صفقة القرن.. كواليس السياسة ودلالات التوقيت

الاثنين 27 يناير 2020 07:59 م

أعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، الجمعة الماضي، أنه يعتزم الكشف عن خطة إدارته للسلام في الشرق الأوسط، المعروفة إعلاميا باسم "صفقة القرن" قبل يوم الثلاثاء المقبل.

وجاء إعلان "ترامب" مستبقا الزيارة المفترض أن يقوم بها كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي زعيم حزب الليكود "بنيامين نتنياهو"، و"بيني جانتس" زعيم حزب "أزرق أبيض"، إلى واشنطن لكي يناقشهما الرئيس الأمريكي في تفاصيل صفقة القرن المزعومة.

ويعد "نتنياهو" و"جانتس"، هما أبرز مرشحين في الانتخابات الإسرائيلية المقرر عقدها في مارس/آذار المقبل، وهي الثالثة التي تعقد خلال عام واحد بسبب فشل كلا الطرفين في حسم الأغلبية اللازمة لتشكيل حكومة، وتعثر جهود تشكيل حكومة وحدة.

و"صفقة القرن"؛ خطة سلام أعدتها إدارة "ترامب"، ويتردد أنها تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لمصلحة (إسرائيل)، بما فيها التنازل عن مدينة القدس الشرقية المحتلة، وحق عودة اللاجئين.

ومنذ إعلان "ترامب" اعتزامه الكشف عن صفقة القرن هذا الأسبوع، تطفو على السطح أسئلة عدة أهمها السؤال المتعلق بدلالة اختيار هذا التوقيت بالذات للكشف عن الصفقة المنتظرة.

دلالات التوقيت

توقيت الإعلان عن الصفقة الذي حدده "ترامب"، يأتي قبل 5 أسابيع من الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 2 مارس/آذار المقبل، كما يأتي بعد مرور 3 سنوات على وجوده في البيت الأبيض.

لا يمكن أيضا تجاهل أن "ترامب" قرر طرح الصفقة في وقت تعاني فيه (إسرائيل) من فراغ حكومي، حيث تعد الحكومة الحالية مجرد حكومة تسيير أعمال، وهو ما يزيد من حدة التكهنات حول سر الإصرار على طرح الصفقة في هذا التوقيت.

ويأتي على رأس هذه التكهنات أن "ترامب" يحاول بأي ثمن تقديم مساعدة لـ"نتنياهو" في الانتخابات، حيث يأتي الإعلان عن الصفقة في نفس اليوم الذي تنظر فيه لجنة بالكنسيت في مسألة الحصانة الممنوحة لرئيس الوزراء في اتهامات الفساد التي تلاحقه.

ويعضد هذا التهكن التسريبات حول الصيغ النهائية المتضمنة في الصفقة، والتي يمكن اعتبار الكثير منها إنجازات تاريخية لليمين الإسرائيلي.

كما يمكن القول إن الجانب الأمريكي تعلم درسا سياسيا من إرجائه الإعلان عن الصفقة انتظارا لنتائج الانتخابات الماضية التي لم تحسم الجمود السياسي في الدولة العبرية، ولهذا قرر الإعلان عنها قبل عقد الانتخابات الثالثة التي ستجري في مارس/آذار.

وفي حديثه الأسبوع الماضي للصحفيين على متن طائرته، ألمح "ترامب" إلى أن قراره بنشر الخطة، يوم الثلاثاء، جاء بسبب تكرار الانتخابات الإسرائيلية دون نتيجة.

وقال الرئيس الأمريكي: "كما تعلمون، ما وقف في طريقنا بالفعل هو أن الانتخابات يبدو أنها تستمر إلى الأبد".

وأشار إلى تكرار الانتخابات مع نتائج متقاربة، بما يمنع تشكيل حكومة مستقرة.

وقال: "لذلك بدلا من الجلوس وانتظار الفائز، قررنا دعوة كلا المرشحين"، أي "نتنياهو" و"جانتس".

وأضاف: "كلاهما يريد القيام بذلك، لذلك تم دعوة كليهما".

بنود الصفقة

ووفق صحيفة "هآرتس" العبرية، تمكن الصفقة (إسرائيل) من ضم جميع المستوطنات والسيطرة الكاملة على القدس، وفيما يتعلق بقضية اللاجئين، من المقرر أن تعرض الصفقة نوعا من التعويضات المالية، وهذا أمر لا يبدو أن دولة الاحتلال سوف تمانع فيما يتعلق به.

