إسرائيل وصفقة القرن.. انتصار تاريخي أم تهيئة لانتفاضة جديدة؟

الثلاثاء 28 يناير 2020 10:49 م

رغم وصفها من قبل كثيرين داخل الدولة العبرية بأنها النصر الأكبر لـ(إسرائيل) منذ حرب الأيام الستة 1967، يرى آخرون أن "صفقة القرن" المزعومة، التي أعلنها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، مساء الثلاثاء، تنطوي على عواقب وخيمة على دولة الاحتلال، وتضعها على المحك في ظل وضع إقليمي مضطرب وتوترات آخذه في التصاعد.

و"صفقة القرن" المزعومة هي خطة تدعي واشنطن أنها مصممة لتسوية الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكنها في حقيقة الأمر لا تعطي الفلسطينيين كامل حقوقهم المعترف بها دوليا.

وتقترح الصفقة إقامة دولة فلسطينية على أجزاء من أراضي الضفة الغربية، وجعل القدس كاملة عاصمة لـ(إسرائيل)، وتجاهل حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين.

  • ثناء "نتنياهو"

من جانبه، أثنى رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته "بنيامين نتنياهو" بالخطة الأمريكية قائلا: "صفقة القرن هي فرصة القرن ولن نتنازل عنها".

وخاطب "نتنياهو" الرئيس الأمريكي، قائلا: "شكرا على كل ما فعلته من أجل إسرائيل، وآمل أن نتمكن غدا من مواصلة صناعة التاريخ".

ويعتبر "نتنياهو"، الذي يواجه 3 تهم فساد تم تأكيدها الثلاثاء وحملة انتخابية غير مضمونة العواقب، الصفقة بمثابة طوق النجاة له.

ويري زعيم حزب الليكود أنه يمكن تسويق بنودها باعتبارها إنجازات تاريخية لليمين الإسرائيلي من أجل حسم الانتخابات، التي ستجرى للمرة الثالثة خلال عام، لصالحه ودون الدخول في ائتلافات حزبية.

وفيما يتعلق بموقف "نتنياهو" من الصفقة، قال "ترامب" إن رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته أبلغه أنه موافق على الخطة كقاعدة للمفاوضات؛ ما يعني أن الأخير لم يقبل بالخطة بشكلها الكامل.

في هذا السياق، يدرك "نتنياهو" أن الخطة، ورغم أنها تمنح (إسرائيل) امتيازات تاريخية، فإنها ستلقى معارضة من قبل أنصاره من اليمينيين الأشد تطرفا، الذين يعارضون فكرة إقامة دولة فلسطينية ولو بشكل صوري.

ونتيجة لذلك، يبدو "نتنياهو" حذرا في إعلان قبوله للصفقة بشكل كامل خوفا من إثارة أنصاره المتشددين، وفي نفس الوقت فإنه لا يستطيع رفضها كليا خوفا من إغضاب "ترامب"؛ لذا فإنه يفضل إمساك العصا من المنتصف وترك الفلسطينيين يعلنون عن رفضهم للخطة أولا.

  • صفقة القرن أم صفقة العام

قبل يومين، غادر زعيم المعارضة الإسرائيلية "بيني جانتس" مطار بن غوريون في تل أبيب (وسط) متوجها إلى واشنطن؛ تلبية لدعوة من "ترامب" الذي أعلن أنه ينوي إطلاع الأول ومناقشته في تفاصيل "صفقة القرن" بصفته مرشحا بارزا لتولي منصب رئيس الوزراء عقب انتخابات مارس/أذار المقبل.

وفى وقت سابق أفاد "ترامب" بأن كل من "جانتس" ومنافسه "نتنياهو" يرغبان في إبرام الصفقة ويريدان السلام.

بدوره، اعتبر "جانتس" أن "صفقة القرن" كما نشرت قد تشكل أساسا للتفاوض مع الفلسطينيين والدول العربية الأخرى.

غير أن مراقبين إسرائليين سلطوا الضوء على أسباب من المفترض أن تشكل دافعا لكي يرفض "جانتس" الصفقة.

وفى هذا الصدد، تقول المحللة في صحيفة "هآرتس" العبرية "يائيل باتير" إن "هوية البائع تعد جزءا أساسيا من أي صفقة، فلا يمكنك أن تشتري سيارة مستعملة من شخص لا يملكها، وبهذه الطريقة يجب التعامل مع صفقة ترامب".

وذكرت أن "ترامب" يطرح الصفقة في السنة الأخيرة لولايته ويخسر في معظم استطلاعات الرأي لصالح المرشحين الديمقراطيين، ولهذا فإن الصفقة لن تكون "صفقة القرن"، ولكن "صفقة العام"؛ لأنها قد تكون آخر صفقة لـ"ترامب" وهو في البيت الأبيض.

