أوراسيا ريفيو: من يريد تغيير النظام في إيران؟

الأحد 26 يناير 2020 10:24 م

من يريد تغيير النظام في إيران؟ أولاً وقبل كل شيء، هناك شرائح كبيرة من الشعب الإيراني تريد ذلك، حيث إن هناك دلالة للتقارير عن المظاهرات الجماهيرية المناهضة للحكومة على مدار الأشهر القليلة الماضية، والمدعومة بأدلة الفيديو.

الشعب

صحيح أن هناك تراجعا في حدة الاحتجاجات بعد اغتيال الجنرال "قاسم سليماني" في الثالث من يناير/كانون الثاني، مع غرق البلاد في حالة اضطراب عاطفي، حيث بدا لبعض الوقت كما لو أن المزاج العام قد تحول إلى دعم النظام في الحداد على فقدان الزعيم ذي الكاريزما لفيلق الحرس الثوري.

ولكن، بحلول 11 يناير/كانون الثاني، عاد المزاج إلى إدانة صريحة للنظام وقيادته، حيث أعقب إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية في 8 يناير/كانون الثاني ومقتل 176 مسافرًا بريئًا، أيام من التعتيم وإنكار المسؤولية من قبل المتحدثين باسم الحكومة.

وعندما أصبح الدليل واضحًا لدرجة لا يمكن إنكارها، قرر النظام نفسه أخيرًا الاعتراف بأن صاروخه قد دمر الطائرة، أظهرت مقاطع الفيديو الحديثة على الإنترنت الإيرانيين يمزقون ملصقات "سليماني" ويدعون إلى تنحي المرشد الأعلى "علي خامنئي"، وفقًا لموقع "الجزيرة نت".

الإدارة الأمريكية

من يريد تغيير النظام في إيران؟ حسناً، ليس الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، إذا أخذنا بتصريحاته العلنية.

ففي مؤتمر صحفي عقد في طوكيو في 27 مايو/أيار 2019، قال "ترامب": "نحن لا نبحث عن تغيير النظام، نحن لا نبحث عن أسلحة نووية"، مضيفًا أنه يعتقد أن الولايات المتحدة ستعقد صفقة مع إيران.

وفي 26 أغسطس/آب، أعلن "ترامب" أنه من السابق لأوانه الاجتماع مع دبلوماسي إيراني كبير، لكنه أصر على أن واشنطن لا تبحث عن تغيير النظام.

وفي يوم الجمعة 3 يناير/كانون الثاني 2020، أي بعد أقل من يوم من اغتيال "سليماني"، كرر "ترامب" أن أمريكا لا تسعى لتغيير النظام في إيران.

ومع ذلك، على الرغم من هذه التأكيدات المتكررة، ظهرت أدلة دامغة تشير إلى أن الإدارة الأمريكية قد أضعفت النظام الإيراني عن عمد إلى درجة قد ينهار فيها، وقد يكون هناك فرق دقيق بين الأمرين، لكن يبدو أن واشنطن تسعى إلى تعطيل النظام، بحيث يكون تغيير النظام هو الهدف النهائي.

تُظهر وثائق الحكومة الأمريكية المسربة، التي كشف عنها الصحفي "إيلي ليك" في 14 يناير/كانون الثاني على موقع وكالة "بلومبرج" الإعلامي، كم من الوقت، وإلى أي مدى كان كبار المسؤولين يفكرون بفعالية في تدابير تهدف إلى تعطيل النظام الإيراني.

فبعد إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار في يونيو/حزيران 2019، كتب مستشار أمني كبير لمستشار الأمن القومي آنذاك "جون بولتون"، ناسخًا مذكراته إلى كبار المسؤولين في وزارة الخارجية: "يجب أن يكون رد الولايات المتحدة صريحًا لإرسال رسالة مفادها أن الولايات المتحدة تحمل النظام الإيراني، وليس الشعب الإيراني، المسؤولية. وقد يشمل ذلك شيئًا ما كضربة موجهة ضد شخص مثل سليماني أو نوابه الرفيعين".

مرة أخرى في يونيو/حزيران، كان المستشار حريصًا على القول إن الرد الأمريكي "لا يحتاج إلى أن يكون على الأرض (في الواقع، لا ينبغي أن يكون كذلك)".