وأوضحت الصحيفة، نقلا عن مصادر إسرائيلية اطلعت على الصفقة، أنه سيتم الحفاظ بشكل أساسي على الوضع القائم الآن بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويتمثل ذلك بالاحتفاظ بالمستوطنات، والوجود العسكري في الضفة، وفي المقابل يمنح الفلسطينيون سيادة محدودة على غالبية الضفة، والتي ستكون أوصالها قد تقطعت بالمستوطنات بالفعل.

ورغم ذلك، ستكون هناك أجزاء من الصفقة يصعب على اليمنيين في (إسرائيل) تقبلها وعلى رأسها القبول بإقامة دولة فلسطينية، ولو كانت دولة صورية، بجانب تفكيك عدد من المستوطنات غير القانونية في الضفة.

وفيما يتعلق بالقدس، ستمنح الخطة للفلسطينيين، ما يمكن وصفه بالترضية الصغيرة، من خلال منحهم إمكانية إنشاء عاصمة في الأحياء الخارجية (البعيدة)، في الجزء الشرقي من المدينة، وهو عرض بعيد كل البعد عن خطط السلام التي مناقشتها في السابق.

الموقف الفلسطيني

في بداية تولي "ترامب" منصبه كانت القيادة الفلسطينية أكثر تفاؤلا بوجوده، ويلخص ذلك ما قاله مسؤول في السلطة الفلسطينية مقرب من الرئيس "محمود عباس"، أمام مجموعة من الصحفيين والباحثين في واشنطن، أن خلفية الرئيس كرجل أعمال يمكن أن تؤدي إلى مفاجئات كبيرة على صعيد عملية السلام.

وفي مايو/أيار 2017، التقى "عباس" مع "ترامب" في البيت الأبيض، وهناك أثنى الزعيم الفلسطيني على "ترامب" وأخبره أمام الكاميرات قائلا: "معك لدينا أمل".

غير أنه بعد شهر منذ ذلك، أعلن "ترامب" نقل السفارة الأمريكية في (إسرائيل) إلى القدس، وهذا ما جعل الفلسطينيين يدركون أن حديثهم إلى الرئيس الأمريكي لم يكن سوى مضيعة للوقت.

ولذلك فبالرغم من الغموض الذي يكتنف الصفقة في العديد من النواحي لكن ثمة نقطتين واضحتين تماما في هذه المرحلة، تتمثل الأولى في تخلي الإدارة الأمريكية عن فكرة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث تدور الدراما الحالية حول السياسة الإسرائيلية والأمريكية أكثر من أي شي آخر.

ويتمثل الأمر الثاني في الرفض الفلسطيني على المستوين الشعبي والرسمي للصفقة برمتها، فالرئيس الفلسطيني "محمود عباس"، سبق أن أعلن مرارا خلال العامين الماضيين، رفض الفلسطينيين لـ"صفقة القرن"، لأنها تُخرج القدس واللاجئين والحدود من طاولة التفاوض.

وفي المقابل أوقفت الإدارة الأمريكية في العامين الماضيين كل أشكال الدعم المالي للفلسطينيين، بما في ذلك مشاريع البنى التحتية والمستشفيات في القدس الشرقية، وقطعت التمويل عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

وقبل عامين كان صهر "ترامب" ومستشاره "جاريد كوشنر" قد قال في محادثاته الخاصة إنه سوف يجعل من الصعب على الفلسطينيين رفض صفقة القرن، ومع ذلك، لا أحد يشك قبل ساعات من إعلان "ترامب" المنتظر أن الفلسطينيين سيرفضون هذه الصفقة المجحفة بلا تردد.

المصدر | الخليج الجديد+متابعات

  كلمات مفتاحية

صفقة القرن «صفقة القرن» دعم «صفقة القرن»

هنية: جاهز للقاء عاجل مع فتح لمواجهة مؤامرة صفقة القرن

صفقة القرن تمنح الفلسطينيين دولة بلا سيادة ولن تقسم القدس

الجيش الإسرائيلي يستعد لتوترات ما بعد إعلان صفقة القرن

نتنياهو عن صفقة القرن: فرصتنا الأعظم على الإطلاق

وزير الدفاع الإسرائيلي يستبق صفقة القرن: لن نقبل بدولة فلسطينية

ترامب يكشف موعد الإعلان عن خطته للسلام.. ونتنياهو: فرصة القرن

لمواجهة صفقة القرن.. رام الله تدعو الجامعة العربية وحماس لاجتماعات عاجلة