تحمل طائرات "وينج لونج" 8 أضعاف وزن الذخائر التي تحملها "بايراكتار تي بي 2". علاوة على ذلك، تغطي مجموعة "وينج لونج 2" جميع أنحاء ليبيا، على عكس الطائرات التركية التي بالكاد تغطي النقاط الساخنة في غرب ليبيا.

وفي نهاية المطاف، سمحت الطائرات بدون طيار من طراز "وينج لونج 2"، وكذلك الطلعات الجوية الإماراتية والمصرية، لـ "حفتر" وحلفائه، بقصف القوات البرية في طرابلس ومصراتة، وضرب أهداف جوية استراتيجية مثل مطار "معيتيقة" في طرابلس، وكلية مصراتة الحربية.

  • هل تنقذ تركيا حكومة الوفاق الوطني؟

وكجزء من اتفاقية نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بين حكومة الوفاق الليبية وتركيا، التي صدق عليها البرلمان التركي في 2 يناير/كانون الثاني، وافقت أنقرة على إرسال المزيد من المعدات، بما في ذلك الطائرات بدون طيار والعربات القتالية، وكذلك تدريب قوة نخبة ليبية يمكنها الانتشار بسرعة لمناطق مختلفة. لكن من غير المرجح أن ترسل تركيا وحدة كبيرة من القوات المقاتلة إلى ليبيا، مفضلةً بدلا من ذلك كتيبة من قوات العمليات الخاصة.

بالإضافة إلى ذلك، قد ترسل تركيا مشغلي وفنيي الأنظمة التي تنقلها إلى البلاد. وقد تجعل عمليات النشر هذه "حفتر" حذرا من استمرار الغارات الجوية المتكررة في المناطق التي توجد فيها القوات التركية، حيث من المؤكد أن أنقرة سترد بشكل أكبر إذا قتل "الجيش الوطني الليبي" جنديا تركيا.

وبطبيعة الحال، ينطبق الأمر نفسه على المقاولين العسكريين الروس، الذين سيتعين عليهم حساب مخاطر الهجمات الكبيرة على الخطوط الأمامية إذا كان المستشارون الأتراك وقوات العمليات الخاصة التركية في المنطقة.

وربما يكون النشر المحتمل الأكثر إثارة للاهتمام هو ما قيل عن نشر متمردين سوريين مدعومين من تركيا في ليبيا. وأشارت عدة تقارير إعلامية إلى أن تركيا تخطط لإرسال متمردين إلى ليبيا، بما في ذلك أعضاء فرقة "السلطان مراد"، و"كتائب صقور الشام" و"فيلق الشام".

ولبعض هذه الجماعات، مثل "فيلق الشام"، صلات مع ليبيا تعود إلى عام 2012، عندما قامت الميليشيات الليبية بنقل الأسلحة والمقاتلين إليها. وإذا كان هذا صحيحا، فإن نشر مجموعات سورية بدلا من القوات التركية القتالية سيمنح أنقرة طبقة إضافية من الحماية من سخونة معركة الخط الأمامي، بشكل يشبه استخدام الكرملين للمرتزقة الروس.

حدود مساعدة أنقرة

لكن في حين سيسمح الدعم التركي لحكومة الوفاق بمقاومة هجوم "حفتر" على طرابلس، فلن يكون كافيا لكسب الحرب الأوسع. فمن ناحية، أثبت اتفاق حكومة الوفاق مع تركيا أنه خطأ كبير نظريا. فحتى قبل الاتفاق على نشر القوات التركية، انخفض الدعم الأوروبي لحكومة الوفاق بعد أن حددت الحكومة وتركيا ظاهريا الحدود البحرية بينهما في البحر الأبيض المتوسط ​​، مما أغضب الدول المجاورة، مثل قبرص ومصر واليونان، التي تخلت عن حيادها في النزاع الليبي لصالح "حفتر".

والأكثر من ذلك، فإن استخدام المتمردين السوريين، الذين يُشتبه في صلات كثير منهم بالمجموعات الجهادية، إضافة إلى الماضي المتقلب فيما يتعلق بحقوق الإنسان، فإنه انقلاب دعائي لصالح "حفتر" ومؤيديه، مثل الإمارات، الذين زعموا أن طرابلس موبوءة بالمتطرفين والإرهابيين.

علاوة على ذلك، فإن لدى أنقرة خيارات قليلة لزيادة القدرات الجوية في الدعم المقدم لحلفائها بشكل كبير. فصناعة الدفاع التركية، رغم أنها كبيرة، لم تطور أنظمة قابلة للنشر يمكنها منافسة "وينج لونج 2" أو "بانتير".

وقد تقوم أنقرة بشن هجمات من البر التركي بطائراتها من طراز "إف-16"، وتزودها بالوقود على طول الطريق من خلال الناقلات، ولكن القيام بذلك سيورط تركيا في صراع ليبيا بشكل أكبر، ويزيد من خطر الاستهداف المتبادل مع الإمارات بشكل مباشر.

نتيجة لذلك، من المحتمل أن يحتفظ "حفتر" وحلفاؤه بتفوقهم الجوي في ليبيا في الوقت الحالي. وحتى إذا طال الهجوم على طرابلس بسبب زيادة الدعم التركي، فإن "حفتر" مستعد للانخراط في هذه اللعبة الطويلة.

وكما هو الحال، سبق أن ضاعفت أبوظبي والقاهرة بالفعل دعمهما لـ "حفتر" في عام 2019 ردا على دعم تركيا لحكومة الوفاق الوطني. ونظرا للمنافسة الإقليمية الأوسع بين تركيا ودول مثل الإمارات ومصر، فمن المرجح أن يرد الاثنان مرة أخرى على مساعدة أنقرة لحكومة طرابلس.

ويظل رد فعل روسيا كإحدى علامات الاستفهام المتبقية، حيث قد تختار زيادة أو تقليل دعمها لـ "حفتر". ومع خروج تركيا في النهاية لضمان احتفاظ حكومة الوفاق بتأثير كبير في النظام السياسي الليبي، قد تستأنف أنقرة وموسكو حوارهما بشأن سوريا من خلال المحادثات حول ليبيا، مما يمهد الطريق لانسحاب مجموعة "فاجنر" من خط المواجهة في طرابلس.

لكن في حين أن مثل هذه التطورات، إلى جانب الجهود الأخرى التي تبذلها تركيا لدعم حكومة الوفاق، قد تعني على الأرجح أن أكبر مدينة في ليبيا لن تسقط في يد قوات "حفتر" في أي وقت قريب، فإنها ليست كافية للفوز في حرب البلاد الأوسع المستمرة منذ 9 أعوام. ومع استمرار الحرب، تجد أنقرة صعوبة أكبر في الهروب من التورط في مغامرة في شمال أفريقيا.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قوات حفتر حكومة الوفاق الليبية الاتفاق الليبي التركي

فرنسا تجدد رفضها إرسال قوات تركية إلى ليبيا

رئيسا برلماني مصر وطبرق يهاجمان تركيا