كانت نصيحته لرد الولايات المتحدة هو استغلال فقدان الشعب للثقة في الحكومة، واستنادًا إلى رد الفعل الشعبي الإيراني على محاولة النظام التستر على إسقاط الطائرة الأوكرانية المأساوي، خلص "ليك" إلى أن هذا التحليل قد أثبت صحته.

إن ما بدأ في نوفمبر/تشرين الثاني كاحتجاج على ارتفاع مفاجئ في أسعار الوقود بنسبة 50%، قد تنامى إلى غضب أوسع ضد الحكومة، وكان مما أغضب المتظاهرين الطريقة القاسية التي جرى التعامل بها مع الاحتجاجات.

ويُعتقد أن قوات الأمن قتلت ما لا يقل عن عدة مئات من المتظاهرين في حملة قمع وحشية، وجُرح مئات آخرون واعتُقل ما يصل إلى 7 آلاف شخص.

عمق الاستياء

هذه الموجة من الاحتجاجات ليست جديدة، ففي 12 يونيو/حزيران 2009، وبعد حملة ساخنة بين مرشح إصلاحي شعبي لمنصب الرئيس والرئيس آنذاك "محمود أحمدي نجاد"، خرج الإيرانيون بأعداد قياسية للإدلاء بأصواتهم، وبعد وقت قصير من إغلاق صناديق الاقتراع، أعلنت الحكومة أن "أحمدي نجاد" قد أعيد انتخابه بنسبة 64% من الأصوات.

أعقب الشكوك في النتائج مزاعم واسعة النطاق بتزوير الأصوات والانتخابات، وبدأت الحركة المسماة بـ"الحركة الخضراء" في تنظيم مظاهرات شعبية بأعداد لم يسبق لها مثيل منذ ثورة 1979، وأمر "خامنئي" الحرس الثوري بقمع المتظاهرين.

وخلال القمع الوحشي الذي تلا ذلك، قُتل أكثر من 100 شخص وأُلقي القبض على الآلاف لمواجهة المحاكمة، حيث تم إعدام الكثيرين.

بحلول نهاية عام 2017، أصبح من الواضح عدم تحقق الوعود التي أطلقها "حسن روحاني" عندما رشح نفسه للرئاسة، أي خلق وظائف جديدة، وتنفيذ إصلاحات اقتصادية، وتحسين حقوق الإنسان.

نتيجة لذلك اندلعت الاضطرابات في جميع أنحاء البلاد، وبحلول يناير/كانون الثاني 2018 كانت إيران مرة أخرى في حالة اضطراب، واندلعت المظاهرات والاحتجاجات في الشوارع في جميع أنحاء البلاد.

في البداية، ركزت الاحتجاجات على تدهور الوضع الاقتصادي، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع، وسرعان ما تحول هذا إلى معارضة للنظام بشكل عام، والقائد الأعلى بشكل خاص.

وعبر المحتجون عن معارضتهم بشكل خاص للمغامرات الخارجية التي انغمس فيها النظام، بما في ذلك التورط المباشر في الصراع في سوريا، والدعم العسكري واللوجيستي المكلف لـ"حزب الله" في لبنان، ولـ"الحوثيين" في اليمن ولـ"حماس" في غزة، واعتبرت المبالغ الهائلة التي أنفقت في هذه المغامرات الأجنبية على حساب الشعب الإيراني مباشرة.

أما بالنسبة لهذه الجولة الأخيرة من المظاهرات الجماهيرية المناهضة للحكومة، فيعتبرها "ترامب" ومؤيدوه دليلا على نجاح حملة "الحد الأقصى من الضغط" التي أطلقها عندما تخلى عن الصفقة النووية الإيرانية في مايو/أيار 2018.

إنها تشير إلى استياء واسع النطاق من النظام، ورغبة عميقة في التغيير الاقتصادي والسياسي.. فإلى أي مدى سوف يذهب "ترامب" لتسهيل مثل هذا التغيير؟

المصدر | نيفيليي تيلر | أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

خلافة خامنئي مقتل سليماني العلاقات الإيرانية الأمريكية

واشنطن تحذر الرياض: الحرب مع ايران مدمرة ولا نصر فيها