لذا -وفقا لـ"باتير"- فإنه في حال جاء رئيس من الديموقراطيين إلى البيت الأبيض، فسيعارض بشدة أي عملية ضم للأراضي بشكل أحادي الجانب من قبل (إسرائيل)، وهو موقف الكثير من المرشحين الحاليين من الحزب الديمقراطي.

وخلصت الكاتبة إلى أن "صفقة القرن" هي مجرد "عقد للمنافع المتبادلة بين زعيمين فاسدين"؛ أي "ترامب" و"نتنياهو".

ونصحت "جانتس" بالبحث عن صيغة أخرى للتقارب والعودة إلى المفاوضات بدلا من أوهام اليمين المتطرف التي تصبو إلى ضم الأراضي بأي طريقة.

وأشارت إلي أن العودة للتفاوض تعد البديل المناسب لـ(إسرائيل) حال فوز الديمقراطيين الذين لديهم فرصة سانحة وجيدة للعودة إلى البيت الأبيض في غضون أقل من عام من الآن.

وذكرت الكاتبة أن "نتنياهو" حرق كل الجسور تقريبا مع الحزب الديمقراطي وقادته، وأن على "جانتس" أن يكون أكثر مسؤولية من ذلك.

  • أمن (إسرائيل) على المحك

في السياق ذاته، يرى الكثير من المراقبين الإسرائليين أن بنود الصفقة المجحفة للفلسطينيين سيتم توظيفها من قبل اليمينيين المتطرفين كأداة للمساعدة في ضم المزيد من الأراضي، ويشمل ذلك أجزاء من الضفة أو غور الأردن، ومن شأن هذا أن يجعل فرص السلام منعدمة.

كما لن تؤدي محاولة فرض الصفقة سوي إلى إشعال الاضطرابات وربما المخاطرة بنشوب انتفاضة جديدة، في ظل أنه من غير المحتمل أن تقوم دولة فلسطينية في ظل سيطرة (إسرائيل) بشكل كامل على القدس.

ويخشى هؤلاء المراقبون، أيضا، من أن يتم استغلال من قبل بعض التنظيمات المسلحة مثل تنظيم "الدولة" في الترسيخ لأفكارها، كما أنها تعد لحظة ذهبية بالنسبة لإيران للترويج لأجندتها في المنطقة.

ويرون، كذلك، أن "ترامب" مستعد للمخاطرة بأمن واستقرار (إسرائيل) وغيرها من الدول العربية والخليجية بالمنطقة من أجل تسويق الصفقة في أوساط الإنجيليين واليهود الأمريكيين في مسعى للفوز بولاية انتخابية جديدة، وأيضا مساعدة صديقة "نتنياهو" في تحقيق فوز حاسم في الانتخابات الإسرائيلية في مارس/أذار.

على صعيد متصل، اعتبر الباحث الإسرائيلي "عمي حيكوهين" أن "ترامب يكرس نظام الفصل العنصري في الضفة الغربية عبر صفقة القرن، تماما كما كان قائما في جنوب أفريقيا".

وأضاف الكاتب أنه إذا ضمت (إسرائيل) أجزاء كبيرة من الضفة الغربية فإن الأراضي التي ستسيطر عليها السلطة الفلسطينية ستصبح مثل البانتوستانات (مناطق منعزلة كان السود يسكنون فيها في جنوب أفريقيا تحت نظام الفصل العنصري).

وأردف "حيكوهين" مؤكدا أنه "لا يمكن لـ(إسرائيل) السيطرة على الضفة بهذا الطريقة دون المخاطرة برد فعل عنيف وتعريض اليهود الإسرائيليين للخطر، بخلاف رد الفعل الغاضب من المجتمع الدولي بسبب ضم أكثر من مليوني شخص".

وأعتبر الكاتب الطرح القائل بأن (إسرائيل) ستضم الأجزاء اليهودية فقط في الضفة الغربية مع تجاهل الحقوق المدنية والسياسية للفلسطينيين في الأماكن الأخرى بأنه مجرد وهم؛ لأنه "إذا اختارت إسرائيل مسار ضم الأراضي فهذا يعني إعطاء الحقوق الكاملة لجميع الفلسطينيين في الضفة وأنه لا يوجد حل وسط في هذا الأمر"، على حد وصفه.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

صفقة القرن «صفقة القرن» رفض صفقة القرن صفقة القرن. سلمان مؤامرة «صفقة القرن»

لمواجهة صفقة القرن.. رام الله تدعو الجامعة العربية وحماس لاجتماعات عاجلة

ردود أفعال متباينة حول صفقة القرن.. هذه أبرزها

الزهار: توحد الفلسطينيين حول المقاومة يسقط "صفقة القرن"